رحلة اغتراب داخل الوطن المنكوب
أُسُرى عن نفسى بأننى فى الطريق لتحقيق ما أصبوا إليه وإن كل من وصلوا لابد لهم من المرور على ما أمر به ... دموع !
مساحات خضراء واسعة .. أشجار البرتقال , نباتات عباد الشمس , زراعات الأرز والبرسيم , أُناس يُمسكون فى أيديهم فئوس ويمارسون
عملهم فى أراضيهم , أشجار النخيل العاليه , ونسمات الهواء الطلق .
الطيور البيضاء تمارس هوايتها فى إكمال المشهد الدرامى ,, وإضفاء لمسه جمال على الصوره الغير زيتيه ,, المشابهه للحقيقه سوى أنها
من وراء زجاج ( السياره ) !!
محمود درويش يتصاعد صوته عبر السماعات .. ( انا من هناك .. انا من هنا .. ولست هناك ولست هنا .. )
السماء صافيه كالعاده فى هذا التوقيت من اليوم , دراجة مارة يحاول سائقها أن يسابق الوقت , ربما يريد اللحاق بصلاه الجمعه التى أذن
مناديها من دقائق .. أو ربما يريد اللحاق بفأسه قبل أن تكل همته . ليزيد أعداد الزراعات والطيور البيضاء فى أرضه !
بيوتٌ تقف واجمة كأشباح هربت من معركة ربما كان الانسان بطلها ..
أزيزٌ لذيذ ... عندما تمر بجوارك سياره مسرعه طالما أحبببت هذا الصوت كنت أفتح النافذه دوماً منذ صُغرى لأشعر بهذا الصوت .. !
أتجمل أمام نفسى وأمُسك كتاباً أقرأه أثناء الطريق .. يُقال أن إضاعه الوقت من هوايات الابطال ( الغير خارقين ) .. !
يستمر النيل فى سريانه وبانعكاس آشعه الشمس عليه .. يصير لوحة زرقاء مُرصعة بخيوط فضية لامعة
بدأت المصانع فى الظهور وبدأت المساحات الخضراء فى التلاشى . أشجار الأرز .. وأشجار البرتقال .. والبرسيم .. بل حتى النخيل
والطيور البيضاء .. لم أعد ألاحظهم الآن !
اختفت آثار مدينتى لم يعُد الا النيل فى سريانه والشمس فى أشعتها والهدف الذى ذهبت من أجله ...
فضلاَ عن الرب الذى يحيطنا دائماً برحمته وبعلمه
الآن أشعر بالحراره الافحة وبالصداع الذى يضرب رأسى بقوه
زحام الكُتل البشريه .. وكُتل السيارات .. أعلنوا أننى وصلت لمدينه الان غير مدينتى .... مرحباً بالمغتربين فى عاصمة وطنهم المنكوب !
-- كتبته أثناء سفرى من المنصوره مسقط رأسى .. الى القاهره مكان دراستى وأيضاً عاصمة الوطن " المنكوب "