يا لسخرية الحياة وتفاهتها
يقول (ديل كارنيجي )في كتابه (دع القلق وابدأ الحياة) : إن الصغائر في الحياة الزوجية
يسعها أن تسلب عقول الأزواج والزوجات وتسبب نصف أوجاع القلب التي يعانيها
العالم ،ويستطرد :أن هذا علي الأقل ما أكده الخبراء ،فقد صرح قاض من قضاة
شيكاغو بعد أن فصل في أكثر من أربعين ألف طلاق بقوله :إنك لتجدن التوافه دائما
وراء كل شقاء يصيب الزواج0
ثم يبين لنا الغزالي في كتابه (جدد حياتك) : الواقع أن سوء التصور للأمور ،وشدة الإحساس بالكرامة
الخاصة،والمبادرة إلي تفسير أي تصرف بأنه احتقار لا يغسله إلا الدم
،وغير ذلك من التخيلات التي تضخم التوافه هو السبب الأول
لما تشهد وتقرأ من أحداث مروعة0
ويكمل: والعلاج؟00صقل مرآة الذهن بحيث تلتقط صورا حقيقية لما تحفل به الحياة
صورا لم تفسدها المبالغة،ولم يشوهها الهوي0
ثم الحكم علي هذه الصور في نطاق النظرة الرحبة .النظرة التي تضع النظائر
والنقائص في جوار واحد،فلا تنسي الخير إذا هاجها شر.
وبذلك يتلاشي أغلب ما يحسه المرء من شقاء ،وما يتورط فيه من أخطاء0
ولكن ، ولأنه الماس بالماس يقطع ،فقد استخدمت علاجا آخر ووجدته مبهرا : فكلما
ألم بيني وبين زوجي خلاف استقبلته بمنتهي الاستخفاف والليونة
أي بمنتهي السخافة والتفاهة أيضا.
قد يبدو الأمر مستحيلا ،ولكن ما وجدته من نتيجة يستحق المحاولة والمثابرة وجهاد النفس
إلي أن تصبح هذه الطريقة في مواجهة الخلافات البسيطة سمت للحياة0
وهذا الأسلوب في التعامل مع صغائر الخلافات يترك فرصة للغضب أو الخصام ليكونا
ذوا قيمة إذا ما اضطررنا إليهما للزجر عند حدوث خلاف يستحق ويستوجب ذلك 0
فإذا ما كان النقد والغضب عملة سائغة في البيت في كل حين وعند أي خلاف كبير
أو صغير ، يستحق أو لا يستحق لفقد الغضب أو الخصام قيمته أو صورته
التي قد تكون نافعة أحيانا وحتمية في بعض الظروف.
الآن ، وبعد أن كان النقد والعتاب ليس إلا حزن وثورة وبكاء من قبلي ، واستنكار
وضيق واختناق من قبل زوجي،أصبح الآن النقد والعتاب فرصة رائعة للضحك والسخرية المهذبة
،وفرصة أيضا للاعتذار الطائع و وعود الإصلاح أو الإرضاء المفعمة بالإصرار 0
هكذا بكل بساطة تصبح الحياة أسهل ،أقول دوما وأنتقد كل ما أريد قوله ونقده
،ولكن بطريقة ألطف علي نفسي وعلي نفسه وعلي حياة لن تستمر إلا باللين ، تنحني
مع كل استمالة بخفة ، لإنها وإن لم تفعل ووقفت أمام التيار القوي متصلبة متجمدة
سيكون مصيرها حتما الانكسار الغير قابل للإصلاح0
هكذا بكل بساطة تصبح الحياة بأيدينا وبإرادتنا الخالصة كما نريدها فلينظر كلنا ماذا يري
هكذا تصبح الحياة كما نريدها ونتوقعها ستكون
هكذا تصبح الحياة إذا ما أحسنا ظننا بالله عز وجل (أنا عند ظن عبدي بي فليظن
عبدي ما يشاء)
هكذا تصبح الحياة وكأنها أحيانا ليست إلا هدوء لا يشوبه إلا عطرخزامي0