Saturday, March 21, 2009

عن أورهان باموك و يلنيك

الناس القليلة إللي يعرفوني بشكل شخصي يمكن يلاحظوا إني لحد كبير شخص بسيط وخجول في كثير من الأحيان، دا مش معناه إن من المفترض إني أكون مغرورة أو ما شابة ، بس لما باكون في مكان ما وأقارن نفسي بإللي حواليّ بيتأكد لي الموضوع دا إني ولا بحب اتكلم عن نفسي ولا باحب ارسم نفسي باعتبار إني معيدة في الجامعة أو خريجة آداب إنجليزي مثلا وإلخ إلخ.
وأصراحة إن نفس البساطة في التعامل مع الحياة هي كمان أظاهر طلعت في الكتابة، قبل ما تكمل مجموعة القصص بتاعتي، كنت كثير باستغرب هو ليه الأدب (إللي بقراه) معناه إن حد يكتب حاجة مكلكعة أو صعبة الفهم، الموضوع دا قبل ما اكتب كان غريب جدا لدرجة إن كانت من ضمن أحلامي البسيطة إني أكتب قصص الناس تقراها وتفهم أنا عاوزة اقول إيه من غير ما تكون حاجة سريالية أو أقعد اعذب الشخص إللي بيقرا زي ما أنا كنت باتعذب قبل ما اكتب و لغاية دلوقت أحيانا في الحاجات إللي بقراها.
عشان كدا مثلا حبيت جدا كاتب زي أورهان باموك ، لأنه بسيط وجميل ، في رواية "الحياة الجديدة" البطل بيصادفه كتاب في إيد بنت، الكتاب بياخده لعالم تاني ، بيعيش فيه قصة حب من طرف واحد للبنت إللي بتروح معاه في العالم التاني من خلال الكتاب برضه، وفي رواية تانية أسمها "القلعة البيضا" العلاقة بين الشرق والغرب بتتجسد من خلال أسير إيطالي عند واحد تركي بيحاول محاولات مستميتة إنه يلاحق على التقدم العلمي للغرب إللي كان ابتدا يظهر بالفعل لكن بيصطدم بالسلاطين العثمانلية الأطفال إللي كل همهم إنهم يعملوا شوية ألعاب نارية في السما، في الرواية الشخصين دول بيبقوا مكملين لبعض ، شبيهين من حيث الشكل ونمط التفكير لدرجة إن في النهاية الأسير بياخد مكان العالم العثماني بعد فشله في تحقيق أي تغيير في العقليات إللي حواليه، طبعا هنا كانت برضه الدلالات واسعة وفاكرة إني قريت الفصل الأخير مرتين في محاولة لفهم النهاية إللي حطها باموك، إن الأسير الأجنبي بياخد مكان العالم التركي المحبط، ما تقدرتش تتطلع بمعنى واحد ، لكن الهدوء في الرواية إللي كان مخليني اقرا وانا مستمتعة، على العكس من واحدة زي "يلنيك" مثلا في "المستبعدون" إللي ما قدرتش اكملها لأنها بتقدم نفس الشخصيات النمطية إللي باشوفها في كثير في الروايات، شخصيات عندها هواجس جنسية بتسيطر عليها ، وشخصيات مهدمة من جوا (بسبب الحرب) و ناس مريضة نفسيا (اذكر مثلا طفل كان مش بيقدر يسيطر على التبول).
في أورهان باموك بقى ما تلقيش كل الحجات دي إللي بقت نمطية من كل ما تقدمت في الأدب، أو الأدب إللي أنا قريته، باموك بياخدك لعالم تاني.
بالنسبة لجيلي، فكرة عدم المنطية هي إللي خالتني مبهورة مثلا برواية فانيلا لطاهر الشرقاوي و اليوم الثاني والعشرون لمحمد علاء الدين و بابل مفتاح العالم لنائل الطوخي، من حيث إن كل رواية بتاخدك في عالم له مفردات جديدة، زي الخرتيت في فانيليا ومراد وأخته في بابل مفتاح العالم و قصة الحب بين البطل والبنت إللي بتبقى اكبر منه بعشر سنين في اليوم التاني والعشرين، دا مش نقد للروايات دي، دي الحاجات إللي جات على بالي دلوقت.
زي ما قلت فوق، أنا أصراحة مش باعرف اقول كلام كبير عشان كده بقى السؤال هو الآتي:
بما إني باتكلم عن النمطية وإللي مش نمطية فإنت إيه رأيك، إيه رأيك في إن الكاتب مفروض ياخدك لعالم جديد بمرادفات غير مألوفة، تفتكر دا معيار لجودة الكتابة؟ ولو كنت قريت روايات أجنبية عجبتك ، فليه وإيه فيها فاكره كان جديد وعجبك؟
الإجابة غير محددة بسطور معينة ومفيش إجابة واحدة صح، معيدة بقى، صباح الفل

Wednesday, February 25, 2009

عن ماما، وليلى وعزة بدر

أظن إني تعرفت إليها في المرة الأولى التي ذهبت إلى نادي القصة، النادي يقع في عمارة بشارع القصر العيني، ذي طراز قديم تدركة ما أن تمر من بهو العمارة بالداخل، تصعد السلالم إلى شقة ذي سقف عالي وكرسيين فوتيه جلد في المدخل، كنت ذاهبة لحضور ندوة للأستاذ يوسف الشاروني، وأخذت أتأمل السيدة الأنيقة التي تجلس أمامي بجوارها فتاة صغيرة في زي المدرسة، عرفت إنها ناقدة و إن الفتاة بجوارها ليلى ابنتها، تعاطفت على نحو ما مع ليلى، عيناها الناعستان، الشراب الأبيض، شنطة المدرسة على الأرض، ابتسمت للسيدة وأنا لا أصدق إن الفتاة الصغيرة ستجلس في القاعة بعد دقائق لتستمع إلى نقد أدبي لا أعلم كيف سيكون، على اعتبار إن بعض الندوات الأدبية تكون أحيانا اختبارا لقدرة المتلقي على الصبر، وعلى فهم اللغة العربية، وكفارة عن ذنوب صغيرة لم تكن تدرك ربما إنك تفعلها، عدت في كرسيّ بالخلف، سرحت في الزجاج الذي يفصل القاعة الداخلية عن المدخل، فكرت أن أقطع على ليلى صمتها وأحكي معها.

لم أر ليلى مرة ثانية، لكن توالت رؤيتي لدكتورة عزة بدر؛ حين عدت إلى البيت ذات مرة أخبرتني والدتي إنها اتصلت بخصوص ندوة في المجلس الأعلى للثقافة، اتصلت بها وفهمت إن المطلوب مني أن ألقي قصة كفقرة ضمن فقرات أخرى من الشعر والموسيقى والسينما، بصحبة والدتي ذهبت، أحبها أن تراني في تلك اللحظات التي تحس فيها بأن ابنتها "العنيدة"، هكذا تقول وهي تبتسم في بعض الأحيان، تحقق نجاحا على نحو ما، قرأت القصة، انتهيت منها، داريت خجلا ما يصيبني بعد مواجهة الجمهور في إعادة ترتيب الأوراق، نسيت أن أمرّ على وجه والدتي لالتقط عبر البث المباشر تعبيرات وجهها، في البيت قالت إني كنت "ممتازة" ، انسحبت إلى غرفتي وأنا أفكر إن كانت على أي حال ستقول شيئا آخر.

حين عدت من رحلة سياحية إلى تركيا الصيف الماضي، كان أول شيء تقوله لي والدتي إن دكتورة عزة بدر اتصلت وإنها كانت تريدني في شيء ما، قالت لها إني مسافرة، أخبرتني والدتي إنها أحبت الحديث معها ، في العربية في طريق العودة من المطار، كانت عائشة ابنة أخي تجلس بجواري بفستان أبيض منفوش، و تربت على يدي بين الحين والآخر، أخذت أنظر للزهور التي أحضرتها لي، تابعت العساكر بالساتر البرتقالي ، أحسست إني كنت افتقدهم و كنت مشغولة برؤية ملامح القاهرة التي بدت لي عجائبية، في أسى قالت لي والدتي إني أبدو غير مهتمة برؤيتها بعد غياب دام لسبعة أيام، وإن عليّ أن اسأل أخي كيف كان حالها في أول يوم بعد سفري، وإنها افتقدتني، لم اعرف كيف أرد، كان الأمر سيستغرق بعض الوقت كي أفهمها، كأني كنت في مركبة فضائية، ولم اعتد بعد على إن حركة صغيرة لن تأخذني أبعد منها. في البيت حكيت لأمي عن اسطنبول التي كانت قد زارتها ، ابتسمت طويلا وهي تحكي لي عن أشياء لم ألمحها هناك، لم تعد موجودة تلك الأشياء يا أمي، يا ست الكل.

قبل سفري إلى الحجاز مع أمي وأبي، كان آول من اتصل به دكتورة عزة بدر، في التليفون كانت تحكي لي عن مكة، عن الحج ، وعن المشقة، تعلق قلبي بالكعبة أول ما وقعت عليها عيناي، بجواري وقفت أمي تردد الله أكبر، أمسكت يدها وأنا سعيدة إني دعوت الله في ذات اللحظة التي امتد بصري للكعبة، كانت هذه النصيحة التي سمعتها من كثيرين، في النظرة الأولى للكعبة دعوة لا ترد، ولازلت أرجو الله أن يجيب لهذه الدعوة بالذات، أرجوه بشدة.

بعد شهر تقريبا، كنت أجهز لكتابة قصة ألقيها في المجلس الأعلى، القصة استمتدها من زيارتي لأسطنبول، لكني بدلا من الذهاب إلى المجلس بقدمين سليمين، كنت أذهب إلى المجلس بقدم يكسوها الجبس وبعكاز، مريم وسلمى بنات أخي كانتا بجواري، في حالة من عدم الفهم عما يجري حولهم، إلى البيت عدنا بهما شبة نائمتين، تذكرت المرة الأولى التي رأيت فيها ليلى.

أمام الكمبيوتر أجلس الآن وأمامي ديوان لعزة بدر، كنت أنوي أن أكتب عنه، لكن الحال انتهى إلى الكتابة عن والدتي، وعنها ، ومع ذلك انهي التدوينة بقصيدة من الديوان بعنوان "مواقيت"، تحمل تساؤلا نمر به أحيانا، ربما كثيرا:

يارب

يارب في هذا الوقت من اليوم
في هذا الوقت من العام
في هذا الوقت من العمر

لأمر على الدنيا
وكما لو كنت سحابات
أو بعض غمام
يارب

في هذا المسبح
لتسّبح في النهر
ذرات رمال
تمتد جبالا من وهم
من خوف ظنوني
وتراني
سبحت بحمدك
وبما هو لك
من تاج جمالك
من روح كمالك
وتراني
في هذا الوقت من اليوم
في هذا الوقت من العام
في هذا الوقت من العمر
ومن الأحلام!
ككلام طيب
أبقى جذرا في الأرض
وكريح رخاء
كسلام في الناس
ومسرة
أم أن القلب
في عمق البحر
زبد
وبكاء للريح؟!


من ديوان "يا حب" د. عزة بدر كتاب الجمهورية-2008

Wednesday, January 14, 2009

كرسي رقم اتنين وعشرين

في صالة السينما، سيكون هو بجوارك، بكيانه الشفاف البلوري ، بوقاره، بحذائه اللميع و وقدمه التي يضعها فوق القدم وحين ترين الناس في الصالة وجهين متلاصقين لرجل وامراه ، ستلتفين إليه وتشكرينه: "الحقيقية أنا مش عارفة أشكرك إزاي! كل مرة لما اروح السينما كده لازم تيجي معايا! أنت جنتي أوي!" و تكون الموسيقى الهادئة قد بدأت حين يأخذك هو بين ذراعيه ويجوب بك الصالة، وتحسين بلمس يده على جسدك دافئا كبقعة من النور، و إلى الستائر الطويلة، ستختبئان وتظهران، كتجربة عملية إنكما أصبحتما كائنين بلورين ليس لأحد من هؤلاء الجالسين أن يراكما، وتتحولان في لحظات إلى منديل يطير، وردي اللون...كذلك الذي سقط في إعلان زبادي قديم...ستداعبان به الطفل الذي يجلس وحده ويحس بالغربة مثلك، سيجد المنديل يسقط على يده، وسينظر يمينا ويسارا يبحث عن الفتاة التي سقط منها إيشاربها الوردي القصيروحين يبدأ الفيلم، ستعودان كما كنتما ، في نفس المكان ...بنفس تريب الكراسي... سينما التحرير... بلكون ...كرسي رقم واحد وعشرين ...كرسي رقم اتين وعشرين... وسيطمأنك هو حين تنزعجين قليلا حين يزيد معدل طلقات الرصاص في منتصف الفيلم، وفي الاستراحة ستجديه يقص لك أحداث الفيلم، رآه قبل ذلك ثلاث مرات، لكنه أتي اليوم فقط كي يكون معك! وستغالبين شعور بالملل تجاهه: يا عم أنا مش عايزاك تحكي لي حاجة! وحين ينتهي الفيلم و يلفحك الهواء البارد خارج الصالة، سيكون هو بجوارك، ستسيران سويا، تركبان المترو، تصلان إلى البيت، وسيسابقك هو في الصغط على الجرس...وسيُفتح لك الباب ومسحة من السعادة تعلو وجهك... تزول بعد ذلك كلما تذكرتيه بحذائه اللميع، بكيانه البلوري، و قدمه التي يضعها فوق القدم ...

Saturday, December 27, 2008

داخل الصورة

في خلسة من صاحب المحل، دخل الصبي مخزن الجواهر، أزاح الغطاء عن حافظة اللؤلؤ و أمامها تسمرفي ذهول، أمام عينيه تخيل نفسه وهو يحمل حفنة منها ، دار حول نفسه ثلاث دورات في الهواء فسقط بعض منها على بنطاله و بجوار قدمه، على راحة يده وضع حبة اللؤلؤ، أدارها ، قائلا لنفسه كم هي جميلة، وضعها في جيبه، وأخرجها ووضعها في جيبه مرة أخرى، فكر قليلا في الضي المنبعث من كومة اللؤلؤ، أزاح نفسا عميقا من صدره، وأخرج حبة اللؤلو مرة أخرى، رماها على الأرض ، وإلى الخارج اصطدمت عيناه بالنور، و على ناصية الشارع توقف أمام حجر صغير ، وضعه في جيبه وسار وهو يغني في امتنان...

Sunday, September 14, 2008

الياباني!

لم تكن الحياة لطيفة في الأسابيع السابقة، سحابات وغيوم في السماء والدنيا لم تمطر بعد.
على الواحدة صباحا رن جرس الموبايل:
انظر في الساعة فأجدها الثانية إلا الربع والميعاد في الثالثة.
بعد الجرس الرابع كنت اترنح وأنا ابحث عن الجينز، البلوزة كانت هنا، والنضارة لا أعرف مكانها.
في المترو كانت الغلبية تقرأ في المصحف، لو كان معي سماعة الموبايل لكنت استمع إلى القرآن الآن، لكني بحثت عنها في كل الأماكن الممكنة، تحت السرير وعلى الكومدينو و بين الكتب، وكنت ستأخر، ودون السماعة نزلت.
ينفتح الباب على صوت سيدة ترتدي ملابس سوداء ، تقول للجالسين إنها تربي أيتام، بنتان ، واحدة فيهم مريضة، يمتد يد الرجل الجالس بجواري يخرج لها شيئا، انظر للسيدة واحملق في الأرض.
في طريقي خارج المحطة اتفادى عاملين يقيسان السور و أفكر إن كانت المستشفى بعيدة عن هنا، الصندل الجديد يؤلمني، والدنيا حر، والعطش سحابة تمتد حتى الإفطار.
على أول الشارع لمحت يافطة كبيرة "مستشفى أبو الريش"
-يا سلام
أخرجت الموبايل، و فهمت إنها ليست المبنى المقصود، شخصان وصفا المكان باتجاهين مختلفين
-لأ مش دي، الياباني إللي هناك !
على الناصية، سألت شخص ثالث:
-أيوة كده أنت ماشية صح
بجوار الكوبري لفت نظري فيلا قديمة، تأملتها
بإشارة من يد الميكانيكي فهمت إن المستشفى الياباني البناية الحمراء الجاية
بجوار المدخل رأيت فتاة تمسك الموبايل وتصف طريق
- لو سمحت مش أنتم المدونين؟ مش دي المشتشفى الياباني
2
في الداخل ناس كثيرة تنتظر ، كأنها الثانوية العامة، والإمتحان جاء سهلا والوشوش تبتسم
من غرفة صغيرة، بها شنط هدايا كثيرة ، سنسير إلى الداخل لنوزع الشنط على الأطفال
ضمن أول مجموعة سرت للداخل، في يدي شنطتين، فتحتهما في الأسانسير، فوجدت عروسة، وموبايل لعبة.
في الحجرة الاولى "قلب وصدر"، ثلاث أمهات يجلسن، على يد كل منهن طفل صغير، في حركة ميكانيكية، تبكي السيدة في أول الغرفة وتتوقف لتمتم بشئ ما لسيده أخرى بجوارها، وتبكي، وتتمتم من جديد.
في الحجرة الثانية "مخ وأعصاب" ثمانية مرضى. أشخاص عديدون يجلسون بجوار السرائر، لماذا كل هؤلاء؟ الممرضة التي تجر السرير المتحرك تقترب من سرير شاغر وتضع طفل جديد، كثير الدم المنساب على الشاش ، "الجرنقة" تدل على إنه خرج من العملية حالا، أحاول أن أتذكر إن كان كل من يخرج من العملية لابد أن يذهب لقسم الرعاية أولا. لا اتذكر
- للخلف أعود ، وأنا أسأل نفسي: بتقولي بقى كنت مضايقة ليه؟ كان إيه السبب يعني؟
نمضي للغرفة الثالثة ، بها طفلة وحيدة، إحدى عشر عاما، لم يكن هناك ما يناسبها، نائمة على السرير وعلى وجهها ابتسامة تتابع ما يحدث.
دائما النزول على السلالم أريح بكثير من الصعود، في المدخل وجدت نفس الناس ينتظرون أدوارهم في توزيع الشنط.
أسلم على زميل وزميلة ، أخرج من المستشفى وعلى وجهي طيف من شاهدتهم منذ قليل، أمام الفيلا اتلكأ اشاهد بلكونتاها بسقفها العالي و نقوشها الممتدة على الجدران، اسير قليلا وابطئ السير عند بائعي الحلقان بجوار المترو، اشتري "حلقين" و أطلب من البائع أن يصف الطريق "لسوبيا الرحماني"، يبحلق فيّ للحظة، فأكمل"بعد الفطار طبعا"، أقول له إني كنت في زيارة للياباني وإني في الأحوال العادية سآتي من محطة المترو، يصف الطريق وهو يؤكد إن سوبيا الرحماني من هنا قريبة جدا، ويكرر الوصف، أعبر بوابة المترو ، تقابلني كراسي كبيرة بينها مسافات، اختار واحدا وأجلس عليه، الحز مكان الصندل يؤلمني، أحملق في الفراغ وأردد إنه ربما جئت هنا في القريب ويمكني أن أسير بجوار الفيلا، انتبه لصفير المترو، وانهض بقدمين متثاقلين.

Friday, July 4, 2008

عن الحياة والرابع من يوليو


في يوم عيد ميلادي ربما لا أجد الكثير لأقوله سوى إنه بعد كل هذه السنوات الطويلة من الحضانة وحتى المدرسة ثم الجامعة و ما بعد الجامعة ، أقول إني ادركت إننا أتينا للحياة ربما ليس لنعمر الأرض، إذ إنه وفقا لمفهومي البسيط عندما تكون الشقة ب150 الف جنيه، لابد أن تسأل نفسك وكام واحد دلوقت يمكنهم أن يعمروا الأرض، ولا أن نحب، لأن الحب دلوقت صعب، صعب أن تجد من يحبك وتقف أنت في حيرة لا تعرف لماذا تسير الدنيا معك عكس عكاس، وتنظر في إندهاش لكلمات حب كتبها هو داخل كتاب وهو يطلب منك أن تقرأه، ربما تأثرا بزمن ماض جميل كانت الرسائل فيه تخليدا لكلمات الحب، ولا أتوقع بالضرورة أن أجد الأمير الذي أبحث عنه، إذ إنه ربما يطلع في النهاية مش أمير واكتشف إنه لم يكن يكذب ولكنه يتجمل، ولم يعد لدي الحلم الآسر الذي تلتف حوله النجوم بإن أكون أستاذة في الجامعة، وأجلس في لجنة مناقشة لكي أعصر طالبة ، تماما زي ما عصروني من قبل، ومن المحتمل إني لن اسمع التعليق الذي أسمعه دائما بأني شاكلى طالبة، لأن ساعتها أكيد حيكون ليّ شعر أبيض و ملامحي حتكون اتغيرت.

ولا حتى أحلم بشيئ تجاه بلدي وحبابيبي والمجتمع والناس، لأني لازلت أفكر جديا في الهجرة، و بعد عشر سنين من الآن، سأجلس ربما في شارع وارف الأشجار أفكر كم كنت ساذجة وأنا صغيرة، أن أضيع ساعات من اليوم أبحث عن أدلة تفيد بأنه لا مانع أن أختلف معك في الرأي، بينما كل واحد هنا مختلف عن التاني هنا دون أن يتُهم بأنه علماني، وبأنه كافر... ليستمر الغرب في الصعود، ونستمر نحن في الانغلاق...

و في بيتي الجديد ربما اردد كلمات أعنية أحببتها ذات مرة وألمح خيالي الذي يتحرك معي بأريحية في الغرفة..

لم يعد يهم كل هذا، ولم يعد فارقا لي أن أكتب أو اتوقف عن الكتابة، فالحياة الآن حجرة طفل، بها بازل كبير يمكنك أن تكمله لو حصلت على مربع واحد فقط، لكنه ليس موجود في هذه الغرفة، وربما ليس في الشقة كلها، موجود في مكان ما تظل تبحث عنه طيلة حياتك ، واستمرارك في الحياة مرهون برغبتك في البحث عنه...وأظن إني كل ما مضي من أعوام كان الستارت الذي بموجبه سأبدأ الرحلة، رحلة البحث عنه...

Tuesday, June 17, 2008

وأنت ... بتحلم بإيه؟


لما بافتقد حد وبيكونش في إيدي حاجة اعملها، مثلا لأن الشخص ده بعيد أو لانه مش حيفيد بحاجة إني أقوله ده، لما بحط رأسي ع المخدة وأغمض عيني، باتخيل قدامي شكل السما، وبادعي ربنا إني أشوف الشخص ده في الحلم، والحقيقية يعني إنه ربنا كثير جدا بيسجيب لدعائي.

لما كان أخويا في المستشفى السنة إللي فاتت بصراحة دي كانت الطريقة الوحيدة إللي بتعوضني عن فقده وأنا شايفاه من ورا لوح إزاز ، وكل إللي في إيدي إني اقرب منه شويه ، واقرا له سورة ياسين ، و أحس بكلامها دافي برغم القوضة الساقعة وصوت الأجهزة المكتوم.
أخويا خف بس فضلت العب نفس اللعبة، أغمض عيني وادعي ربنا إني أشوف إنهاردة حلم كويس أو شوف حد عاوزة أشوفه...

لما ده بيحصل، أحلامي مش بتكون بعيدة أوي عن الحياة، نفس الحاجات إللي حصلت في الحياة باشوفها كمان في الحلم، نفس الأماكن إللي روحتها، نفس الحوارات إللي دارت بيني وبين الناس، يعني م الآخر، الحلم عندي بيكون كلاكيت تاني مرة للحياة بس مختلف...

مشاهد كرومو جانب م الوش بيكون بلون برتقالي غامق، زوم إن ع إنفعالات الوجوة ، أصوات تعدي ع الماضي وتوصل بيّ لحد ما أنا، و أماكن ، وسط البلد ... زخرفات المباني تبقى نقوش هندي ع أزوبيكي والشوارع يبقى لها طعم آيس كريم سايح، وواحدة ست بعصاية تعدي من قدامي تلفت نظري وأقول إنها يمكن كانت في يوم جميلة، يمكن حزينة...

أحلامي وأنا صاحية أحيانا بتكون أحلى، بتكون أصعب، ع البيانو باتخيل نفسي دايما واندهش كده وكده لما أدوس ع الصوابع البيضا وباعزف حاجة قوية لسه ما مسمعتهاش قبل كده، وأكيد أكيد مش حسمعها، في الطيارة تبان كل همومي صغيرة زي الأرض بالضبط...إيه إيه يعني الخوف؟ إني أحس في مرة إني وحيدة..إني اترعب م الصدمة لو حبيت حد وبعدين اكتشفت إن ده كان برضوا حلم، وإن الدنيا نورت و الفيلم خلاص خلص.

أنا ما عرفش طبعا إنهاردة هاحلم بإيه...يمكن حلم بالألوان، يمكن لقطة حلوة تيجي من الفايلات المحفوظة في الذاكرة وإللي ما كنتش واخدة بالي إنها موجودة، عشان لو صحيت وافتكرتها ، ابتسم وأقول لنفسي إنه الله ...شكرا ، شكرا يا رب إنك معايا ع الخط علاطول
..

Monday, June 2, 2008

المجد للخشب


لما سألني أنا ليه مش عايزة أبوس مريم، سكت وبعدين قلت له إني مش عايزة اتعلق بها وبعدين حتمشي ، بعدها طبعا بوست مريم كثير ولما مريم وسلمى قعدوا معانا أسبوع بحاله في البيت ، كنت تقريبا مش طايقة نفسي وأنا بالّم عرايسهم

لما كنت في الساقية وقال لي إن حال البلد ما يسورش ، ومفيش فايدة، قعدت أقوله .ليييييييييه؟ لييييييه.. فيه أمل ...أنا حسيت بده يوم ما طلعت مجموعتي من ميريت ويوم ما اخدت الماجستير. من مكاني كنت شايفة النيل وكنت حاساه وتد مفيش حاجة تهزه ، النافورة الصغيرة إللي هناك كانت بتفكرني بنفسي، بتقاوح وحتتشال في يوم م الأيام.

في الحسين لما كنت معاها ، وقفت آخد صورة للجامع وأنا باقول لنفسي إن ريحة البخور و الضوء الأخضر ده فعلا حاجة تهد الروح ، وفي خيالي طرت ع كندا وأنا قاعدة ف مكان كبيييير بارد وضوء نيون

في آخر بوست نزلته ع
المدونة التانية، كنت بسأل نفسي بحسرة، هو إيه فايدة إللي باعمله ده؟ هو حد بيقرا حاجة؟ يا بنتي سيبك! ولما جت قدامي صورة "نهر" إللي شفتها مرتين بالضبط في حياتي ، كنت باتخيل نفسي وأنا ماسكة الكرة الأرضية دي في إيدي وباطوحّها م الشباك

في آخر مرة كلمته فيها ، كنت عايزة أقول له إنه ضايقني و قعدت أقول لنفسي بعدها إنه كان سهل جدا أنا كمان أضايقه ، وهو صعب يعني ف الدنيا حد يضايق حد؟

*********

أكيد حافتكر كل الحاجات دي وأنا باقطّع التورتة بتاعة عيد ميلادي الشهر الجاي، وأنا باقول لنفسي إنه خلاص من هنا ورايح ، حالبس وش خشب، وانفسن، ولما اسهر وأصليّ الفجر مش حادعي غير لأمي وأبويا وأخواتي ..بس أكيد إني مش حابطل شغل في
المدونة التانية، لأنها ببساطة مالهاش ذنب

Sunday, May 25, 2008

واللا إيه النظام؟

ارتسمت على وجهي ابتسامة وأنا أقف ع باب بيتنا ألقي نظرة على التوقيعات التي أخذتها على كتاب التدوين الجماعي الصادر عن دار العين. للوهلة الأولى تذكرت مشهد في فيلم إمبراطورية ميم الذي يعلن فيه أبناء فاتن حمامة –بعد صراع طويل مع فكرة الديموقراطية ما لوش أي لازمة- إنهم في الآخر برضوا اختاروا مامتهم!

أقرأ التوقيعات ع مهل...ما كنتش متوقعة أشوفك إنهاردة واللا كنت متوقعة تكوني بالجمال والرقة دي... ادخل غرفتي و أنا أردد في سري.. ده أنت والله إللي رقيقة يا إنجي و عندما أنظر للمرآه أحاول تبين ملامح الرقة والجمال التي تقترن بغالبية التوقيعات على الكتب التي أمتلكها، طوال حياتي وأنا أرسم صورة للبنت الجميلة بأنها تلك المتعالية التي تمضي تتهادى ع الأرض و توزع جمالها يمين وشمال ع مخلوقات ربنا، وطبعا طبعا ترتدي لينسيس وتصبغ شعرها الذي يتطاير حول رأسها ككمبوشة هو الآخر! ولهذا لم أفقد الاندهاش بعد من أجد نفس الكلمات ع نسبة كبيرة من الكتب، بل أذكر إني ذات مرة كنت ذاهبة لتغطية معرض صور وعَرض عليّ صاحب المعرض أن يرسمني، وقال ساعتها إن الموضوع مش مسألة جمال بس، فيه روح كمان بتطغى على الإنسان ودا إللي بيحاول يجسده في الصورة.

لم يرسمني ، ولكني بصراحة زعلانة أني لا أجيد الرسم، أظن إن الرسم فعلا من الأشياء التي يمكنك أن تخلق من خلالها- زي ما صاحب المعرض قال- روح تتجسد في الصورة ، وحتى دلوقت وأنا باكتب أفكر كيف ستكون روح مكان زي حارة المعز مثلا، أو زي القاهرة الجديدة أو حتى إزاي ممكن تجسد رؤيتك لبني آدمين أنت بتحبهم أو زعلان منهم أو حتى زعلان عليهم، طب والواحد ساعتها حيعمل إيه في التناقضات إللي جواه تجاه ناس معينه وهو بيرسمهم، يعني مثلا إزاي تعبر بالرسم إن إنت قد إيه بتحب حد بس مختلف معاه، أو حتى إزاي تقول وأنت بترسم لوالدتك أو حبيبتك إنها غالية عليك بس أحيانا بتتضايق منها...يعني المشاعر المتلحبطة دي ممكن تطلع بالرسم ؟ واللا الرسمة ساعتها حتتحول لحاجة ملخبطة مالهاش معنى؟

موضوع حلمي بأني أرسم شوية حاجة غريبة لأني مش مثلا رسمي كويس أو عادي، لأ بشع، لدرجة إني لما أرسم حاجة مع بنات أخويا يعقدوا يسألوا ويستفسروا ويندهشوا و يتعجبوا...هو أنا رسمت إيه ده؟

طب وأنتم بقى إيه النظام، يعني عمر حد مثلا شاف نفسه مثلا وهو بيلعب بيانو أو عويم في البحر أو رسام وهو مالوش علاقة قوي بالحاجات دي، ده بيحصل أحيانا يعني؟ واللا أنا بس إللي غرائبية شوية الأيام دي؟

Tuesday, May 20, 2008

من القاهرة....إلى الفيوم!


1

أن تترك القاهرة وتعمل بالفيوم أشبه بمن يتزوج فتاة خجول تترك شعرها ينسدل على كتفها دون اكتراث و لا تضع على وجهها أية مساحيق.

هكذا كنت أحدث نفسي وأنا أوزع الشيكولاته على الكادر الخاص في جامعة الفيوم، وعلى وجهي إبتسامة خالصة.

"شوفتوا التليفزيون إمبارح! القاهرة كانت ولا باريس! "

"ياااااة" قلتها بداخلي و أنا أسأل نفسي
" يا سلام! باريس مرة واحدة! معقول يعني هو القاهرة كانت إمبارح حلوة كده وأنا مش واخدة بالي؟؟؟"

بالمناسبة نسيت أن أقول لكم إن ذلك كان في بداية العام الجديد، وهو ما جعلني أوزع الشيكولاته ع الموجودين بكل همة وضمير، وكلمة باريس ترن في أذني كلحن بعيد.

2

في الأيام التالية تعودت على الرحلة بكل ما فيها من مشقة ؛ في السابعة صباحا أكون داخل باص الجامعة ، وبجوار الشباك أجلس والبرد يتسلل إلي ، يلمس المنديل الأبيض سطح الزجاج فيصنع مساحة من الرؤية. أتابع الطريق وأنتظر تلك اللحظة حين نبتعد عن شارعي فيصل والهرم ، فلا ماكدونلز ولا بيتزا هات ولافول وفلافل، فقط الصحراء والغيطان دون رتوش و ألوان فاقعة.

"هو فيه في الفيوم إنترنت"؟
أسأل زميلتي التي تجلس بجواري:

إنترنت إيه ؟!! طبعا...وفيه كمان مكتبة إلكترونية...إنت بس روحي لدكتور وائل في كلية هندسة عشان يعمل لك يوزنيم وباسورد

وأنظر إلى الطريق و رأسي تميل يمينا ويسارا في تعجب...إنترنت ...مكتبة إلكترونية ...أحمدك يا رب..

3

في التاسعة أكون في الجامعة ، أقف تحت بقعة الشمس و أتأمل مباني الجامعة الجديدة كبيت عروس لم تلوثه بعد آثار السنين. وفي الداخل أبتسم لمئات اللحظات التي أظنها تُصنع فقط هنا: عصفور يقف على المروحة التي تبتعد عنك بأمتار و ينظر لك ويغرد ، وتندهش أنه اختار أن يبقى بالداخل مع إن هناك شباك مفتوح وبإمكانه أن يخرج، الدادا التي تجيئ لك بدورق مياة وكوب نظيف حتى دون أن تطلب منها ذلك ، الطالبة التي تقول لك في نهاية الإمتحان إنها نفسها تبقى زيك، وتقول لها إن شاء الله ، كخيط يصلك من الأرض إلى السماء، العربة التي تقف في إنتظارك لتحملك إلى مبني الكلية، حتى لا تمش أنت مسافة خمس دقائق، وراكب الدراجة خارج أسوار الجامعة الذي يرفع حسه ، يقول يا بلبل يا جميل...

4

في طريق العودة أكون منهكة القوى، أسدل الستائر، أحس بدفء الشمس و أضع رأسي ... أروح في النوم.. و في شارع الهرم، أكون قد استيقظت تماما بفعل الصدمات وأصوات الكلاكسات... وأتأمل ما حولي...فندق ثلاثة نجوم...محل برديات...كايرو مول...وإلى ميدان الجيزة يمتد السير...وشوش منهكة تقف في إنتظار أتوبيس لا يجيء...عربات ميكروباس تنادي على محافظات لم أزرها...طفل يبيع حزمة ليمون...و شاب يضع يده على كتف زميلته، وعربات الأمن المركزي تحوّط أبواب الجامعة

أودع السائق وأدخل عربتي كأنها البيت الذي سأجد فيه أمي وأبي بعد قليل..وأطير بها..ثم أقف طويلا...ويمر الوقت بطيئ ...بطيىء...و تلوح أحداث اليوم كلقطات لفيلم بالأبيض والأسود من أيام الستينات...واتذكر اليوم الأول...الشكولاته ...باريس..راكب الدراجة.. و على كلاكسات العربات، أدوس بنزين ودبرياج وأتوقف طويلا، وأمام عيني أراني أخرج من العربة ، أهز كتفي للكلاكسات و الشتائم التي أسمعها لمن مضت وتركت عربتها وسط الطريق
...

Monday, May 12, 2008

فرصة سعيدة

لفترة قريبة جدا لم أر في توقيع الكتب سوى حدث لطيف، ولكن بعد أن أصبح لدي كومة من الكتب عليها توقيعات مؤلفيها اختلف الأمر بعض الشيء.

أول توقيع آخذه على كتاب كان للمجموعة القصصية "ساق وحيدة" لحسن عبد الموجود في أخبار الأدب، بعدها ذهبت لدار ميريت لشراء روايته "عين القط" التي حصلت على جائزة فيما بعد.

باستثناء ذلك، حينما ذهبت لدار ميريت لعرض ما كتبت على الأستاذ محمد هاشم بعد ذلك التاريخ بشهور لم يكن لدي أية كتب تحمل توقيعا من مؤلفيها. ولازالت أذكر المرة الأولى التي أرى فيها مكتب الأستاذ محمد هاشم عن قرب ، بالأوراق والأغلفة المتناثرة عليه. المكان بدا لي في ذلك الوقت موحيا، بصورّه الزيتية على الحائط، بالستارة الزيتوني و الشباك الطويل ذي الفتحة التي تصل إلى السقف خلف مكتب الأستاذ محمد، وبدخان السجائر الذي يصعد أمام عينك متخللا صورة ستاند الكتب على جانبي المدخل وخلف الباب، أمام مرمى بصرك.

أول من قابلت هناك كان عم "أحمد فؤاد نجم" والأستاذ "حمدي جليل" و"أحمد العايدي" الذي أهداني روايته "أن تكون عباس العبد". أحمد العايدي هو أول من أبلغني بصدور مجموعتي القصصية "البلياتشو" في دار ميريت بعدها بعام ونصف وهو أول من أوقّع له مجموعتي القصصية "البلياتشو" وأنا في حالة امتنان، تلى ذلك توقيع لمحمد فاروق، وهو من تحمل معي ساعات أمام شاشة الكمبيوتر في ميريت قبل صدور المجموعة لإضافة فصلة هنا، أو تصويب خطأ لغوي هناك.

ولمن لم يجرب هذا الشعور بعد، فإن اللحظة التي تمسك فيها كتابك هي اللحظة التي تتعجب فيها أن الحياة بها شرور ، وتتأمل الشوارع في طريق عودتك وأنت ترى القاهرة جميلة، جميلة جدا لدرجة لا يمكنك تحملها.

منذ ذلك التاريخ إذن وعلى مدار عامين، أصبح لدي كتبا كثيرة ممهورة بتوقيع مؤلفيها.

بعض التوقيعات بدت لي عادية أول الأمر ثم زاد اعتزازي بها بعد قراءة الأعمال ذاتها كرواية "اليوم الثاني والعشرون" لمحمد علاء الدين، و"بابل مفتاح العالم" لنائل الطوخي و "فانيليلا" لطاهر الشرقاوي.
.
البعض الأخر بدا إنسانيا في صفة يبدو أنها تميز أصحابها كسهى زكي التي كتبت إهداء لمجموعتها القصصية "كان عندي طير" تذكرني فيه بأن اليوم عيد الحب، و طارق إمام الذي انهى توقيع روايته "شريعة القطة" برسم وجه له إبتسامة عريضة وتعلو رأسه ثلاث خطوط صغيرة.
.
إهداءات آخرى اعتز بها لاعتزازي بأصحابها -فوق كل شيء- كرواية الصديقة نهى محمود "الحكي فوق مكعبات الرخام" و ثلاث كتب لمحمد صلاح العزب آخرها رواية "سرير الرجل الإيطالي" وروايتي د.علاء الأسواني "عمارة يعقوبيان" و "شيكاغو". كذلك رواية "الساعات" لمترجمها د. احمد الشامي، و "ن" ل د.سحر الموجي، و"خيانة القاهرة" ل د. شيرين أبو النجا ، "وتغطية الإسلام" لمترجمه أ.د. محمد عناني، جميعهم أساتذتي في الجامعة
.
ثلاث توقيعات أخرى اختلفت في أسلوبها عن التوقيع التقليدي، كتوقيع باسم شرف لمجموعته المسرحية "جزمة واحدة مليئة بالأحداث"، و الذي تمنى لي أن يعيش كتابه معي مثلما عاش "البلياتشو" و "تامر عفيفي" لديوانه "أنسب الأوقات للخطيئة" الذي جاء توقيعه بيتا من الشعر، و عمر مصطفى لديوانه "أسباب وجيه للفرح" الذي تمنى لي فرحا خاليا من التحفظات.
.
كتاب واحد جاء مختلفا في نظام توقيعه إذ أن مؤلفه ترك مكانا على الصفحة الأولى لكتابة التوقيع ، وهو كتاب "المسحوق والأرض الصلبة" لإبراهيم عادل.
.
كتب أخرى لم تحن الفرصة لي لتوقيعها من مؤلفيها رغم اعتزازي بها أولها "تماثيل الملح" لمحمد كمال الحسن و ديوان "ولد خيبان" لسالم الشهباني و المجموعة القصصية "بجوار رجل أعرفه" لمحمد فتحي و "تحت خط الضحك" لمصطفى الحسيني، و ديوان "حنين" لأحمد عمار و "عالم كلينكس" لميشيل حنا، و"الهوبيت" لمترجمه هشام فهمي ، وفوق كل ذلك رواية "دماء أبوللو" لد.زين عبد الهادي ، و"واحة الغروب" للأستاذ بهاء طاهر، وكتابين لمترجمهما د.ضياء النجار "أدباء أحياء" و "أن تكون طبيبا لصدام".
.
وسط هذه الكتب أجد كتابا رفيعا يغلب غليه اللون البرتقالي، أحمله ، و أطيل النظر إلى صورة رجل المرور الواقف أمامي ..و أحدثه:
أنت ما تعرفش أنت بالنسبة لي إيه دلوقت...نورت القودة يا أستاذ

وأضرب بعيني فألمح كتبي وملابسي المبعثرة في الحجرة وابتسم:

لأ مش القودة بس...أنت نورت الدنيا بحالها...
وفي يدي أحمل ورقة كلينكس، أمررها على سطحه الذي لم يفقد بريقه بعد، أضعه في حرص على المكتب، و يعلو وجهي طيف ابتسامة.

Monday, May 5, 2008

دائرة


1

ارسم دائرة كبيرة، تضيق الدائرة وتضيق وابحث عن لحظة الخلاص، أمامي نهر و أشجار و طريق بكر لم تمسسه قدم غيري، إلى النهر أسير، أفك وثاق المركب، اتركه يسير بي و إلى الأفق أسرح وأنا أقول لنفسي إني أريد سحابة على هيئة قلب أو أخرى على صورة قمر.
2

على كتفك أضع رأسي ، أحكي لك كيف إن الخوف لم يستبد بي حين اقترب الغروب، أخذت أحرك المجدافين بقوة حتى وصلت إلى الشاطئ، إلى السقف أحملق،ابتسم وأنا اتقمص دور الفيلسوف الكبير، تعرف ... في لحظات الحياة والموت، تصبح الحياة كالأرض والموت كالقمر، وللأرض بالطبع جاذبية أكبر.

3

في قلب الصحراء، امتطي جوادا عربيا ، احس بالزهو حين تتداخل في أذني أصداء لعزف عود ، اوقف السير وأفكر، لو كنت في الماضي، لربما أصبحت أميرة تعيش في قصر كبير له حديقة غناء، وربما كنت جارية، أحفظ الشعر، وأجيد عزف العود، أعاود التحرك و أفكر... وهل يكون الأسر أحيانا أجدى من الحرية؟

4

أمام البيانو أجلس وأنا اطرد من ذهني أبياتا صوفية أحفظها، من روضة الأزهار التي حملت عبيرها، أحضرت لك زهرة،ولكنها ذبلت في الطريق، ولم يعد في يدي الآن سوى الشوكة التي شاكتني. اتوقف و أدرك عبث ما أفعل، لماذا لا أردد شيئا أكثر شهرة، ككلمات الحياة بلون الورد لإيدي بياف، ثم إن الشعر الصوفي انتهى عصره منذ قرون ولا أرى أي بادرة إنه سيعود.

5
على خشبة المسرح، أدق الأرض بقدمي، أذوب مع الموسيقى وأشير لك في دهشة إنها ليست زلعة واحدة ولا اثنين بل اربعين، وعلى جسدك سترفعني ، سنكون تدربنا على ذلك مرات ومرات، ولن ترتعش يداك ولا جسدي حين يقفا متصلبين حتى يصفق الجمهور، وأنا فعلا لا أفهم، لماذا يتباطئون أحيانا في التصفيق؟!


6
على السجادة المزكشة أجلس وعائشة ابنة أخي تفرك في عينها ، في حسم مصطنع أقول لها أنها العاشرة و حان ميعاد النوم. في تثاقل تنهض، وعبر ممر طويل آخذها لحجرتها، انتظر حتى تستسلم للنوم. اتجه للمطبخ لأعد كوبا من الشاي ، ولنفس المكان أعود، تهيم ورقة النعناع في الكوب، وأطيل النظر للأوراق و الأقلام المتابعدة.

Friday, April 25, 2008

إسراء الحرة

لحسن الحظ أو ربما لسوءه لم أدخل مظاهرة في حياتي، ولكني منذ القبض على إسراء عبد الفتاح في قضية إضراب ستة إبريل كنت أقول لنفسي إني لو اتيحت لي الفرصة للتظاهر من أجلها فإني سأقوم بذلك عن كامل اقتناع.

في السادس من إبريل الماضي، لم اقعد في البيت بالرغم من كوني واحدة من ال64 ألف إللي مشتركين في جروب الاعتصام ع الفيس بوك، ولم تبد لي مطالب إسراء محرضة ع الفوضى، بل إنه إذا لم تخني الذاكرة فإنها ذكرت إنه بعض الناس لا يمكنهم الامتناع عن العمل مثل الدكاترة والممرضات وما إلى ذلك، وكان السؤال الذي يدور في ذهني ساعتها، ومن الذي يمكنه الامتناع عن العمل دون أن يتسبب في ضرر بني آدم اتبهدل في مواصلات عشان يروح يمضي ورقة في مكتب حكومي أو هيئة خاصة حتى؟

باقي مطالب إسراء كانت مشروعة ولا تضر أحدا ع الإطلاق، مثل ارتداء اللون الأسود أو وضع علم مصر في البلكونات.

ومع ذلك خرجت ذلك اليوم إلى العمل وأنا ارتدي ملابس عادية، البند الوحيد الذي فعلته هو إني بالفعل لم اشتري أي حاجة لا من سوبرماركت ولا من محلات الطعام في الشارع، إذ نزلت قبلها بيوم واشتريت كل حاجاتي للصباح من السوبرماركت ، لأني كنت اعتزم ألا اشتري حاجة بكره ، يوم الاضراب اقصد.
فكرة الإضراب بدت لي براقة بالفعل وتدعو إلى الإعجاب ، خمس وعشرين عاما ظل الشعب المصري في ثبات عميق وكنت اشعر به الآن يتثائب ويصحصح.
لكن الأمر تغير بعد القبض ع إسراء. فكيف لي مثلا أن انضم إلى جروب إسراء وحين يقبض عليها لا يمكني أن أدافع عنها ولا امتلك الشجاعة الكافية لذلك؟ أليس هذا نوع من النفاق؟ أن تسير مع النهر وحين تجد عثرة في الطريق تتوقف وتجلس في ارتياح عليها ولا تكمل المسير؟

ولهذا لا أظن إني سأشترك في الاضراب القادم الرابع من مايو والموافق عيد ميلاد الرئيس الثمانين، ليس لأني ضده، بالعكس أرى أن الفكرة تتطور هذه المرة إذ إنها تدعو ليس عن التوقف عن العمل بل الاضراب عن الشراء، ولكن نفس الفكرة، سيقبض على من قام بها مثل إسراء ولن استطيع أن أفعل شيئا. ولماذا من الأساس اقدم على شيئ اعرف مسبقا إن غيري سيكون كبش فداء لي بينما أظل أنا بنفس الملامح الهادئة لا ترتسم على وجهي سوى مسحة من الحزن تضعف وتتلاشى مع مشاغل الحياة والعمل؟ وهل هذا من الإنصاف؟

ومع ذلك إنا لا أملك سوى تقدير وحب كبيرين لها، بالرغم إني لم أرها في حياتي . ولكني افكر الآن إنه من يدري ربما تقرأ كلماتي صدفة فتجد فيه اعتذارا -لا يقدم ولا يؤخر- عن ثلاثين يوما من الحبس لها، ولكنها ربما تشعر بكم التقدير الذي أحفظه لها ويحفظه لها غيري، وربما يكون ذلك أضعف الإيمان.

*إسراء ووالدتها بعد الإفراج عنها، الصورة من الإيجبشن جازت

Tuesday, April 15, 2008

حدث يستحق الاحتفال

يوم الخميس القادم
الساعة 8
في مكتبة عمر بوك ستور

يقام حفل توقيع لأربعة من الزملاء الأعزاء
دعاء سمير وكتابها حب بلون البنفسج


أحمد عمار وديوانه حنين



حسام مصطفي إبراهيم وكتابه يوميات مدرس في الأرياف



ومحمد هشام عبيه وكتابه عزيزي 999


يشرف الحفل بوجود د.سيد البحراوي و الأستاذ بلال فضل وعدد من الكتاب الشباب

في انتظاركم