الناس القليلة إللي يعرفوني بشكل شخصي يمكن يلاحظوا إني لحد كبير شخص بسيط وخجول في كثير من الأحيان، دا مش معناه إن من المفترض إني أكون مغرورة أو ما شابة ، بس لما باكون في مكان ما وأقارن نفسي بإللي حواليّ بيتأكد لي الموضوع دا إني ولا بحب اتكلم عن نفسي ولا باحب ارسم نفسي باعتبار إني معيدة في الجامعة أو خريجة آداب إنجليزي مثلا وإلخ إلخ.
وأصراحة إن نفس البساطة في التعامل مع الحياة هي كمان أظاهر طلعت في الكتابة، قبل ما تكمل مجموعة القصص بتاعتي، كنت كثير باستغرب هو ليه الأدب (إللي بقراه) معناه إن حد يكتب حاجة مكلكعة أو صعبة الفهم، الموضوع دا قبل ما اكتب كان غريب جدا لدرجة إن كانت من ضمن أحلامي البسيطة إني أكتب قصص الناس تقراها وتفهم أنا عاوزة اقول إيه من غير ما تكون حاجة سريالية أو أقعد اعذب الشخص إللي بيقرا زي ما أنا كنت باتعذب قبل ما اكتب و لغاية دلوقت أحيانا في الحاجات إللي بقراها.
عشان كدا مثلا حبيت جدا كاتب زي أورهان باموك ، لأنه بسيط وجميل ، في رواية "الحياة الجديدة" البطل بيصادفه كتاب في إيد بنت، الكتاب بياخده لعالم تاني ، بيعيش فيه قصة حب من طرف واحد للبنت إللي بتروح معاه في العالم التاني من خلال الكتاب برضه، وفي رواية تانية أسمها "القلعة البيضا" العلاقة بين الشرق والغرب بتتجسد من خلال أسير إيطالي عند واحد تركي بيحاول محاولات مستميتة إنه يلاحق على التقدم العلمي للغرب إللي كان ابتدا يظهر بالفعل لكن بيصطدم بالسلاطين العثمانلية الأطفال إللي كل همهم إنهم يعملوا شوية ألعاب نارية في السما، في الرواية الشخصين دول بيبقوا مكملين لبعض ، شبيهين من حيث الشكل ونمط التفكير لدرجة إن في النهاية الأسير بياخد مكان العالم العثماني بعد فشله في تحقيق أي تغيير في العقليات إللي حواليه، طبعا هنا كانت برضه الدلالات واسعة وفاكرة إني قريت الفصل الأخير مرتين في محاولة لفهم النهاية إللي حطها باموك، إن الأسير الأجنبي بياخد مكان العالم التركي المحبط، ما تقدرتش تتطلع بمعنى واحد ، لكن الهدوء في الرواية إللي كان مخليني اقرا وانا مستمتعة، على العكس من واحدة زي "يلنيك" مثلا في "المستبعدون" إللي ما قدرتش اكملها لأنها بتقدم نفس الشخصيات النمطية إللي باشوفها في كثير في الروايات، شخصيات عندها هواجس جنسية بتسيطر عليها ، وشخصيات مهدمة من جوا (بسبب الحرب) و ناس مريضة نفسيا (اذكر مثلا طفل كان مش بيقدر يسيطر على التبول).
في أورهان باموك بقى ما تلقيش كل الحجات دي إللي بقت نمطية من كل ما تقدمت في الأدب، أو الأدب إللي أنا قريته، باموك بياخدك لعالم تاني.
بالنسبة لجيلي، فكرة عدم المنطية هي إللي خالتني مبهورة مثلا برواية فانيلا لطاهر الشرقاوي و اليوم الثاني والعشرون لمحمد علاء الدين و بابل مفتاح العالم لنائل الطوخي، من حيث إن كل رواية بتاخدك في عالم له مفردات جديدة، زي الخرتيت في فانيليا ومراد وأخته في بابل مفتاح العالم و قصة الحب بين البطل والبنت إللي بتبقى اكبر منه بعشر سنين في اليوم التاني والعشرين، دا مش نقد للروايات دي، دي الحاجات إللي جات على بالي دلوقت.
زي ما قلت فوق، أنا أصراحة مش باعرف اقول كلام كبير عشان كده بقى السؤال هو الآتي:
بما إني باتكلم عن النمطية وإللي مش نمطية فإنت إيه رأيك، إيه رأيك في إن الكاتب مفروض ياخدك لعالم جديد بمرادفات غير مألوفة، تفتكر دا معيار لجودة الكتابة؟ ولو كنت قريت روايات أجنبية عجبتك ، فليه وإيه فيها فاكره كان جديد وعجبك؟
الإجابة غير محددة بسطور معينة ومفيش إجابة واحدة صح، معيدة بقى، صباح الفل