عمر الهادي ..صحفي مصري وُلد في ولاية مبارك الثانية.
عمر الهادي ..صحفي مصري وُلد في ولاية مبارك الثانية.
asad — Sun, 2009/10/11 - 12:33am
وحده نظام مبارك يبقى بعيداً عن المحاسبة و خارجاً عن حسابات الزمن، فيما تتبرع كل الأطراف التي حاولت مناهضته يوماً بإعلان "المراجعات" –بإرادتها الحرة طبعاً.
نلتقي في هذه الحلقة بالمستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض وأحد أبرز رموز تيار الاستقلال في نادي القضاة.
قال سيادته في حوار مع الشروق إن المعارضة "استدرجت" بعض القضاة وإن الصحافة المستقلة "حرضتهم" ودفعتهم للإدلاء بأقوال تستفز الحكومة مما أضر بالقضاة.
وأضاف متحدثاً عن التصرفات السابقة التي هي محل "المراجعة" حالياً:
"هناك أمور تتعلق بما جرى فى تلك الفترة، ومنها اعتصام مجموعة من الشباب أمام مقر النادى تضامنا مع اعتصام القضاة بداخله، وقام هؤلاء الشباب بإغلاق الشارع أمام المواصلات، وأطلق عليها منطقة محررة، ورسم صور لرموز النظام حتى تمر عليها السيارات وهذا مرفوض، كما ردد بعض المتظاهرين عبارة «يا قضاة.. يا قضاة.. خلصونا من الطغاة»، فقد حملونا كل الأمور وفوق ما نطيق، وما لا يدخل فى اختصاصنا، فالقضاة مجموعة صغيرة محدودة التأثير ليس فى مقدورها تغيير النظام الحاكم كما أن ذلك يخرج من اختصاصها".
طيب مش كنتم تقولوا يا سيادة المستشار؟ ولا يعني احنا كان عاجبنا البيات على الرصيف ومواجهة الهجمات الليلية لأمن الدولة كل شوية؟
لم نحملكم فوق طاقتكم يا سيادة المستشار، ولم يقل لكم أحد اذهبوا فقاتلوا إنا هاهنا قاعدون، رفعنا إليكم آمالاً وأمنيات بوطن أجمل و كنا مستعدين لدفع أعمارنا ثمناً لها، وكانت أجسادنا دروعاً نذرناها لحمايتكم عن طيب خاطر. وكان آلاف المصريين يتحدون جحافل العسكر ويملأون وسط القاهرة دعماً لكم مع كل جلسة لمحاكمة المستشارَين محمود مكي وهشام البسطويسي؛ فيعودوا بعشرات الجرحى ومئات المعتقلين قبل أن يعيدوا الكرة في موعد الجلسة التالية، اعتصر الألم قلوبهم حين شاهدوا البسطويسي في المستشفى وبكوا مع دموع محمود حمزة بعدما اعتدى عليه كلاب مبارك أمام النادي، ولولاهم لكنت تتحدث الآن بوصفك القاضي السابق أحمد مكي –ضحية مذبحة القضاة 2006- .
وكان تحديد سقف المعركة وأولوياتها و مواقيتها في أيديكم يا سيادة المستشار، تحدثتم عن استقلال القضاء ونزاهة الانتخابات، ولم نطلب منكم شيئاً آخر، وليس ذنبنا أن المعادلة كانت كما شرحها لي ببساطة زميل لك في محكمة النقض وأحد أيقونات تيار الاستقلال:"إذا وجد في مصر قضاء مستقل وانتخابات نزيهة؛ فسينتقل حسني مبارك من قصر الرئاسة ليبيت ليلته القادمة في السجن".
كم كنت أحب ألا نهيل التراب على معاركنا القديمة، أن نحفظ لقضاة الاستقلال موقعة خاضوها بكرامة دفاعاً عن رسالتهم، ونحفظ لطليعة من أبناء هذا الوطن شرف حماية العدل بأجسادهم حين وجدوا رجال العدالة في مواجهة الطغيان؛ فهبوا لنصرتهم بغير نداء ولا انتظار جزاء، أن نحمّل المسئولية للمجرم الحقيقي بدل البحث عن كبش فداء من بيننا، وأن نحفظ لهذه الأمة المبتلاة حقها في المقاومة ومواجهة التوحش السلطوي بجهد من يستطيع من أبنائها، القوي منهم.. واللاجيء إلى ظل أخيه.
المجد لشباب المنطقة المحررة-الذين لم يقطعوا الطريق أمام المواصلات كما قال سيادة القاضي بعدما خانته ذاكرته _
شاهد وقائع فض اعتصام المنطقة المحررة وتمزيق علم مصر:
--
*العنوان لشاعر النيل حافظ إبراهيم
asad — Wed, 2009/09/23 - 2:37am
أتقدم للشعب البلغاري الصديق وللإنسانية جمعاء بالتهنئة على فشل مرشح النظام المصري في الوصول إلى رئاسة منظمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وأتمنى التوفيق للسيدة إيرينا بوكوفا في مهمتها.
كان على حسني مبارك أن ينتهي من دفع التعويضات لآلاف الحاصلين على أحكام لصالحهم في قضايا التعذيب أولاً قبل أن يطمع في إرسال الغلام المدلل ليدير ثقافة العالم في باريس. وإنت كنت آمل في أن يكون ترشيح فاروق حسني لليونسكو محاولة من أبي علاء لتأمين مصير فتاه الأثيره قبل أن يترك السلطة بعد أن قضى الوزير الفنان 22 عاماً بصحبة الرئيس الإنسان.والعشرة ما تهونش على العجل في بطن أمه.
أرجو من أبو علاء أن لا يقوم بترشيح الفاسدين والفشلة لتمثيل بلادي في المحافل الدولية مرة أخرى لأن سمعة مصر مش ناقصة، وأطفال الشوارع أولى بفلوس الدعاية والتلميع، والإنسانية ليست في حاجة إلى مزيد من العذاب، وأتوسل إليه أن يقبل استقالة فاروق حسني التي وعد بتقديمها حال فشله، وأن يتبع ذلك باستقالته هو شخصيا من رئاسة البلاد التي بدأ في حكمها قبل مولدي بسبع سنوات.
بلغاريا جمهورية برلمانية، يتم انتخاب الرئيس فيها مباشرة كل خمس سنوات، له الحق في تمديد رئاسته مرة واحدة. الرئيس هو أعلى سلطة سياسية في البلاد وهو قائد القوات المسلحة، البرلمان له الحق في الإعتراض على قرارات الرئيس عند حصوله على الأغلبية. يتم تسمية رئيس الوزراء من قبل رئيس الدولة، اعتمادا على نتائج الانتخابات النيابية.
السلام الوطني البلغاري:
asad — Sat, 2009/09/05 - 2:58pm
استدعى مكتب مكافحة جرائم الانترنت التابع لوزارة الداخلية المصرية الصحفي خالد البلشي –رئيس تحرير يومية البديل المتوقفة عن الصدور- للتحقيق معه اليوم السبت بشأن محتوى تعليقات نشرها مجهول على مدونة البلشي في 13 أبريل الماضي.
وقال البلشي إنه دُعي لحضور تحقيق غير رسمي بعدما تلقى مكتب مكافحة جرائم الانترنت بلاغاً من مسئول بإحدى شركات القطاع العام حول اتهاماتِ بالفساد وإساءات شخصية كتبها مجهول تعليقاً على تحقيق صحفي نشره البلشي في صحيفة الدستور و أعاد نشره على مدونته الشخصية قبل أكثر من عامين.
ونفى رئيس تحرير البديل مسئوليته عن محتوى التعليقات مؤكداً أنه لم يكن يفرض رقابة مسبقة على التعليقات في مدونته و لم يقرأ التعليقات محل الشكوى من قبل، وقام بحذفها بعد علمه؛ لأنه يرفض نشر اتهامات مرسلة دون دليل، وأضاف أنه وجد التعليقات المسيئة نفسها منشورة على أكثر من موقع تناول قضية بيع أراضي الشركة المصرية للأدوية.
و حذر البلشي المدونين المصريين من تعرضهم للملاحقة في حال لم ينتبهوا لإمكانية دس ما يعاقب عليه القانون في محتوى التعليقات واستغلالها لإرهابهم، وخوفاً من تكرار هذه السابقة دعا البلشي المدونين لمراقبة تعليقات الزوار واستبعاد ما يمكن أن يكون سبباً في تعرض صاحب المدونة للمسائلة القانونية، وأوضح أن قضيته لا تزال في مرحلة إجراء التحريات الأمنية ولم تتم إحالتها إلى القضاء حتى الآن.
~~
في حقيقة الأمر من الطبيعي عندما أجد كلاماً مسيئاً لي في مدونة أن أسعى لملاحقة صاحبها، المشكلة في إمكانية استغلال هذا للإيقاع بالمدونين على خلفية نشاطهم السياسي؛ خاصة أن معظمنا لايزال يعتبر الانترنت فضاءاً محرراً من كل القيود والقوانين وهو أمر غير صحيح.
القليل من الناس يعرفون بأمر هذا المكتب ولكن ربما يجب علينا أن نتوقع المزيد من البلاغات في الفترة القادمة من ضباط متهمين بالتعذيب وأعضاء في الحزب الوطني أو أي شخص تعرض للسب والقذف أو اتهم بارتكاب جريمة دون دليل يعتد به قانوناً.
سبق أن تعرض عبد الكريم عامر ومحمد عادل وتامر مبروك للتحقيق وأدين بعضهم بسبب مواد نشروها على مدوناتهم، كما خسر القاضي عبد الفتاح مراد دعوى ضد عدد من المدونين اتهموه بانتهاك حقوق الملكية الفكرية في أحد كتبه، وكانت التعليقات أحد الأدلة التي ساقها المدعي ليطالب بعقابهم.
لكن هذه هي المرة الأولى -على حد علمي- التي تعد فيها التعليقات دليل الاتهام الوحيد.
للتصحيح: سبق أن تعرض المدون عمرو غربية صاحب مدونة حوليات صاحب الأشجار للتحقيق أمام النيابة بعد بلاغ من القاضي عبد الفتاح مراد بسبب تعليقات على مدونته.
وهذا رابط يشرح تفاصيل تلك الواقعة؛ وبذلك يكون البلاغ المقدم ضد الأستاذ خالد البلشي هو ثاني مرة تستخدم فيها التعليقات لملاحقة صاحب مدونة.
asad — Sat, 2009/04/11 - 8:32am
بعد قرار وقف إصدارها اليومي، كتب المهندس عادل المشد رئيس مجلس إدارة "البديل" مقالاً حول الأزمة، وهذا ردي عليه..
كنت أتمنى أن يجري هذا النقاش بين صناع البديل قبل أسابيع في 21 عبد المجيد الرمالي، وليس الآن على ملأ الفيس بوك بعدما اضطررتم إليه إثر القرار المنفرد – والمفاجيء- بوقف الإصدار اليومي، ولكن أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً.
يجيب المهندس عادل المشد –رئيس مجلس الإدارة- في مقاله عن "السؤال الذي لا يمكن الهروب منه"..لماذا تعرضت الجريدة لهذا المأزق المالي؟ وقد تضمنت إجابته عن هذا السؤال عوامل عدة كان لها حظ كبير من المسئولية عن هذا المأزق بالفعل، لكنه تجاهل –في رأيي- السبب الرئيسي للأزمة؛ فإلى جانب عجز الحركة الوطنية عن تقديم الدعم الكافي لصحيفة مثل البديل، و تحرر الجريدة من الخطوط الحمراء والموازنات غير المهنية – وهو ما يشهد الجميع بنجاح مجلس الإدراة في توفيره لإدارة التحرير-، أرى أن السبب الأساسي لمأزق البديل اليوم هو مجلس إدارتها و أداؤه الذي لم ينجح في تجاوز عقبات يمكن التغلب عليها بمباديء أولية في علم صناعة الصحافة.
يقول المهندس عادل المشد "لقد راعني بعض ما كتبه البعض في المواقع التي أنشئت علي الفيس بوك من أن قرار الجمعية العمومية قد فاجأهم"، ويعتبر أن القرار لم يكن مفاجئاً لأنه كتب بنفسه مقالين في البديل تحدث في أولهما عن أزمات الصحافة في العالم وخصص الثاني للحديث عن البديل "للتنبيه إلى أن ثمة أزمة، دون الدخول في التفاصيل".
وإذا كان المهندس عادل يرى أن مقاله الذي أشار من طرف خفي إلى وجود أزمة- دون دخول في التفاصيل أو الإشارة إلى عمق المسألة – يعد إنذاراً كافياً للجميع و عذراً لما جرى الآن، فماذا يمكن أن نسمي الخبر الواضح الصريح المنشور لاحقاً في صفحة البديل الأولى بتاريخ 22 مارس والذي أعلن قرار الجمعية العمومية برفع رأس مال الجريدة المدفوع إلى من 4 إلى 20 مليون جنيه؟
ألم يخش مجلس الإدارة أن يعتبر قراء البديل وصحفيوها هذا الخبر إعلاناً عن تجاوز الأزمة؟
و ما مصير هذا القرار التضليلي الآن؟ علماً أن مجلس الإدارة لا يزال يصر على أنه ماضٍ في متابعة تنفيذه؟ وهل يمكن الإعلان عن زيادة في رأس مال المؤسسة دون وجود ضمانات حقيقية لدخول هذه الأموال؟ وهل يعد هذا إجراءاً اقتصادياً سليماً؟
وإذا كنا بصدد البحث عن أسباب الأزمة سعياً للخروج منها؛ فأنا لا أفهم حقاً لماذا تجاهل المهندس عادل المشد ممارسة النقد الذاتي والبحث عن أسباب الخلل داخل الإدارة، وتحدث عن العوامل الخارجية وكأنه ليس في الإمكان أجمل مما كان؟
لقد تحمل البديل تبعات العديد من القرارات السيئة و الإجراءات غير الوظيفية التي مارسها مجلس الإدارة.
كان من أولها في مرحلة التأسيس والعام الأول إرساء قاعدة التعامل مع أهل الثقة و شغل العديد من المواقع داخل المؤسسة بناء على قرب الشخص المعني من مجلس الإدراة أو علاقته بكبار المساهمين أو كونه "كادراً" يسارياً قديماً، دون اعتبار للقواعد المهنية ومدى ارتباط هؤلاء بصناعة الصحافة.فكانت النتيجة إثقال كاهل البديل بعناصر تفتقد للكفاءة وتستنزف في الوقت نفسه الموارد المالية؛ مما تسبب في اهتزاز الشكل التحريري للجريدة في عامها الأول وفقدانها قطاعاً عريضاً من القراء الذين يعد عامل "الانطباع الأول" حاسماً في اختياراتهم الشرائية.
ويعد الفشل الذريع لإدارتي التوزيع والإعلان في المؤسسة مثالاً واضحاً على تقصير مجلس الإدارة، وحتى لا ندخل في جدل لا طائل من ورائه حول قضايا تفصيلية وشديدة التخصص، أطلب من المهندس عادل المشد أن يخبرنا بعدد نسخ البديل التي أرسلتها إدارة التوزيع إلى مدينة المحلة الكبرى في 6 أبريل 2008 وبعده حيث جرت أحداث الإضراب التي كانت جريدتنا الأفضل في تغطيتها بشهادة الجميع؟ و أرجو أيضا ًأن يذكر لنا عدد النسخ الإضافية التي أرسلت إلى محافظة الشرقية عندما نشرنا قبل شهرين على الصفحة الأولى فيديو يكشف تجارة المخدرات العلنية في المحافظة؟
والأرقام في الحالتين هزيلة للغاية ولا يمكن معها تحميل القاريء مسئولية الإخفاق، أو حتى ادعاء وجود خطة من أي نوع لزيادة التوزيع وربط الناس بالصحيفة التي تحمل قضاياهم.
لقد عملت و زملائي طوال عشرين شهراً في ظروف لم تكن دوماً مريحة، و رفض الكثيرون منا عروض عمل في صحف أخرى بأضعاف ما يتقاضونه في البديل؛ لإيمانهم بهذه التجربة وما تعنيه لهم وللوطن من أمل في المستقبل، وتعرض بعضنا لانتهاكات أمنية واعتداءات و مضايقات من جهات عدة ليس أخطرها نقابة الصحفيين التي لم ندخلها إلا بعد معركة كان من أحداثها نقل زملاء لنا إلى المستشفيات بعد إضرابهم عن الطعام.
وداخل البديل واجهنا مشاكل عديدة نتيجة إخفاق مجلس الإدارة في أداء دوره لتطوير الجريدة، وأبسط مثال على هذا أن البديل كان يصدر حتى شهر مضى دون "ماكيت" أو تصميم أساسي يعبر عن شخصية إخراجية واضحة للصحيفة و يربط عين القاريء بها، و الماكيت الذي خرجت به الشهر الماضي أعده أساتذة من زملائنا في قسم الإخراج دون مقابل تقريباً، رغم أن كل الصحف الأخرى تنفق عشرات الآلاف لإعداد ماكيت خاص بها على يد الخبراء في هذا المجال.
وواجهنا أيضاً سقفاً متدنيا للأجور تجاوزته السوق الصحفية في مصر بمراحل، وحتى هذا السقف المتدني بقي طوال الوقت غير مستقر وقابلاً للانخفاض في أي لحظة، كما قال زميلي الأستاذ سلامة عبد الحميد في التعقيب السابق فإن أيا منا لا يعلم كم يبلغ راتبه الشهر القادم. وصاحب هذا الوضع غياب واضح للحصافة في التعامل مع الصحفيين من قبل الإدارة التي لم تُضبط يوماً متلبسة بأي أمر من شأنه دفع المحررين للشعور بالانتماء إلى هذا المكان.
سواء في مأساة "القبض" والمماطلة في موعده كل شهر ومشهد الطابور غير اللائق أمام مكتب الأستاذة إيمان نوير، أو في تفاصيل صغيرة أخرى تمتعت الإدارة فيها بخشونة تحسد عليها..في البديل استمارة تحمل عنوان "طلب احتياج"! يوقع عليها المحرر إذا عطب ماوس أحد أجهزة الكمبيوتر والذي يبلغ ثمنه 7 جنيهات، وفي البديل تطلب الإدارة من الصحفيين سداد 10 جنيهات نظير استبدال شريحة الهاتف المحمول الخاص بالعمل إذا ضاعت أو تلفت، علماً بأن شركة المحمول تقدم خدمة استبدال الشريحة التالفة بـ 5 جنيهات فقط!
وفي البديل تختفي أمور معلومة من الإنسانية بالضرورة أحياناً كعدد كافٍ من المقاعد للجلوس حيث يلجأ الزملاء للوقوف في "الطرقة" لحين خلو أحد المقاعد، رغم تعدد صفقات الكراسي الفاسدة التي جلبتها الإدارة ويمكن للزوار ملاحظة تخزينها كخردة في بلكونة الدور الثامن.
وكان آخر هذه السخافات قبل أيام عندما طُلب من كل صحفي أن يدفع ثلاثة جنيهات ونصف مقابل الحصول على "كارنيه" البديل، والذي كانت الإدارة قد امتنعت دون سبب مفهوم عن إصداره لعامين تعرض خلالها العديد من الزملاء لمضايقات عديدة بسبب عدم حملهم ما يثبت عملهم الصحفي، وقد تعرضت شخصياً لموقف مشابه عندما احتجزني لواء شرطة وقال لي "الرقاصة معاها كارنيه بيقول أنها رقاصة".
إن غياب الخطوط الحمراء والالتزام بالقضايا الوطنية ونبل الموقف ليس مرادفاً لفشل الإدارة و الإخفاق في الاستمرار، أعلم أن المساهمين في البديل تحملوا الكثير من الضغوط والخسائر بالفعل لإنجاح هذه التجربة، لكن ما أقطع به أنهم لم يحاولوا حقاً فعل هذا بأسلوب علمي أو الاستعانة بخبراء أكفاء في صناعة الصحافة، والمشكلة الآن أن ما صنعوه – وصنعناه معهم- لم يعد مشروعاً تجارياً خاصاً بهم، بل أصبح إنجازاً وطنياً لكل مصري فيه نصيب، والقرار الانتحاري الذي اتخذته إدارة البديل بوقف الإصدار اليومي لم يكن موفقاً من أية ناحية.
اقتصادياً أتى هذا القرار ليقتل الاسم التجاري للبديل في السوق، ويضعف من إمكانية دخول مساهمين جدد، ويعلم مجلس الإدارة والمساهمون في البديل جيداً أن هذا الاسم التجاري الذي صنعه محررو البديل خلال عامين يساوي وزيادة كل ما دفعوه من أموالهم، ولو أنهم عرضوا الصحيفة للبيع بدلاً من دفنها حية بهذه الطريقة لكان خيراً لهم وللبديل.
وعلى مستوى إدارة الأزمة داخل البديل نفسه يمثل هذا القرار استخفافاً واضحاً بحوالي مائتي موظف من صحفيين وتقنيين وإداريين وضعوا ثقتهم في صناع هذه التجربة واستقالوا من أعمالهم حتى يتفرغوا للعمل في البديل، وكان جزاؤهم أن ينتهوا ذات يوم من تنفيذ عدد الغد ليقال لهم "هذا هو العدد الأخير..شكراً"، دون بذل أي مجهود حقيقي لإنقاذ البديل ولو حتى ببيعه إلى من يستطيع إدارته بشكل ناجح، ودون توضيح أي شيء لهؤلاء الذين ارتبطت مصائرهم بالمكان، ولا أجد هنا خيراً من تعبير إحدى الزميلات بعد القرار "دول لو مأجرين شقة وعايزين يسيبوها لازم يقولوا قبلها بشهر".
ورب ضارة نافعة، لقد جاء القرار غير الموفق بإيقاف الإصدار اليومي ليكشف عن حالة التفاف وطني لمؤازرة البديل، ولا تزال الفرصة قائمة لتدارك ما حدث وتحويل هذا التعاطف إلى قوة مادية كما يقول المهندس عادل المشد، ولكن هذا لن يتحقق قبل اعتراف الجميع بأخطائهم وتسليم القيادة إلى من يملك الكفاءة والخبرة اللازمتين، صحيفة تحمل قضايا الناس على طول الخط أقرب للنجاح من أي صحيفة أخرى إذا صدقت النوايا واتبع الأسلوب العلمي الملتزم بقواعد اقتصاديات صناعة الصحف.
asad — Tue, 2009/03/31 - 8:06pm
من كان يصدق أن شبابا فى العشرينيات من أعمارهم يدعون للإضراب على الفيس بوك فتستجيب لهم مصر من أقصاها إلى أقصاها؟.. لقد التقيت ببعض هؤلاء الشبان فأعجبت بهم حقا ورأيت فيهم مصر العظيمة ووجدتنى أتساءل من أين يستمد هؤلاء الأولاد والبنات شجاعتهم الأسطورية؟!.. انهم ينزلون إلى الشوارع ليواجهوا الأمن المركزى (جيش الاحتلال المصرى) فيضربون بقسوة ويسحلون على الأرض ويعتقلون ويعذبون فى أمن الدولة ثم يخرجون من كل ذلك أكثر إصرارا على تغيير بلادهم؟.. كيف ومتى تعلم هؤلاء الأبناء حب مصر؟.. لقد ولدوا فى عصر كامب دافيد والفساد الشامل والتعليم الفاسد والإعلام التافه، عصر احتقار القضايا الوطنية والسخرية من فكرة الكرامة، لكنهم بالرغم من كل ذلك استطاعوا أن يحتفظوا بوعيهم الوطنى وصلابة أخلاقية تفوق أعمارهم بكثير.. إن شباب 6 أبريل أصبحوا الآن يشكلون رمزا لإرادة المصريين جميعا فى العدل والحرية.
علاء الأسواني يكتب..
asad — Mon, 2009/02/02 - 7:47am
ما زال محتفظاً بابتسامته رغم سبعين يوماً قضاها في قبضة مباحث أمن الدولة، بينها أيام كان فيها "وراء الشمس" تماماً عندما اختطفته قوة أمنية من وسط القاهرة في 20 نوفمبر 2008 وأخفته عن أهله و أصدقائه حتى بات مطلبهم ليس الإفراج عنه، بل الكشف عن مصيره.
بصراحة لقد مللت التضامن مع محمد عادل فمنذ ثلاثة أعوام تقريباً وأنا أفعل هذا بشكل مستمر، وبعد المرة الأولى التي خرج منها بوسام أصغر معتقل على خلفية معركة استقلال القضاء، لم يكف الولد المزعج عن جلب المتاعب، خاض جميع المعارك وشارك في كل المظاهرات وتضامن مع المعتقلين من شتى التيارات وحمل عبء الدفاع عن الكثيرين من الدويقة إلى غزة، كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين وفي حركة كفاية على السواء، و دعا في مدونته لأفكار حسن البنا وحرية كريم عامر واستخدام فايرفوكس.
من الصعب حقاً الكتابة بوضوح عن محمد عادل - 20 عاماً- فرغم اشتغاله بالسياسة وخبراته التي باتت طويلة بالاعتقال ومواجهة السلطات؛ فإن هذا لم ينضج شخصيته بما فيه الكفاية، يتمتع محمد ببراءة ونزق واندفاع طفل، و يمتلك أيضاً صلابة مقاتل يثبت على موقفه حتى النهاية ويرحب بدفع كل الأثمان الممكنة، كنت أنعته -مشاكساً- بعبيط الحركة الوطنية، وحين ترك لي مجهول تعليقاً ذات مرة على مدونتي وصفني فيه -من باب الغلاسة- بأنني خنيق، عرفت سريعاً أنه كان محمد عادل لأنه الوحيد الذي يكتب كلمة "أنت" هكذا: إنته !
محمد الآن في السجن، ذهب مكبلاً تحت الحراسة لـتأدية امتحانات نصف العام في أكاديمية المستقبل التي يدرس بها الكمبيوتر، و في 3 فبراير تنظر محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الطعن المقدم من هيئة الدفاع عن محمد ضد إجراءات محاكمته، في التهمة الموجهة إليه أمام محكمة أمن الدولة العليا طواريء مع المدون عبد العزيز مجاهد و د.جمال عبد السلام والمتعلقة بالتآمر لقلب نظام الحكم عن طريق تكوين خلية إرهابية و تلقي تدريب عسكري على يد مشير المصري المتحدث باسم حماس وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني !
مجرد قضية مفبركة لفقها ضابط حقير في إطار حرب قذرة بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين - التي لا ينتمي محمد إليها الآن بشكل تنظيمي- والهدف منها إعاقة جهود فك الحصار عن غزة - قبل العدوان الصهيوني الأخير- .وتمت فبركة القضية بناءا على صور لعادل ومجاهد مع قيادات من حماس في غزة عقب كسر الجدار الحدودي، ومن بينها صور تذكارية لمحمد عادل يحمل فيها بعض أسلحة أفراد المقاومة المنتشرين في شوارع القطاع.
ولما كان الأمر كذلك، قررت حركة مدونون من أجل الإرهاب الكشف عن المخطط كاملاً وإعلان جميع التفاصيل ونشر صور جميع أفراد الكتيبة الإرهابية التي يقودها العميد ميت - فك الله أسره- ونحن نحذر النظام المصري ومباحث أمن الدولة بأنهم لن يروا الأمن قبل أن يراه العميد ميت بين أهله في المنصورة، ورجالنا المجاهدون على أهبة الاستعداد لتحريره فوق تلقي الإشارة من القيادة العامة.
أعلن اشتراكي الكامل في جريمة العميد ميت:
وباقي الإخوة..
واقرأ أيضا بيان عزبة الحاج أبو جمال
asad — Tue, 2008/12/30 - 11:40pm
"اسكت".."من وصايا الإمام البنا عدم تجريح الأشخاص والهيئات".."دي شتيمة والنبي صلى الله عليه وسلم كان حسن الخلق"..
بسراويلهم القصيرة ولحاهم نصف النابتة و قاماتهم شبه المنحنية بفعل الحياء الأتوماتيكي ترتسم على وجوههم أنصاف الابتسامات التي يتسلمونها مع كتالوج "الداعية النموذجي" ..وقف عناصر جماعة الإخوان المسلمين ينهرونني بالعبارات أعلاه لأرتدع عن الهتاف "يسقط يسقط حسني مبارك".
كان هذا يوم الاثنين الماضي، و كنا أمام نقابة الصحفيين في وقفة احتجاجية على ما يجري في غزة وتواطؤ النظام المصري مع الصهاينة، شارك فيها آلاف المتظاهرين من كل القوى الوطنية-وإن كان الإخوان أكثر عدداً بطبيعة الحال-، تناوب على الميكروفون متحدثون كثر وتعددت الهتافات التي رددها الجميع معاً، إلا هتافاً واحداً أبى الإخوان المسلمون تدنيس ألسنتهم به..يسقط يسقط حسني مبارك.
في فم الجماعة ماء، لم يكتف الإخوان بالصمت المريب بل حاولوا إسكات غيرهم عن ذكر مبارك صراحة بسوء، ما إن يتعرض له متحدث حتى يبدؤوا التشويش و"الغلوشة":الله أكبر ولله الحمد!
وأنىّ لصيحة التكبير أن تكون أداة يُهادَن بها الظَلمة وتُستر بها عورات أنصاف المواقف.
كنت قد اتخذت موقعا بين غابة من الإخوة لشدة الزحام وتفرق المتظاهرين في كتل كبيرة على جانبي شارع عبد الخالق ثروت، وكلما هتف هاتف من الجهة المقابلة بسقوط مبارك يحاول الإخوان منعي من الترديد معه، في البداية بالأمر المباشر "اسكت" و عندما صرخت في وجوههم أنني لن أسكت وليس لأحد سلطان عليّ، بدؤوا يحاولون مجادلتي لأقتنع وكانت المصيبة في المنطق الذي تكلموا به وليتهم سكتوا.
كنت لأتفهم أن هذا قرار تنظيمي من الجماعة لأي سبب أو مواءمة سياسية يرونها، وحينها يكون على أعضاء الجماعة الالتزام بذلك ولا شأن لهم بي، لكن القوم جادلوني من منطلق كوني مسلماً وكيف أن الهتاف بسقوط مبارك يتعارض مع هدي الإسلام وأخلاقه؛ فإحدى وصايا الإمام البنا-رحمه الله- تنص على عدم "تجريح الأشخاص والهيئات" كما أن "يسقط هذه ليست شعاراً سياسياً بل شتيمة وليس من أخلاق المسلمين الشتائم"، قال لي أحدهم جئنا من أجل فك الحصار عن غزة وليس لهذا، أسأله:ومن يحاصر غزة؟ فيسكت، رابع أو خامس قال لي إنما جئنا لنقول له اتق الله فينا! قلت له هذا طاغية لم يرقب فينا إلاً ولا ذمة طوال 27 عاماً ولا زلتم تلتمسون منه تقوى الله؟ سكت وقال هذا ما عندي، وعندها التفت أحمقهم ونظر إليّ بتعالٍ مقرف وقال :"النبي صلى الله عليه وسلم كان حسن الخلق".
أحدهم كان يبدو في مرتبة تنظيمية أعلى من أصحابه حاول تلطيف الأجواء فقال لي إنه سعيد بوقوفنا معاً رغم الاختلاف وإن من حقي أن أقول ما أشاء، وعندما تحدث النائب البلتاجي –أمين عام الكتلة البرلمانية للإخوان- اجتهد في أن يبدو جريئاً وذا موقف حماسي فهتف "إنت معانا ولا علينا؟"، حينها خاطبني الإخواني الأنيق وعلى وجهه ابتسامة النصر:"مش شايف حاجة إيجابية؟" قلت له إنني جئت لأعلن موقفاً واضحاً مما يجري في غزة ومبارك المتواطيء ولم آت لأطرح "تساؤلات" مستخدماً الكناية والتورية.
هذا عن منطقهم الكارثي في إسكاتي، أما عن منطق صمتهم هم فلا أحسب أن ما قالوه يمت بصلة للأسباب الحقيقية، فلو نطق أحد قادتهم بسب أبي مبارك وأمه ما ترددوا لحظة واحدة في الهتاف خلفه، الأمر عند الجماعة أعمق بكثير من عفة اللسان و قشور الأخلاق.
هل يغضب البعض إذا قلت إن جماعة الإخوان المسلمين في مصر أدمنت حال الاستضعاف واستمرأت وضعية الابتلاء حتى أصبح المكون الأكبر لأدبيات الجماعة وفكر أجيالها يدور حول مفاهيم الصبر والاحتساب وتلقي الأذى وإدارة الخد الأيسر-والقفا والمؤخرة- إن لزم الأمر؟
الرأي عندي أن تاريخ الجماعة مع العصف والبطش السلطوي الذي تعرضت له منذ اغتيال الإمام حسن البنا قد أسهم في هذا، وأعتقد أن تنكيل عبد الناصر بالإخوان نجح في نزع جينات المواجهة والحسم من جسد الجماعة؛ فلم تعد قادرة على خوض أية معركة حقيقية أو الأخذ بزمام المبادرة، وقضت نصف قرن بعدها تنفخ في الزبادي.
عقود طويلة مرّت لم تحسم خلالها الجماعة موقفاً من أي شيء، تقول كلاماً كثيراً جداً، لكن إذا حاولت الإمساك بشيء واضح أو اتجاه صريح راغت منك الجماعة كما الزئبق، ما شكل الدولة التي يريدها الإخوان؟ ما موقفهم من النظام؟ يريدون الإصلاح أم التغيير؟ سياستهم الاقتصادية؟ المرأة؟ الأقباط؟ القوى السياسية الأخرى؟ العلاقات مع إسرائيل؟ دعوة أم سياسة؟ جماعة أم حزب؟
عشرات الأسئلة تُطرح كل يوم وتجيب عنها الجماعة بضبابية مراوغة، تعمق التوجس المجتمعي تجاهها وتنذر بالأسوأ.لكن هل يتعمد الإخوان إخفاء مواقفهم الحقيقية؟
الإجابة الأرجح بالنسبة لي هي:لا.
الإخوان لا يخفون مواقفهم الحقيقية من هذه القضايا، الإخوان لا يملكون مثل هذه المواقف أصلاً!
ورث الإخوان مفاهيم إسلامية عامة وقديمة، استخدموها في جمع الأتباع والأنصار استجابة لحاجة مجتمعية في بدايات القرن العشرين، وأضفى الإمام الشهيد حسن البنا -رحمه الله- على هذه المفاهيم من رونقه الذاتي و خلاصة روحه وفلسفته الشخصية ما جعل لأدبيات الجماعة طابعاً مميزاً..وهنا انتهت القصة.
لم يتطور الإخوان بعد هذه النقطة قيد أنملة، وإن كان العشرات من مفكريهم في مصر والشام والعراق والمغرب العربي قد أنتجوا تجارب فكرية أكثر تعقيداً وتطوراً،وتبايناً في الوقت نفسه، إلا أن هذه الاجتهادات بقيت تحفاً ونفائس تحتفظ بها الجماعة في الصالون..تفاخر بها الضيوف و الإسلاميين الآخرين، ولم تحاول تفعيلها أو الاستفادة منها في صياغة برامج تفصيلية تنحاز إلى خيارات واضحة، فيما ظل مطبخ الإخوان في القاهرة يقدم للأجيال الجديدة خلطة الإمام البنا السحرية، التي تتمتع بالعمومية والبساطة والفعالية، بالقدر الذي يحوّل الانتماء للإسلام في نفوس الشباب إلى انتماء للجماعة؛ وهنا تسهل قيادتهم دون مشقة، وتوجيههم إلى أي وجهة دون أن يطالبوا بتفاصيل أو تفسيرات، أو خطط بعيدة المدى لا يملكها قادة الجماعة.
وما كانت الجماعة لتستمر كل هذا الوقت دون إنتاج حيل دفاعية تتمتع بحد أدنى من الكفاءة اللازمة لإقناع المناصرين الجدد بجدوى ما يفعلونه، وأن هناك-بخلاف الجنة- ثمرة دنيوية تنتظرهم في النهاية؛ فظهرت مفاهيم "تربية الشعب"! و "مصلحة الدعوة" و "الإصلاح التدريجي" و "المشاركة لا المغالبة"، لكن هل يصدق الإخوان مع أنفسهم يوماً ويحددوا متى سنتنتهي هذه الصيغ النصفية الخجولة؟ متى يصبح الوضع ملائماً لخطوة فعالة من قبيل فرض إرادتهم السياسية على النظام في أي معركة أو السعي لتغيير قواعد لعبته السياسية التي يقبلون بها صاغرين-على ديناصوريتهم-؟
لقد عاشت جماعة الإخوان المسلمين ثمانين سنة، كانوا خلالها يألمون ويألمون ويألمون..دون أن يؤلموا نظاماً عشر معشار ألمهم أو يجعلوه يدفع الحد الأدنى من الثمن السياسي للتنكيل بهم وانتهاكهم، يكبلون أنفسهم بالكثير من الحسابات حتى دون طلب، يقدمون تنازلات إستباقية إتقاءاً لشر أسطوري غامض يتوقعونه كل لحظة ويضبطون ساعاتهم عليه فيما يشبه هوساً مرضياً استولى عليهم منذ منتصف القرن الماضي.
أعزائي الإخوان المسلمين: مفاجأة!
الأسوأ يحدث لكم فعلاً، لا يوجد ما هو أكثر رعباً، أنتم أسرى خوف غير مبرر، دابة الأرض أكلت الأنظمة واحداً تلو الآخر أمام أعينكم؛ فعلام تلبثون في العذاب المهين؟
مبارك لا يملك أياً من تعاويذ هاري بوتر، ولن يخرج في أي لحظة عصا سحرية ويحولكم إلى ضفادع وفئران حقول، إنه يفعل بكم كل ما يستطيع فعله وبأقصى قوته، حتى بدون أن ترتكبوا أي خطأ ستكونون عرضة للعقاب؛ ستدفعون إجبارياً ثمن كثرتكم و ضريبة أنكم بديل مطروح، إنه يطأ كل فرد منكم بشكل شخصي، لا ينقضي عام على أحدكم بدون سجن، يزوّر الانتخابات ضدكم، يعذّبكم، يحاصركم ويضيّق عليكم في كل ميدان، يصادر أموالكم ويغلق شركاتكم ومؤسساتكم، نائب مرشدكم ومهندس تنظيمكم و نصف قادتكم ملقون في السجن بعد محاكمة عسكرية، ما تظنونه فاعلاً بكم أكثر من هذا؟ الأمر الوحيد الباقي هو مضاجعة زوجاتكم ومبارك لن يفعل هذا على أية حال.
بعد أحداث غزة الأخيرة أردتم التعبير عن موقفكم فنظمتم المظاهرات الاحتجاجية بالتنسيق مع الأمن!
نعم بالتنسيق مع الأمن حول الأماكن والأعداد والتوقيتات وربما الهتافات أيضاً، وليخبرني أحد أن جحافل الأمن المركزي كانت لتفسح الطريق-بدون اتفاق مسبق- أمام خمسة آلاف إخواني ليتحركوا في وسط القاهرة بمجرد إعلان قادتهم انتهاء الفعالية كما في الصور؟
تنسيق الإخوان مع النظام هنا ليس نابعاً من تواطؤ أو خيانة، كما جرت عادة المعارضين مع السلطات، الإخوان ينسقون خوفاً واعتقاداً بأن هذا يمكن أن يوفر لهم الحماية من التنكيل الأمني أو الكارثة الأسطورية التي يترقبونها، ولكن ماذا حدث اليوم الثلاثاء؟ لقد اعتقلت قوات الأمن عشرات الإخوان المسلمين في شارع القصر العيني حيث كانت الجماعة تعتزم تنظيم احتجاج على العدوان الصهيوني، فماذا تغير بين الاثنين و الثلاثاء؟
كل ما حصل أن مزاج حسني مبارك تعكر اليوم فخرج مظهراً ضيقه من الحملة ضد موقفه وأعلن أنه لن يستجيب للمطالبات بفتح معبر رفح، فلم يجد النظام أسهل ولا أرخص منكم ليمارس عليكم مظاهر سيادته!
غنيمة مجانية ورسالة سهلة إلى باقي الأطراف يعلم أنه لن يدفع شيئاً في مقابلها، فماذا استفدتم من التنسيق مع الأمن، ورفض اتجاه باقي القوى لتحريك المسيرات في الشوراع بدلاً من "الوقفات"، ومنع الناس من الهتاف بسقوط مبارك؟
متى ترفعون الغمامة عن أعينكم وتتوقفون عن الدوران في الساقية التي ربطتم أنفسكم إليها؟ متى تجعلون النظام يدفع ثمن إيذائكم؟
قل هذا لأي إخواني وسيتهمك فوراً بالدعوة إلى العنف، كأن الله خلق العنف والاستسلام وبينهما فراغ! في السياسة ملايين الحيل والتكتيكات والأدوات لمواجهة الأنظمة الديكتاتورية أيها الإخوة، أقله أنهوا حالة اللاحسم داخل جماعتكم، اجلسوا مع شبابكم خوضوا نقاشاً حقيقياً ومنتجاً، انحازوا إلى خيارات أكثر وضوحاً ومدنية واحتراماً للآخر، قدموا للناس برامج تفصيلية أياً تكن، أضيئوا غرفكم المظلمة، أفكاركم ليست عورة إلا إذا جعلتموها كذلك وأمعنتم في التخفي والسرية التي تخيف الناس ولا تفلح في حجب شيء عن أجهزة النظام.
تقدموا إلى المجتمع ..احتموا به وواجهوه بكل الحقائق واحترموا موقفه مما أنتم عليه.واجهوا النظام بشجاعة.. انتزعوا منه حقكم في المشاركة بقدر حجمكم في هذا البلد، إن لم يفعل قادة جيل الوسط هذا سريعاً فإن جيلاً من الشباب بدأ يتململ ولن يصبر كثيراً على تحميله تبعات هزائم تاريخية لم يشارك في صنعها، أحد هؤلاء عانقني وقبلني وأخذ يدعو لي بهيستيرية في غفلة من إخوانه؛ تعويضاً عن قمع يتعرض له حتى لا يهتف معي: يسقط يسقط حسني مبارك.