الأحد، مارس 22، 2009

معك

لا أدري منذ متى بدأت بممارسة هذه اللعبة الخطرة: في لحظةٍ ما، لا أعود أطيق كل هذا، فأستحضر كل ما يستفزني فيك، أقنع نفسي بأن ما أعانيه ليس مجرد مللٍ أو ضيق أو تبرّم، بل أكثر من ذلك.. وبناءً عليه، أتحول إلى شبحٍ كئيب متمرد يسير ويأكل وينام ويطبخ ويشاهد التلفاز ويمارس تفاهات الحياة بطريقة ميكانيكية، أبالغ في صمتي وفي ردات فعلي -أو انعدامها، أعتنق كلّ أشكال الغياب.. من تقوقع ونومٍ مدروس وانغماس في كل ما يبعدني عنك .. كل ذلك وأنت تتحمّل، كل ذلك وأنت تنتظرني بصبرٍ لكي أصل إلى تلك النقطة التي، وإن صرت أعرفها جيداً، إلا أنني لا أعرف ماهيتها ولا توقيت الوصول إليها
نقطةٍ عليّ أن أختار فيها.... معك أو بدونك
.. وهكذا صرنا نحن الاثنين نعرف أنه
،عليّ أن أجرّب بين الحين والأخر أن أكرهك
..لكي أحبّك

الاثنين، مارس 16، 2009

دعاء الكروان.. عن الفيلم والحالة

متى لن يعود يبكيني دعاء الكروان؟
لا أعرف بالضبط، كيف، وفي لحظةٍ معينة في الفيلم، تبدأ عندي مرحلة الدموع، مع نشيجٍ أحياناً، مع لبكة البحث عن المناديل الورقية وإخفاء التأثر في حال وجود دخلاء
في نقطةٍ ما، تتضافر العناصر بشكل رائع وأدخل في المود تماماً، أصبح أنا آمنة وهنادي وسوسن وكل النساء العاشقات اللواتي ظلمتهن الدنيا، مجتمعاتٍ وتقاليد

منذ أعوام كثيرة، استحق مني صديقي اللدود الذي كان يحب السينما، لكن الغربيّة تحديداً، تأنيباً شديداً حين قال لي بلا أدنى مبالاة ولا خشا ولا حياء إنه لم يشاهد فيلم دعاء الكروان من قبل؛ قلت له كيف يعني؟ لا أحب منك هذه النظرة الفوقية إلى السينما المصرية، ولا أفهم كيف أنك رجل شرقي ولا تعني لك تحية كاريوكا أو هند رستم أو نادية لطفي، ولا تحب سعاد وفاتن كمان؟! عيب عليك! جاء بعد فترة مبهوراً بعد أن سنحت له فرصة نادرة لمشاهدة دعاء الكروان في إحدى دور العرض التي كانت تقيم مهرجاناً خاصاً، لم يدعُني اللئيم، ذهب وحده، أخبرني أنه لم يكن في الصالة غيره وشخصان آخران، قال لي، أنا وشخصان والفيلم... كيف فاتني كل هذا الوقت؟

لا أذكر من الرواية التي قرأتها مرة واحدة منذ وقتٍ طوييييييل سوى سلاستها، وكنت قد شاهدت الفيلم قبلاً. ما لفتني أنه، ولأول مرة، يكتب الأديب نهاية سعيدة، فيما يختار الفيلم النهاية الحزينة. فإن لم تخني الذاكرة، تنتهي رواية طه حسين بزواج آمنة والباشمِهنز، أما الفيلم فاختار خاتمة مأساوية.. إذ تصيب الرصاصة التي كانت موجهة لآمنة قلب الباشمهندز الذي يهمس لها وهو يلفظ أنفاسه بين يديها، موتي هو الشيء الوحيد اللي حايصالحنا على بعض

قلت سأجري بحثاً عن دعاء الكروان، أولاً بدافع الهوس الذي يجعلك تنبش وراء الأشياء التي تحبها، وثانياً، لأرى إن كان الفيلم سيفقد سحره بفعل الثرثرة عن تفاصيله وجعلها مادة لا أكثر. استعنت بعمنا العزيز غوغل، فلا ملجأ لي غيره. لكن قبل ذلك هناك سرّ صغير وجميل سمعت مصوراً فنياً محترفاً يفشيه في إحدى المقابلات التلفزيونية حيث كنت كلي كناية عن مجموعة آذانٍ صاغية ومكبّرة للذبذبات الصوتية كعادتي حين يكون الحديث فنياً بامتياز، وهو أن دور الباشمِهندز لم يكن أساساً لأحمد مظهر، بل كان ل... كمال الشناوي، لكن الست فاتن، المعروفة بمونتها على صديقها هنري بركات وبتدخلها في اختيار من يقف أمامها، إيه وبيطلعلا تتدخل طبعاً، دبكت رجلها في الأرض وقالت لا أقبل سوى بأحمد مظهر، وكان لها ما أرادت، وهكذا استبعد كمال الشناوي الذي يحكى أنه كان قد وقع العقد فعلاً، ورسا الدور لحسن الحظ، على أحمد مظهر.. وحصلت القطيعة بين الشناوي وحمامة، والدليل أنه، على حد علمي، لم يظهرا بعد ذلك معاً في أي فيلم، بعد أن كانا قدما معاً أفلاماً عديدة، منها خلود لعز الدين ذو الفقار، وبابا أمين ليوسف شاهين، والملاك الظالم لحسن الإمام، والأستاذة فاطمة لفطين عبد الوهاب.

أدخلت عبارة دعاء الكروان، ودفشت محرك بحث عمنا غوغل، وحصلت على مئات المواقع، المتشابهة المعلومات أكيد، وحتى وقعت على بحث يقارن بين الرواية والفيلم، مسحت المواد بعينيّ مسحاً سريعاً ورصصتها في ملف، وقلت سأقرأها لاحقاً من أجل ..احم... بحثي. وظللت أؤجل القراءة أياماً وأياماً .. حتى فقدت الرغبة تماماً

سأظل أشاهد دعاء الكروان، وستظل تصيبني موسيقى أندريا رايدر بحالةٍ غريبة لا تصفها الكلمات، وسيجعلني حوار يوسف جوهر الرائع أحزن على إبداعٍ قصير العمر وعلى مبدعين لم ينالوا ما يستحقونه، وسيظل صوت طه حسين المتهدج في نهاية الفيلم يتردد في أرجاء بيتي وفي روحي--
دعاء الكروان، أتراه رجّع صوته هذا الترجيع حين صُرعت هنادي في ذلك الفضاء العريض؟

وسيظل يبكيني.. دعاء الكروان

الجمعة، مارس 13، 2009

ما بقي منه

هي قرّرت أن تحبه..
يوم تعرّفا، وقبل نهاية اللقاء الأول، كانت قد اختارت أن تتجاهل أظافره المقضومة، والصفار الخفيف الذي يشوب أسنانه، وشعره الأكرت بقَصّته التقليدية المملّة، وثيابه غير المتجانسة الألوان تماماً ولا سيّما ربطة العنق المقلّمة بالبني -وهي تكره البني- وحقيبته الجلدية الرخيصة، وطريقته في دندنة الأغاني الفرنسية الرومانسية السخيفة، واختارت أن تتذكر فقط انحناءة جفنيه المتعبين وهو ينظر إلى عينيها.. وتلك الابتسامة الخبيثة التي تراود شفتيه وهو يلفظ اسمها .. وطريقته في احتضان يدها وهو يساعدها لتصعد الباص المتهالك، ثم حين تمترس بجانبها كحارسٍ وفيّ ليحميها من عيون المتلصصين
وأما لتتوقف عن حبه، فقد لزمها الأمر أعواماً طويلة و مئات القرارات؛ لجأت أيضاً إلى حيلٍ بائسة.. أخذت مثلاً تذكّر نفسها كل يوم بكل ما اختارت تجاهله يوم قررّت أن تقع في حبه.. لكن عبثاً
ثم رأت أن تستسلم بانتظار النسيان الذي يأتي بفعل الغياب، بطيئاً ثقيلاً كموتٍ نخاله لن يأتي، ولكنه مع ذلك يأتي
وحين جاء، كانت قد خزنت في أعماق روحها ذكرياتٍ لا علاقة لها بتفاصيل الوجه والعينين واليدين..
مرّ النسيان بطيئاً خجولاً، محا بعض الصور هنا وهناك، لملم من رأسها أسماء الشوارع والتواريخ وصورة المقهى المعلق فوق مراكب الحَمام، لكنه وقف عاجزاً أمام نشوةٍ سكنت روحها كالحروق المستديمة، ونظرةٍ ولِهةٍ متعَبةٍ أنستها يوماً لون الشجر وشكل السماء

الأربعاء، مارس 11، 2009

خَلَصْ

تُصدّق؟ بدأنا الشهر الثالث من العام الجديد وأنا ما زلت أجرجر نفسي لأدخل فيه، فلا يحصل ذلك تماماً. لا أقصد أنني ما زلت أعيش في السنة الماضية، فهذا تشبيهٌ لا يليق بواقعيتي. كل المسألة أنني ما زلت لا أصدق أنه لم يعد من هذا العالم
هو أبوك أنت، وليس أبي، صحيح، ولست أحاول مصادرة أحاسيسك أو المزايدة عليها، فأنت الولد الذي كان طفله، وأنا مجرد ضيفٍ واردٍ على القبيلة. فلن أكذب إذاً وأقول لك إنني أحببته كأبي، لكنني بالتأكيد أحببته بشكلٍ ما، على طريقتي الخاصة.. أقصد أنني لطالما أحببتك وكرهتك فيه، وأحببته وكرهته فيك... طيّب، طيّب، لا داعي لهذه الفلسفات، وخلينا فقط في الحب
حين رحل.. لا أدّعي إن الزمن توقف تماماً، لكن لحظةً ما تجمّدت في رأسي ككرة ثلجٍ صغيرة، وظلت معلّقة في سماء الوقت لا تذوب ولا تسقط، لحظة رأيته في المستشفى آخر مرة؛ ممدداً كان تحت شبكة أنابيب تولّت مهمة تسيير جسده، سمحوا لي بالدخول، ولكن وحدي، كنت خائفة، وشهقت لأنني رأيت على وجهه الغائب خيال الموت الأصفر، فيما كان الآخرون مصرين على التمسك بقليل من الأمل. ثم لم أره بعد ذلك... يوم رنّ الهاتف باكراً جداً ذلك الصباح، علمت أنهم سيخبرونني أنه مات. تركت غزّة تموت وحدها على الشاشات، وقدت السيارة في شبه غياب، بدت لي الطريق قصيرة، كنت لا أريد أن أصل إلى منزلكم. أردت أن أظل في الطريق إلى موته.. كي لا يموت
مروا به ظهراً في سيارة الموتى وعلى النعش الخشبي باقة ورد، وقفوا به قليلاً قرب البيت، ثم ذهب الرجال ليدفنوه وبقينا نحن. وخلص
خلص؟ ما الذي خلص؟ هكذا يموت الناس؟ نبكيهم وخلص؟ ليحل أحدٌ مشكلتي إذاً
ها أنا عاجزة أن أدخل في السنة الجديدة بكليتي، جزءُ مني ما زال ينتظره. أحضر سفرة العشاء، أشم رائحة النعنع وأنتظره ليعود من الفرن بالخبز الطازج.. أقص حبة البندورة الحمراء الكبيرة، وأتذكره يتغزل بها قبل أن يأكلها بشهيةِ طفل جائع.. أشاهد كلام الناس، فأراه جالساً بالبيجاما واضعاً يديه على حضنه كعادته، يعلق على الكلام ويدخل مع مرسيل غانم في حوارٍ من جهة واحدة، يلقنه ماذا يجب أن يسأل ضيفه ويلومه لأنه عجز عن إحراجه .. نذهب إلى المطعم الصيني، فأنظر إلى المقعد الخالي بجانبي وأكاد أسمعه يرشف الحساء ساخناً جداً مثنياً عليه قبل أن نتهيأ جميعاً لألتقاط صورة تذكره بزيارته لمطعمه المفضل هنا
وحين أشعل سيجارة لي، أشعل سيجارة ثانيةً على نيته
********
نادمةٌ أنا لأنني ربما قد أكون قد قصّرت معه يوماً؟ أكيد، لا مهرب من الندم حين يموت الأشخاص الذين نحبهم، أو حتى الذين لا نحبهم
لكن مشكلتي أنني ما زلت لا أصدق أنه صار تحت التراب وأننا نقرأ الفاتحة عن روحه كل يوم
مشكلتي أن لحظةً من حياتي ترفض أن تتحرك من مكانها..
********
ربما حين سأصل إلى مطار بيروت في المرة القادمة، وأفتش عنه ولا أراه، سأقتنع أن سبباً وجيهاً جداً جداً منعه عن استقبالنا كعادته
حينها فقط .. سأفهم أنه مات
وأنه .. خَلَصْ

الثلاثاء، مارس 10، 2009

هلوسات

هبت الرياح عاصفة ليلة أمس فدخلت الأتربة إلى المنزل من شقوق النوافذ غير المحكمة الإغلاق وزادت زكامي سوءاً. لم أتمكن من النوم حتى ساعة متأخرة، ولم أكن أشعر بأدنى رغبة في قراءة أو مشاهدة أي شيء. أطفئ النور والراديو والتلفزيون وأقول سأنام بعد قليل.. وطبعاً لا أنام.. تشتغل الأسطوانة في رأسي.. لا أنام.. لا أنام.. لا أنام.. أتذكر الفيلم ..فاتن حمامة وهي تبدل ملابسها في الأسانسور......... فاتن حمامة وهي تعلن توبتها في نهايته... وأتذكرني فتاةً متوترة تقرأ الرواية بشغف يجعلها تسهر حتى الفجر، لتعلن في اليوم التالي أمام رفيقاتها في المدرسة بغرور من يعرف كل شيء! الرواية أجمل بكثير من الفيلم
أشفق عليه وأنا أراه يتقلب في السرير عاجزاً عن النوم بسبب الحر ومتحرجاً من تشغيل التكييف كي لا يضايقني، أشغل له الجهاز وأترك له الغرفة ممتشقةً وسادتي وأحتل أريكة غرفة الجلوس. أرتمي عليها بيأس.. أفتح عيني بعد قليل فأرى الغرفة من وراء غشاوة. الطاولة المربعة المزدحمة على ضخامتها بكراكيب الأولاد والمناديل الورقية والأكواب الفارغة، وفوق المكتبة أرزة لبنان الخشبية المكسورة التي أصرّ على الاحتقاظ بها بجانب صورةٍ لأبي وأمي مبتسمين في لقطة نادرة.. ووعاء البخور، مضى وقت طويل لم أستعمله، أين وضعت أعواد البخور أصلاً.. أدلك أنفي المتورم المزدحم بشتى الميكروبات وأتخيله كبيراً جدأ كخشم فرس النهر، وأفكر بأنني لو استمريت في التهام الطعام كما أفعل مؤخراً فربما تحولت فعلاً إلى فرس نهر
أرقب بهلع اهتزاز الستائر بفعل الهواء العاصف في الخارج .. سمعت أن اللصوص هنا يخلعون كل ملابسهم ويدهنون أجسامهم بالزيت لكي يتمكنوا من الانزلاق والإفلات إذا حاول أحدٌ الإمساك بهم.. أسمع ارتطام الكراسي البلاستيكية بالأرض قبل أن تتدحرج على الشرفة، لا افكر حتى في إدخالها، عمرها ما رجعت، ماذا تفعل أصلاً منذ انتقلنا إلى هذا المنزل الذي لا نجلس أبداً على شرفته، سوى مراكمة الأوساخ؟ أتساءل ماذا حل بمساكب البقدونس والفجل والرشاد التي زرعها زوجي العزيز منذ مدة.. لكن ماذا بوسعي أن أفعل لها؟ أغطيها مثلاً بقطعة نايلون أثبتها بمشابك الغسيل؟ فكرة رائعة، لكنها مستحيلة التطبيق.. النباتات أصلاً ليست من اختصاصي.. وأضيف بأسى، وأشياء كثيييييرة أخرى.. لكن عليّ أن أركز الآن في النوم.. متى سيجيء النوم يا ربي؟! مع معرفتي التامة بأن النوم لا يجيء حين نستدعيه، لكنني أتيّس.. أحاول استدراجه من قرونه كثورٍ ضخم، فيرفسني رفسةً دامية ويفلت مني إلى آخر الأرض.. يخطر لي تناول حبة مخففة للقلق علّها تساعدني على الاسترخاء، لكنني أغير رأيي بسرعة بعد تذكر كمية الحبوب التي بلبعتها خلال النهار خوفاً من أن تتسبب لي بمضاعفات وتنيمني نومة ً أبدية
هل غفوت لثوان؟ من هذه المرأة المرتعدة في وسط الطريق؟ ماذا تفعل في الخارج في هذه الليلة العاصفة؟ أقترب منها أكثر، الليلة مظلمة بلا قمر، يلتمع برقٌ في السماء كفلاش آلة تصوير ضخمة، فأراها.. لها وجهي وجسمي الصغير وحيرة عينيّ. أسألها، لماذا لست في بيتك. تقول لي بصوتٍ كالعويل، لا بيت لي، لا سقف ولا جدران.. أصحو مرتعدة.. العرق يبللني وأنا أردد بهستيرية: لا بيت لي، لا سقف ولا جدران.. لا بيت لي، لا سقف ولا جدران

الأحد، مارس 08، 2009

فنجان مريمية

لم يكن ممكنا ًتفادي إصابتي بالبرد المزعج هذه المرة أيضاً، غير أن الأمر ليس مستغرباً سيّما بعد أن قضيت النهار متنقلةً، دون مبالاة بالعواقب، من حرارة في الخارج لا تخجل في أوائل مارس من تخطي عتبة ال 45 درجة، فجأة ودون إنذار، إلى برودة الصالات المكيفة وبالعكس
وهكذا انقلبت في غضون ساعات قليلة من شخص طبيعي، أو شبه، إلى كائن بأنف مهرج يعطس كل دقيقتين عطسات متواصلة تثير ضحك الأولاد المتعجبين أيضاً من حيرتي وعدم قدرتي على تحديد أحاسيسي، فتارة أشعر بالسخونة وأطالبهم بتشغيل التكييف وبعد دقيقة أرتجف من البرد وأصرخ بهم لكي يطفئوه قبل أن أنزلق تحت الغطاء السميك.. مع ضرورة التنويه بلفتات ابنتي الحنون ومحاولاتها الاهتمام بي وتلبية طلباتي، ولو أنني أشك بأنها لم تكن سوى ذريعة لتظل ساهرة وتشاهد معي المسلسل اللبناني السخيف
الأسوأ في الموضوع هو شعوري بحنينٍ مروّع إلى كمادات أمي وفناجين الزهورات والمريمية المعدّة بإتقان وبنسبٍ محدّدة على يد أبي وإصراره الملهوف على أن أشربها.. لا ساخنةً جداً ولا باردة
حين نمرض، نعود مجرد أطفال لا يملكون إلا الاحتماء بأهداب أمهاتهم
وأنا الآن لا أريد سوى فنجان مريمية معداً بإتقان وبنسبٍ محددة .. لا ساخناً جداً ولا بارداً
وأريد بشدّة أن أرى تلك النظرة في عيني والدي
تلك النظرة التي تقول لي؛ ربما تكونين على أعتاب الأربعين، لكنك تظلين طفلتي الصغيرة، طفلتي الضعيفة التي أعرف تماماً كيف أعتني بها

الجمعة، مارس 06، 2009

خائفة من شيءٍ ما

الخوف شيء أساسي في حياتي؛ وإذا حدث وغادرني خوفي مرة، تشاءمت وتوجست شراً؛
يربكني غياب الخوف ..لذلك كثيراً ما تراني ألجأ إلى تذكّر أشباحي القديمة أو اختراع أشباحٍ جديدة فقط لأستردّه، ذلك الخوف السادي، الهادئ الساذج مع ذلك، الذي يجعلني أطمئن إلى أنني، ما دمت أخاف، فإن كل ما أخشاه سيظل بعيداً عني
بعيداً ومتعالياً ومغروراً ومكتفياً مني بلذة الاستمتاع بخوفي منه..