الجمعة، ١ يناير، ٢٠١٠

صباح الخير يا طفلي العزيز


في مصر .. وفي القاهرة على وجه التحديد ومن منزلي المتواضع الكائن في زاوية مظلمة من الكوكب الأزرق .. أستيقظت النهاردة وأنا حزين .. يمكن لأن السماء والأرض كبروا سنة بحالها .. أو لأن عمري أتسرق منه سنه جديدة .. ويمكن لأني اصبحت  على وشك أنجاب طفل للعالم .. طفل من لحم ودم .. طفل محتاج أسم ووطن وأكل وشرب وحرية  ومستقبل .. لكني وفي المقابل  عارف أني مش حقدر أوفر له كل الأشياء دي 
عارف أن طفلي المسكين - زي ما اتعودت اوصفه خلال الفترة اللي فاتت .. مش حيلاقي عالم أفضل من اللي أالموجود .. ممكن يبقي أقوي .. أو أشجع .. أو أغني .. ممكن يبقي حي أكتر مني .. لكن للأسف مش قادر أحلم له بمستقبل  أفضل ..مش حقدر أحلم زي بتوع السبعينيات والستينيات بطفل جي لعالم قوي وشجاع وحر .. مش حقدر أحلم أنه حيكون المخلص للبشرية زي درامات اليوتوبيات الأشتراكية  .. مش حقدر أحلم له غير بأنه يكون  أنسان .. قادر يحب .. وقادر يجرب ويغلط ويتعلم من أخطاءه .. 
طفلي اللي حيوصل للعالم بعد كام شهر .. واللي معرفش إذا كان ذكر ولا أنثي لحد دلوقتي ... حاسس أني بحبه وأني خايف عليه من العالم ومن نفسي .

الأربعاء، ٧ أكتوبر، ٢٠٠٩

أهل المحبة

صوت عالي جي من الشارع .. صوت واثق .. صوت حي .. صوت شايل ريحة مصر بحواريها وشوارعها .. صوت قاهري حزين وخشن .. صوت تتخيل أنه مينفعش يركب على أي موسيقي وأن الكمان والساكس لا يمكن يقدروا يتحملوا شرقيته .. بس لأنه محمد عبد المطلب مفيش شيء حيقدر يمنعه من النداء على أهل المحبة ..

الإثنين، ٥ أكتوبر، ٢٠٠٩

حكاية قديمة


يحكي أن رجلاً كان له وجه صغير وقلب يسع العالم .. ويحكي أنه أحب ذات صباح بعيد امرأة .. وأنه كان يحب طلتها الخمرية ويحب أنفها المميز .. ويحكي أن جميع أصدقاءه رفضوا تلك العلاقة .. وأنهم تابعوا تلك الحكاية بقلق وتوجس .. ويحكي أن الرجل كان سليم الطوية يصدق كل ما يقال له ... حتى وعود الفراش ... ولكنه ذات شعر مساء انه غير قادر على تحمل الحياة معها لأنها كانت عنيفة وفظة .. كانت بخيلة وقاسية .. لا تمتلك سوي الصراخ واللعنات ... ولذلك فلقد تركها ورحل .. ويحكي أنه ظل لشهور طويلة يحلم بها وهي تبكي ويري دموعها وهي تنهمر من عيونها الملونة ... وكان يتسائل كل صباح بعدما يستيقظ من النوم ومرارة الحلم لم تزل عالقة بحلقة وبقايا النشيج تلوث روحه .. هل حقاً كانت تستحق هجره لها .. ألم يجرحها .. ألم يقتل بيديه روحها .. أليس بذلك قد تحول لقاتل ؟ ولكن وبعدما عاد للحياة وللأصدقاء حكي له الجميع عنها حكايات مريعة .. كيف أصبحت وكيف تتعامل .. كيف تحولت لعاهرة ..
عاهرة .. لكم شعر بالم عندما سمع تلك الكلمة .. شعر كما لو ان روحه تنتزع من بين ضلوعه .. وشعر بأن قلبه يرتج .. وبأنه ينزف ..يزنف حتى الروح

لكن ما قضي عليه حكاية ذكرها له صديقه بشكل عابر ..
قال :لقد كنت أراها ولمدة اسبوع وهي تمر من إلي جوار منزلي وتصعد لمنزل مجاور .. في الحقيقة لقد كنت أتظاهر أمام نفسي بأنها ليست هي خصوصاً بعدما سالتك عنها وأخبرتني أنها غير موجودة بالمدينة ... لقد كانت تذهب لمنزل عشيقها كل صباح وأنت تظن أنها مسافرة

عند ذلك الحد فكر الرجل : لو انها تحولت لعاهرة بعدما تركتني فلسوف يزداد أحساسي بالذنب تجاهها .. وأن كانت كذلك وهي معي فربما يقلل ذلك من ألم الذنب لكنه كاف لقتلي .. من المؤلم أن تشعر بالذنب ومن القاتل أن تشعر بالخيانة وظل الرجل يرحل بين اليقين والشك لا يرغب في التصديق أو الأنكار .. فقط قرر أن الحل الملائم هو ان يظل على الحافة فهناك فقط يمكن له الحياة دون ذنب أو خيانة .. فقط هناك يمكن للنسيان أن يزور أحلامه وأنتهت الحكاية ولكن لم يعد الرجل هو ذاته ولم تعد المراة كما كانت ...
تلك كانت حكاية قديمة لا تصلح سوي للذكري ولذلك فهي تزورني كل فترة لتذكرني أن النسيان له قوانين مختلفة عن قرارتنا وعن تصورتنا عن أنفسنا .

الجمعة، ٢٥ سبتمبر، ٢٠٠٩

كيفك يا حب

النهاردة قعدنا أتكلمنا .. أنا وهي .. هيه قالت .. وأنا سمعت.. فضلت تحكي عن الشعور الغامض بالحب .. وفضلت تحكي عن أوصاف ومشاعروسلوكيات مرتبطة بالحب وفي الأخر قالتلي مفهومها للحب :ـ

لا يوجد قبل الذروة ولو بخطوة ولايوجد بعد الذروة ولو بخطوة ما يمكن أن نطلق عليه الحب .. فهو ذروة كل المشاعر.. ذروة الأهتمام لشخص ما وبشخص ما .. ومصدر كل الرغبات في ممارسة الجنس مع شخص ما بعينه ودون سواه في هذا العالم ..فالحب هو قمة الأقتناع بأهمية شخص في حياتك ... أما ما قبله فهي مجرد مشاعر صداقة .. تتنوع صعوداً صوب الحب .. وما بعده يتنوع نزولاً صوب السكون والأشباع وعدم الشعور بجدوي العلاقة بل والكراهية.. ولذلك فالحب لا يوجد إلا في قمة خط بياني صاعد صوب ذروة وهابط صوب قاع

أما أنا فلقد ظللت في المناطق الرمادية .. أدور حول ذاتي .. وأبحث عن معني لا يرتبط بالنهايات المتعالية والأفكار المثالية والتخيلات الأحصائية والرسوم البيانية .. أبحث وأفتش عن معني الكلمة بعيداً عن مثاليات الرومانسية الهوجاء وبرودة الرياضيات الجافة .. لكني لم أجد .. على الأقل حتى الأن


03 Keefak Ya Hob - Gentle Rain.mp3

الجمعة، ١٨ سبتمبر، ٢٠٠٩

عارفة نفسي في أيه ؟

عايزة تعرفي أنا نفسي في أيه ؟ أقولك ....
نفسي أخد جايزة نوبل .. لدرجة أن كل مدة بقعد أحضر خطاب تسلم الجايزة .. طبعاً الخطاب بيختلف من فترة لفترة ومن مرحلة عمرية لمرحلة تانية .. لكن الثابت أني الخطاب بيتكتب مرة واحدة .. في البيت.. وفي مكان واحد بس .. فوق السرير ودماغي فوق المخدة وعنيا لازقة في السقف .. ولازم الدنيا تكون ضلمة ومفيش غير شوية أضواء خافتة جاية من الشارع مطبوعة على السقف ... وده عشان محدش يضحك عليه أو يسخر مني لو شافني وأنا بقول الحكم ... أوبأهجم أسرائيل وأمريكا .. أو وأنا بتكلم عن مفهوم الكتابة وخلاصة تجاربي اللي عمرها ما تمت ...
ونفسي كمان أبطل سجاير .. وأبطل ممارسة العادة السرية .. وأبطل أدمان النت .. والأفلام .. والمسرح ... والكلام في السياسة ... والتلفزيون .. وأبطل أخاف ... وأبطل تفكير وأعيش كما أي حيوان ... وياريت أبطل قراية الكتب .. والكتابة اللي ما منهاش فايدة وبتضيع الوقت ... نفسي أبطل أدمان ... أو كما قال عادل أمام : عايز أفوق يا طلبة ..
نفسي أبطل أحساسي بالإختلاف .. وبأني مش زي الناس .. ومشاعر الغربة عن العالم .. وعن مصر .. ونفسي أتعلم أحب عمرو دياب وشيرين وهيفاء ونانسي عجرم .. الخ .. وأبطل أسمع منير وعلى الحجار وفيروز وموسيقي الجاز وشوية الموسيقي الكلاسيك اللي ممكن يتسمعوا
وكما نفسي أعرف أحب .. كل الناس بتتكلم عن الحب .. وبتنظر له .. لكن عمري ما عرفته ...... عمري ما عرفت يعني أيه حب .. بس التعرف على حقيقة الحب ممكن يبقي مطلب عام .. فبلاش أتكلم عن أزمة عامة.
وعارفة نفسي في أيه كما ؟ .. نفسي أحس بالأمان .. نفسي أعرف أمشي في الشارع من غير أحساس بالقلق والقرف والتقزز والتوتر ...
نفسي أصرخ .. بس للأسف عمري ما عرفت حتى وأنا في الصحراء .. مابعرفتش أصرخ ... نفسي أغضب وأثور وأكسر وأشتم وأتف وألعن أبو الدنيا ..
نفسي أحس أن الناس بتحبني .. وأتأكد أنك بتحبيني أنا مش القشرة اللي حوليا؟!! .. ونفسي في الشمس تدخل الأوضة وتفتح الستارة وتصحيني كل يوم الصبح وتعملي شاي أو حتي قهوة وتحط لي على ترابيزة المطبخ وردة حمرا في زهرية بيضا صغيرة ...
وكمان كان نفسي .. أتعلم طيران ... وأتعلم الرسم .. ويبقي عندي فيلا صغيرة .... بس مش أي فيلا .. نفسي في فيلا شبه الفيلات اللي كانت موجودة في العباسية زمان .. واللي ممكن يكون لسه باقي منها كام واحد في العباسية ومصر الجديدة .. فيلا من دورين ليها مدخل صغير وبرج صغير معمول من الخشب والزجاج الملون فوق السطح .. ويكون مكان البرج فوق السلم .. وتخش الشمس الصبح تلون الفيلا بمليون لون ولون .. ويبقي للفيلا سور حديد قصير ... وبوابة صغيرة .. وجنينة متر في متر .. أتدفن فيها لما أموت .. وأسقيها كل يوم الصبح وازرعها ورد أحمر وياسمين أبيض ..
ونفسي أتكلم .. وأتكلم .. وأكتب رواية كبيرة .. ماكتبش فيها عن أي شيء خارج حدود ذاتي ... رواية أكتب فيها عن الخوف والقلق .. والأكتئاب والكام سنة اللي فاتوا .. رواية أكتب فيها عن نفسي .. من غير ما أخاف من اللي ممكن أشوفه .. من غير ما خاف ... من غيرقلق أو تفكير في النتايج حتى لو كان التمن أني أموت بعدها .. لانها في اللحظة دي ح تكون أنا .. أنا بكل المدن الخيالية اللي عرفتها و بكل التوتر .. وأكيد ح أكتب فيها عن الناس اللي عرفتهم .. رجاله وستات ... وأكتب فيها عن الكلاب الصغيرة البيضا الجميلة ... وعن الأرتباط العاطفي .. والجنس .. والأحلام .. وكل شيء ... وفي الأخر أكتب فيها عن ربنا .. وأكيد ح يجوبني ويرد عليا لو كان سامعني ...
وعارفة أحلي حاجة نفسي أعملها .. نفسي أبطل كسل ... نفسي أعرف أشتغل من غير ملل .. مش عشان الفلوس .. طبعاً هيه مهمه .. لكن عشان أحس بنتيجة ... مجرد جدوي لوجودي في الكوكب الصغير الأزرق ..
ونفسي أغير قصة حياتي .. ومكان ميلادي .. والمدارس اللي أتعلمت فيها .. وكل التجارب السلبية اللي مرت في حياتي ... وبالمرة يبقي عندي ألة الزمن اللي في رواية ويلز ... واعيش في زمن تاني .. وياريت يكون في المستقبل ... لاني ما بحبش الماضي .. أسكن في سفينة فضائية كبيرة .. وكل يوم أقبل كائنات جديدة .. وأتفرج على المجرة .. وممكن كمان أزور سديم النسر والنجوم العملاقة .. والكواكب.. وفي أخر الرحلة أشوف نفسي في الثقب الأسود وأختفي للأبد .. ولا كأني أتوجدت ...
ونفسي أستغل الهندسة الوراثية وأغير جيناتي .. ويبقي لي ضحكة أمريكاني .. ودأب ياباني .. وخيال لاتيني .. وذكاء أينشتين وموهبة شكسبير ودوستوفسكي ... ريحة رضيع .. وحيوية طفل عنده ثلاث سنين .. وفرحة مولود بصدر أمه بعد جوع .. وحرية .
وكما لو ممكن أبطل أبربش بعيني .. وأبطل أبص للسماء ... وأبطل أمشي بالطريقة دي .. وأبطل خبث .. وأقلع كل الأقنعة اللي ساحت على وشي وبقت مني وأنا منها ..
ونفسي أغني .. بس بصوت حلو ... وأرقص لحد ما اقع .. وأشرب بيرة لحد ما يغمي عليه ... وأسكر في ميدان التحرير ...
ونفسي أموت وأنا بأبتسم ....
ونفسي أعيش للأبد ...
عرفتي نفسي في أيه ؟..... نفسي أعيش

الخميس، ١٠ سبتمبر، ٢٠٠٩

مثل البشر


لأمثالي ... ونحن بالمناسبة أقلية ... طباع غريبة ومملة بل وغير محتملة للكثيرين ... فنحن نميل للهدوء .. صامتين .. مبتسمين ... نزحف بأقدامنا فوق الأرض لخوفنا من أن نقتلع من جذورنا دون أن ننتبه ... نميل في الصباح للكأبة ... ونجلس أمام شاشات الكمبيوتر لساعات وساعات دونما هدف حقيقي ... نعشق الجنس لكننا نشك دائماً في قدراتنا على الأستمتاع به دون شعور مضاعف بالغثيان والإنقباض الداخلي غير المبرر ..
وبالتأكيد لايعشق أمثالي الطعام .. كذلك فنحن نميل للقراءة كوسيلة مناسبة للهروب من الواقع والإلتصاق بالمستحيل ... وربما يدمن أمثالي السينما بداية من أفلام الكوميديات الرومانسية الأمريكية التي تحلق بنا إلي أعلى مراتب التوافق مع العالم ...
ونهاية بأفلام بازوليني التي تحمل قدرة على إدهاشنا وتحطيم أنماطنا البصرية والعقلية عن ألف ليلة وليلة وحكايات كانتبري ... الخ .

وسوف يميل أمثالي بالتأكيد نحو العلاقات المقلقة وتلك التي تكشف لهم عن خواء أرواحهم وسذاجتهم المفرطة تجاه العالم وقواعد ونظم المجتمع .
بالتأكيد سيحلم أمثالي بالطيران ... وبالتأكيد سيصابون بكوابيس الحصار التي يتحولون فيها لمطاردين ومحاصرين سواء أكان ذلك بسبب أو بدون ...
ومن المؤكد أن أمثالي يتحركون ببطء ويتجولون بين شوارع وسط البلد في القاهرة ... ويعشقون بعض المدن مثل الأسكندرية والمنيا وبورسعيد .... ويكرهون بعضها مثل الزقازيق وسوهاج ودمنهور ... ويقضون حياتهم باحثين عن روح المدن المصرية محاولين إيجاد الفروق الدقيقة بين جرجا وأبو حمص و مدينة النور والمعصرة .... لكن أمثالي دائماُ ما يفشلون .
ولأمثالي عادات مريعة ... فهم يدخنون للتخفيف من توترهم الزائد .. ويكرهون موسيقي فقراء المدن ( الأغاني الشعبية) ولا نستطيع تحملها حتي لو أشار إليه البعض على أنها كيتش أو حاول تمريرها تحت مسميات متثاقفة ...
نعشق ونكره ... ونميل وننفر .. ونقترب ونبتعد ..... وكأننا مثل باقي البشر ..... بل أننا نندهش عندما نكتشف أننا نشبه معظم البشر

السبت، ١٣ يونيو، ٢٠٠٩

أشياء مثل ذلك ...!

منذ عدة أشهر أصبحت أفقد السيطرة على ذلك الوجود الهش والسائل لحياتي .. منذ عدة أشهر صار من الممكن رؤية ذلك المستقبل المرسوم بعناية أنثي وتصميم رجل ... لكن وجودي القديم ورغم فقداني المتواصل له ولإذرع التحكم التي تصلني به ... لم يمت كما كنت أتوقع .. فقط تراجع إلي الظلمة وظل هناك .. ظل يعمل في دائب ونشاط .. بشكل يبدو مقلقاً للغاية .. خاصة إذ ما وضعنا في الاعتبار ذلك الأثر الدائم والمدمر على علاقتنا من ماضينا ....

أعرف أنني ملغز إلي حد بعيد .. وأعرف أن ذلك الماضي المشترك بيني وبينك عير كافي لتدمير تلك الحياة الصاخبة التي عشتها بين مدينتين وأن هشاشة عالمي القديم وسيولته ليست كافية لقتله ... أن علاقتنا تظل فوق لهيب لحظات لم نتشارك فيها ... لحظات خلقت منك ما أنت عليه وخلقتني .. 

أتدرين ... أحياناً ما أرغب في فضح كل شيء .. أحياناً ما أرغب في البوح بكل خطاينا السابقة في وجه العالم ... أحياناً ما أرغب في أجتراح تلك الغلالة الهشة التي تفصلنا عن ما نرغب فيه .. 

ملغز .... ملغز ... وهذا دليل فشل .. 

أرغب في أن أقول لك أشياء وأشياء وأشياء .. لكني لا أستطيع أن أخبرك بها ... فقط أستطيع أن أتفوه بأشياء من تلك النوعية ... أشياء مثل ذلك الهراء ..

الجمعة، ٣ أبريل، ٢٠٠٩

أنا وهي ... !

في الصباح .. أرتدي ملابسي وأستعد للخروج .. أقف أمام باب وأنا أحاول تذكر ذلك الشيء الهام الذي نسيت أمره ...
الغاز .. لا لقد أغلقته
المفاتيح .. لالالا أنها في جيبي 
المياة .... لا .. لا يوجد صوت خرير 
الأن أصبح من الممكن أن أغادر المنزل وأنا مطمئن .... لا شيء هام بالداخل ... لا شيء يخيفني داخل المنزل أو عليه 
أهبط الدرج ... وقرب بوابة العمارة أتذكر ... لقد نسيت زجاج نافذة المكتب مفتوح .. فأصعد بسرعة وقلق أفتح الباب وأدخل ... 
أغلق النافذة وأبحث بعيني عما يمكن أن أكون قد فقدته 
لا يوجد شيء هام ... بعض الأوراق طارت .. مجرد أوراق لاتحتوي على أي شيء خاص بالعمل .. فقط حكايتي معها !
فقط تاريخنا المشترك

الخميس، ١٥ يناير، ٢٠٠٩

العمل .. حق .. واجب .... أزعاج


يا سلام... لو أن العالم توقف فجاءة عن الدوران ... أو أنه وبقدرة قادر .. أصدر مجلس الأمن قرار بوقف كل أشكال العمل والحركة والفعل ... وأن كل واحد حيوصله الأكل في البيت بالأميل ... ويا سلام كمان لو كان ده مشفوع بالترفية والحرية والسلام العالمي.... ويا ريت يكون ده أخر قرار للمجلس ... خصوصاً أنه مبقاش ليه شغلانة ولا قيمة الأيام دي
أكيد عشان يحصل ده لازم نلغي الشركات الكبري .. لأنها كده مش حتشتغل .. وأكيد أربحها حتقل .. أو تنتهي ... وكمان لازم نخترع عدد لا نهائي من الرجال الآلين عشان يقوموا بكل أدورنا .. من الزراعة والصناعة وقيادة المركبات .. وحتى التمثيل السينمائي ... لأن السينما عمل هي كمان .. والممثل بيمارس عمل .
وكمان يا سلام .. يا سلام لو أن المقاهي تشتغل بالكمبيوتر .. تقعد على الكرسي وتكلم صاحبك ودوس على زر في الترابيزة  وتختار طلبك .. ولو كسلنا ممكن نبقي نطور المشروع ونخلي الكمبيوتر يستجيب للأوامر الصوتية ... المهم تطلب الطلب وبعد ثواني تنشق الترابيزة ويطلع ذراع ألي يقدم لك الطلبات .. ويتم التوصيل من خلال شبكة معقدة من المواسير والأنابيب اللي بتمر تحت الشوارع والحواري وبتلف حولين العالم سبع لفات ..  يشرط أنها تكون كمان غير قابلة للتهتك أو أنها تتقطع زي كابلات النت ... الأنابيب دي شغلتها الوحيدة أنها توصل الطلبات زي كابلات النت بالضبط ... وده بالطبع يشمل الشيشة لهواتها من الرجال والنساء والأطفال .. 
وبكده نبقي خلصنا مش من شغلانة القهوجي بس .. لا كمان خلصنا من شغلانة الزبون ... وممكن لو المشروع نجح نتخلص من الروائين والشعراء والكتاب المسرح والفنانين التشكلين .. والكمبيوتر يقوم بالعملية على خير ما يرام ... وزي ما النقاد بيقولوا ... النص هو جماع كل النصوص السابقة التي تم كتابتها منذ فجر التاريخ ... يبقي الكمبيوتر حيعرف يختار ويولف النصوص والألوان مع بعض ..
كمان نبقي نخترع لنا جهاز يطبخ ويغسل .. ولو كسلنا قوي أو تعبنا يقوم بالدور الجنسي مع الشريكة / أو شريك الحياة ... اللي ممكن يكون هو كمان تعبان ومشغل الجهاز الخاص بيه .... بس نبقي نخلي بالنا لحسن الأجهزة دي يحصلها أي خلل وتدور علينا .... 
ولو ضمنا الموضوع ده ممكن جداً تيجي اللحظة اللي نتخلص فيها من الجنس البشري كله ونستريح للأبد من قرفنا من وجود كائنات قادرة على ممارسة القتل المجاني ... زي قادة أسرئيل وجيشها ...  وكذلك حنبقي تخلصنا من الفقر والجوع والأمراض وبطريقة أكثر بساطة من طريقة أحمد فؤاد نجم والشيخ أمام اللي بيقترحوا قتل كل الجعانين لحل مشكلة الجوع في واحدة من أغانيهم .
.......................
بس لو أن العمل يصبح صديق وغاية ... لو أن الحياة تبقي بروعة الألعاب اللي في الكمبيوتر .. نمارسها بكل عواطفنا وبأروحنا ... من غير ما ننجرح  .. من غير ما نموت .. أكيد حنبقي في عالم حقيقي ... عالم ممكن فيه العمل يتحول من وسيلة أستعباد وقهر وأستغلال ... لغاية ... لمتعة .. 
أنا بحب عملي .. لكن بكره قدرته الهايلة على أزعاجي وعلى مطاردتي صبح وليل من غير ملل ولا كلل .. وبكره زميلي في العمل ... وبكره اللي بيشتغلوا شغلتي وساعات بحس أن وظيفتي لو أتلغت محدش حياخد باله غيري .. مش عشان حاجة غير أن المرتب حيقف.. بس الحمد لله لأن محدش واخد باله من الموضوغ ده غيري ..
وكمان بكره فكرة الكتابة لما تتحول لواجب مدرسي ... أو لما تكون من غير روح من غير أحساس .. من غير ما تحس بروحك وهي بتنور ... من غير ما تحس وأنت بتكتب بأنك بتكتشف قارة جديدة.. أرض بكر أول مرة أنسان يشوفها ... ومن غير كل ده يبقي مفيش فرق بين الكاتب والكتوبجي والباشكاتب والعرضحالجي ...
العمل .. حقي ومتعتي ... وعملية تعذيبي الدائمة

الخميس، ١ يناير، ٢٠٠٩

غزة.......


سينتابني الليلة حلم .... حلم عن حصار قوي وعنيف ضرب حول مدينة صغيرة .... وأنا سأكون في داخل تلك المدينة ... سأتجول في شوارعها وأنا أشعر بمزيج من الخوف والقلق بل ومرارة في الحلق ... سأسير في الشوارع المتخمة برائحة الجوع بعدما أتناول أخر وجبة ممكنة وبذلك تصبح حياتي على المحك مع أخر لقمة...

وسأسير بلا هدف وستأخذني قدماي إلي أسوار المدينة فأصعد السلم المؤدي لمراكز الحراسة وهناك سأتجول بين الحرس وكأني قائد عسكري .. بل أنني سأكتشف في لحظة ما وأنا هناك أنني قد أصبحت مرتدياً لسترة عسكرية .... ستأخذني الدهشة لكني سريعاً ما سأنخرط في عالمي الجديد .. سأقوم بواجبات الحراسة وأنا أطرح في داخلي ملايين الأسئلة .. عن ماهية ذلك الذنب الذي ارتكبته حتى يصير مصيري مرتبطاً بتلك المدينة المتداعية الأسوار ؟... وسأعجب من الكيفية التي أصبحت بها من الجنود ..؟ ولماذا ؟ سأسئل أي القوي المجهولة تلك التي تحاصر المدينة ؟ ماذا يريدون ؟أنهم يقفون هناك فقط كحقل ذرة – أسود اللون – ممتد في كافة الاتجاهات .... لم يبعث قائدهم برسالة ولم يطالب بتسليم المدينة ... فقط وقف هناك وسط جنوده ينتظر معهم اللحظة الحاسمة ...لحظة التداعي الأخير .... وعندما تحل تلك اللحظة المحتومة فإنهم سينطلقون كقطيع من الذئاب لينهشون جسد المدينة ... لعلي في دمشق أو حلب في زمن تيمورلنك ... أو خلف أسوار طروادة ... لعلي سقطت من السماء ككل أهل المدينة المنكوبة كي ما نحاصر ونقتل فحسب ... وكأن الله لم يخلقنا لأي شيء سوي لدور الضحايا ..
وفي لحظات الهجوم الكاسح من الأعداء .. وبينما الأسوار ستتداعي تحت قدماي سأحاول بكل الطرق رفع الأحجار ودفع السلالم الخشبية المسندة على السور كي ما يتسلقها جنود الأعداء .... كما أنني سأحاول الهرب وستأخذني موجات شجاعة وخيالات عن النصب الذي سيقام لي في ساحة المدينة وعن الحفل السنوي الذي سيعقد على شرفي في كل عام بعدما أحوز لقب الشهادة ... سأفعل كل ذلك في لحظة واحدة .. سيتحول جسدي لطابعة وتنطلق منه مئات النسخ مني لتقوم بكل الأدوار الممكنة .... 

وفي لحظة النهاية وبينما يندفع السيل الهادر من جنود الأعداء فوق جسدي المحتضر سأنظر خلفي ... ولشدة دهشتي سأجد العلم المصري هناك يرفرف .. وبيني وبينه سور وأسلاك شائكة و حرس وبوابات حديدية مغلقة ..سأدهش وسأموت في نهاية الحلم في غزة