حينما هممت بالكتابة عن القاهرة سألت نفسي و هل تحتاج القاهرة الي ما سوف اكتبه عنها ؟ ام انني انا الذي احتاج الي الكتابة عن القاهرة و اكتشفت انني الذي احتاج الي الكتابة عن هذه المدينة التي اجتضنتني ضمن الملايين الدين يسكنونها و تسكنهم و ادرت عيناي بحثا عما عساي اضيفه الي ما سبق ان كتب عن القاهرة و رأيت ان معظم من كتبوا عن القاهرة إما إنهم كانوا مؤرخين يكتبون عن حروب و احجار و حكام دون الدخول في حياة البشر الذين قطنوا هذه المدينة و إما كانوا جغرافيين كتبوا عن ازقة و حواري المدينة و كإنهم يصفون رقعة شطرنج صماء و اكتشفت أن هناك حسا انسانيا ينقص تلك الكتابات صحيح ان هناك بعض من كتب عن الموالد في القاهرة او حرف القاهريين لكن كل هذا لا يوفي المدينة العريقة حقها و ربما كان ذلك لأنها نسجت من المتناقضات ثوبا فضفاضا يتسع للجميع و تدكرت رائعة علي الحجار عن القاهرة الاسرة الهادرة ذات الالف وش و المنظرة و ادركت ان في القاهرة متسع للجميع فهي مدينة الازهر حيث الهداية و شارع الهرم حيث الغواية هي مدينة الاموات بكل المقابر التي تحيط بها و هي مدينة الجامعات هي مدينة الثراء الفاحش في المهندسين و مدينة نصر و هي مدينة الفقر المدقع في شبرا و المقطم حيث تنهار الجبال علي البشر في صمت و يصبح البيت الآمن مقبرة لسكانه فما هي تلك المدينة المسكونة بالغواية البشرية المعقدة : - القاهرة هي تطور لمجتمع استقر منذ ايام الفراعنة عند نقطة تفرع النيل و إذا كان النيل عبارة عن فرعين فقط فإنه قديما كان سبعة افرع بشكل المروحة المهم ورثت القاهرة من نفر الفرعونية كما ورثت مجمل العواصم الاسلامية السابقة و هي الفسطاط و القطائع و العسكر و حتم عليها الموقع لألاف السنين الا تنمو بحكم ان الصحراء تحدها من الشرق و من الغرب و بحكم ارتباطها بالنيل فلازمت شواطئه كالطفل الذي يرفض البعد عن ابويه مهما كبر او نضج . و قد بني القاهرة جوهر الصقلي القائد الفاطمي لتكون عاصمة للدولة الفاطمية الشيعية المغاربية سنة 969 فما لبثت ان اصبحت عاصمة للمشرق السني واصبح الازهر الشيعي المنشأ حصن الاسلام بكل مذاهبه ، عدد سكان القاهرة حوالي 8 مليون نسمة إلا ان ارتباط عدد من المدن الصغيرة و المجاورة بالعمل عليها فيما يعرف بالقاهرة الكبري يرفع عدد السكان الواقعي الي اكثر من 15 مليون نسمة و تعاني القاهرة من تدفقات بشرية سواء من الريف او من الصعيد بحثا عن عمل مما يؤثر سلبا علي شبكات المرافق بالمدينة كما يؤدي الي تفاقم مشاكل الازدحام و التلوث بالقاهرة مساحة القاهرة 3085 كم مربع و إذا كانت القاهرة عصية المناخ علي اهلها صيفا بحرارتها المرتفعة فإنها ذاتها القاهرة التي يجمع شاطئ نيلها ليلا الناس بالالاف في مشهد رومانسي خلاب لا يقارن و لا يقاوم و هو نفس صيف القاهرة الذي يجذب الاف العرب ممن يغرمون بهذه المدينة المجنونة و لأحياء القاهرة مريدين تتعلق بها افئدتهم كل ينتظر ان يسافر الي القاهرة كي يسرع الي من يهوي فالسيدة زينب و السيدة نفيسة و سيدنا الجسين ليست مجرد احياء بل هي علامات في حياة الملايين ممن اصبحت هذه الاحياء خلاصهم و آمانهم و هذا ما اعطي لأدب نجيب محفوظ مكانته العالمية التجذر في المكان و التشبع بروحه و قد اشتهرت القاهرة بروحها المتسامحة فلم تشهد في تاريخها اي نزاعات عرقية او مذهبية رغم انها كانت ملتقي العديد من الاقليات بل علي العكس فقد كانت المكان الذي يجد فيه الكثيرين الامان من يهود و شركس و جريج و ارمن و اباظية و شوام دون أن يشعر اي من هؤلاء انه غريب او اجنبي بل كانت القاهرة تحتضن الجميع بسعة صدر لا تقارن و كم من اجنبي عن القاهرة اصبح مصريا اكثر من اكثر من المصريين نجيب الريحاني استيفان روستي الكواكبي الافغاني بيرم التونسي توجو مزراحي فريد الاطرش و غيرهم كثيرين و من دلائل التسامح تجاور دور العبادة في عدة اماكن بصورة تربك الاجانب ففي حي مصر القديمة تجد مسجد عمرو و الكنيسة المعلقة و المعبد اليهودي في نفس المنطقة و كذلك الحال في ميدان العباسية حيث تقع الكتدرائية المرقصية خلف مسجد النور دون ادني مشكلة لأي طرف بل ان المعبد اليهودي بشارع عدلي يقف ليشهد كيف احتضنت القاهرة يهود العالم حين كانوا منبوذين في اماكن اخري من العالم و القاهرة هي عاصمة العرب و الشرق الاوسط فيها من كل شئ ما يجعلها مقصد و هي الاولي في كل شئ ما يجغلها سباقة اول جامعة انشأت بها حاملة اسمها و اول استديو للتصوير السينيمائي كان بها و اول شركة طيران وطنية انشأت بها و اول خط مترو انفاق في الشرق الاوسط بها و اول مركز للتحكم في قمر صناعي بني في مدينة الانتاج الاعلامي و اقدم صحيفتين مازلتا تصدران بها الاهرام و الوقائع المصرية القاهرة خان الخليلي و السلطان حسن و القلعة القاهزة هي هوليود الشرق حيث كانت دائما قبلة لهواة الفنون من جميع الدول العربية و بها اقدم معهد موسيقي عربية و اقدم معهد في المنطقة للموسيقي الغربية و هو معهد الكونسيرفتوار و اقدم معهد للباليه و اقدم معهد للتمثيل و القاهرة هي المتحف المفتوح لجميع العصور من مسلة المطرية الي قصر البارون امبان مرورا بأكثر من 600 اثر اسلامي و إذا كانت القاهرة تفخر بانها المدينة التي تضم بيت السحيمي و الكريتلية و وكالة الغوري و منزل جاير اندرسون و غير ذلك من اثار اسلامية تاريخية فإنها تضم ايضا ماهو عصري و مميز مثل دار الاوبرا الحالية و مسرح الهناجر و ساقية الصاوي و برج القاهرة و إذا كانت القاهرة تفخر بمستشفي القصر العيني فإنها تفخر ايضا بمستشفي 57357 للسرطان و القاهرة بلد استاد القاهرة اضخم استادات ال
قارة و هي مدينة اقدم الاندية الرياضية السكة الحديد و الزمالك و الاهلي و القاهرة بهذا استحقت عشرات الالقاب فهي مدينة الالف مئذنة و هي ام الدنيا
هنا القاهرة .. الآسرة الهادرة الساهرة
الساترة السافرة ..
هنا القاهرة .. الزاهرة العاطرة الشاعرة النيرة الخيرة الطاهرة ..
هنا القاهرة .. الصابرة الساخرة القادرة المنذرة الثائرة الظافرة ..
هنا القاهرة .. صدى الهمس في الزحمة والشوشرة ..
رأس الوحدة في اللمة والنطورة ..
هنا الحب والكدب والفشخرة …
نشا الغش في الوش والافتراء .
هنا القرش والرش والغش والسمسرة .
هنا الحب والحق والرحمة والمغفرة .
هنا القاهرة ..
وأنا في قلب دوامتك الدايرة بينا .. بأصرخ .
بأحبك .. بأحبك .. يا أجمل مدينة .
يا ضحكة حزينة .. يا طايشة ورزينة .
بحبك وأعفر جبيني في ترابك .
وأعيش في رحابك .. وأقف جنب بابك .
جنايني أروي بالدم وردة شبابك .
يا زينة جنينة حياتنا اللعينة .
بأحبك .. بأحبك .. بأحبك .
بأحبك يا بنت الذين !!!!!!