في حديث دار بيني وبين أحد الأصدقاء حول أزمة غزة
ذكرني بحادثة وقعت في تاريخ مصر في أيام العز بن عبد السلام
يروى أنه حين اشتد خطر المغول على العالم الإسلامي, وفتكوا بالعراق والشام ولم يبقى سوى مصر كبوابة للشمال الأفريقي وباقي العالم الإسلامي
أزمع قطز أن يعد العدة لمقاتلة هذه الوحوش الكاسرة التي لا تعرف الرحمة والتي احالت انهار العراق الى دماء وأحبار
فوجد ان التمويل أولي العقبات امامه. وقرر ان يجمع الضرائب من الشعب كي يجهز بها الجيش
لكن كيف بإمكانه ان يقنع المصريين البسطاء أن يدفعوا من أموالهم
فذهب الى الإمام العز بن عبد السلام, كي يستأذنه ان يفتيه في أن يفرض ضرائب على الشعب كي يجهز بها جيش المسلمين
فقال العز, أفتيك بشرط, ان تخرج انت أولا كل اموالك واموال مماليكك وامرائك في سبيل الله, فإن لم تكف لتجهيز الجيش
افتيك بفرض ضرائب على عامة المسلمين!!!!
فقال قطز, كلمة....لو عقلها الحكام...لما كنا في هذا الهوان
قال قطز, وما قيمة الأموال إن ضاعت الديار!!!! هذه أموالي جميعا أضعها في سبيل الله
ثم جمع مماليكه وخطب فيهم خطبة عصماء مفادها ان الخطر القادم لن يقف امامه اموال ولا قصور
فلما انتهى من جمع المال رجع الى العز وقال له مازال ينقصنا الكثير
فشمر العز عن ساعديه وجاب انحاء المحروسة كلها
يخطب في الجماهير, ويحثهم على الإنفاق في سبيل الله بأموالهم وانفسهم
و يحثهم على الدعاء بالنصر والقنوط
يحكى ان المصريين في ذلك العصر كانوا يلتقون بعضهم بعضا كل صباح
فلا يتسائلون عن المال والعيال بل يسأل كل منهم أخاه كم ركعة صليت بالأمس
قنوطا لله وطلبا للنصر
كان المصريين يتصورون المغول وحوشا كاسرة...اسودا لا قبل لهم بها...
فقد فتكوا بالدولة العباسية عن بكرة ابيها
كسروا العظام, وسفكوا الدماء, وهتكوا الأعراض وبقروا البطون
فعلوا ما لم يفعلة محتل من قبله..
علم المصريين ان لاسبيل للنجاة سوى بالصلاة والدعاء والعمل المستمر
وكانت السلطة والشعب على قدم وساق
نحو هدف واحد...سنحارب هذا العدو
قد نهزم..فنموت على أرجلنا شهداء في الجنة مدافعين عن ديننا ودنيانا
او ننتصر فنرحم العالم الإسلامي من هذا الخطر الدامي
كانت الجنة متمثلة في احلام المصريين جميعا في ذاك الوقت
فقط كانوا يأملون ان قتلوا ان يقتلوا سريعا دون الم كثير
فكانت النتيجة ان انتصر المصريين انتصارا ساحقا...وكسرت شوكة التتار
وأنقذ العالم الإسلامي...
إن للعز بن عبد السلام في تاريخ الإسلام مواقف غاية في الشجاعة والقوة
لكن قوته كانت تستمد من إحترام الحكام لهم...واحترام الحكام
مستمد من احترام الشعب لعلمائه
واحترام الشعب نابع من إيمانهم ان هؤلاء العلماء ليسوا طلاب دنيا
وإنما طلاب اخرة..لا يبغون الا وجه الله
يا ترى...من يصلح اليوم كي يكون عزا بن عبد السلام...
وهل يدرك الحكام ان التاريخ سيظل يذكر قطز بمنتهى الفخر والإحترام رغم كونه مملوكا وعبدا
وسيذكرهم بكل ذل وعار رغم انهم لم يستعبدوا يوما...
و ياترى هل يعلم العرب والمسلمون اسباب النصر
ان للنصر اسبابا واضحا..لا بد ان يعلمها ويعمل بها الناس
لو فقط نقرأ تاريخنا...لإنتهت إسرائيل منذ خمسون عاما
فقط لو نقرأ