jump to navigation

1,016 عدد القراء

حول وضعية اللغات واللغة العربية في المغرب.

25 يناير 2008 مصنف في: عام , عدد التعليقات 11

الساعة الآن في مكتبي الرابعة وأربعة وخمسون دقيقة بتوقيت GMT، جفاني النوم الليل كله، ولكن لا بأس بالكتابة.

espoir

هناك اعتقاد راسخ لدى المشارقة عن المغرب مفاده أن المغاربة يهتمون بالفرنسية أكثر من العربية، حتى ليخيل إليهم أن المغاربة يتحدثون لغة موليير أحسن من الفرنسيين أنفسهم، وأن اللغة العربية لغة ضعيفة عندهم لا يستطيعون أن يبينوا بها، فما أدراك بإتقانها والتفنن في الحديث بشواردها وفقهها، والحق أن حالة اللغة العربية عندنا ليست أحسن حالا من باقي اللغات، فلا يغرنك ما تسمعه في لهجتنا من كلمات فرنسية أو إسبانية أو كلمات مجهولة تبحث عن هوية لها، فبحكم تجربتي أصبحنا للأسف لا نعرف أية لغة.

هناك إخفاق شديد في تعلم اللغات في المدارس الحكومية، لا يستطيع تلامذتنا أن يتحدثوا بأية لغة : لا العربية ولا الفرنسية ولا الإنجليزية ولو لمدة دقيقة واحدة، إذا أخذنا العربية أستطيع بحكم تجربتي المتواضعة أن أؤكد موتها في نفوس الشباب، ولا أقصد اللغة الجامدة التي تملأ الكتب والمقررات الدراسية، فهذه ماتت منذ عقود، بل منذ قرون، ولكن أقصد تذوق النصوص الأدبية الجميلة، والتفاعل مع روح الحياة النابضة بالقيم الأخلاقية السامية التي لا تخلو لغة منها، ولا ينقطع وهجها على مر التاريخ، فتذوق اللغة وما تحفل به من قيم الحياة معدوم عند شبابنا، وسببه هو أننا نفرض عليهم وسائلنا القديمة في تلقي اللغة دون أن نحاول أن نفهم ولو للحظة واحدة أن عالمنا غير عالمهم، وأن مثلنا غير مثلهم، فما كان يطربنا في السبعينيات وبداية الثمانينات لم يعد يطربهم، بل إنهم يلعنوننا في سرهم وإن أبدوا لنا احتراما زائدا متصنعا تفرضه طقوس المراتب الاجتماعية وبقية حياء خافت سيزول مع الأيام!

ولو أخذنا الفرنسية أو الإنجليزية فنستطيع أن نؤكد أن الذين بمقدورهم أن يتحدثوها هم طبقة من المنعم عليهم يستطيعون دفع ثمن هذه الدروس لأنصاف أساتذة فاشلين التهمتم المادية الصاخبة فلم يفرقوا بين ضرورة العيش الكريم وبين واجب تلقين الشباب أصول الكفاح من أجل اكتساب معرفة حقيقية تعتمد في أساسها على الذات والتعب والإحساس بلذة التعب في التعلم وتثقيف الذات، ولو تمادنا في هذا الأمر فسنجد أنفسنا بعد سنوات قليلة في مشكلة حقيقية: مشكلة معرفية وليس فقط مشكلة في التعليم.

إن اللغة بالنسبة للجيل الذي أنتمي إليه هي الحرف والكلمة والجملة، وربما الفقرة والنص في أبعد تصور، لكن اللغة بالنسبة لهذا الجيل، هي الصورة والنغمة والحركة، وربما أيضا الإحساس بالعجز وكراهية كل من يذكرهم بمفاهيم تقليدية من قبيل الواجب والمسؤولية والثقافة، وهذه مسألة يجب أن ينتبه إليها المربون ويعملوا بمقتضاها مع الشباب.

في المحصلة إن وضعية اللغة العربية واللغات الحية في بلادنا في وضعية لا تحسد عليها، وليس في استطاعتنا إلا أن ننبه إلى ضرورة التفكير الجدي في المسألة مع إشراك المهتمين من علماء نفس وعلماء اجتماع ولسانيين وغيرهم من أهل الاختصاص في دراسة هذه الوضعية، لكن حذار أن نقع في الخطأ الذي نقع فيه دائما: استبعاد الفئة المستهدفة من العملية وهي فئات الشباب، استمعوا إليهم فعندهم من العلم والذكاء وقوة الإرادة الشيء الكثير.

730 عدد القراء

تتمة وتحديث بخصوص برنامج الكلك

19 يناير 2008 مصنف في: اختبارات البرامج , 4 تعليقات

في التدوينة السابقة كنا قد تحدثنا عن المشاكل التي تواجه مستخدم الويندوز XP أثناء تثبيته لبرنامج الكلك النسخة 2000، وأشرنا إلى بعض الحلول التي اقترحت في المنتديات العربية ومنها عدد لا بأس به من الترقيعات غير القانونية، لكن مع ذلك فإن المشكلة ما تزال قائمة حتى بالنسبة للنسخة الشرعية، أقترح هنا إحدى الحلول الناجحة مع الحزمة الخدمية الثانية أعرضها على شكل صور ليتبين المقصود:

1

بعد فتح عمل جديد، والضغط على أيقونة نص الصفحة يظهر ملف dll ناقص، والواقع أنه بعد الرجوع إلى مجلد system 32 فإن الملف موجود، ومع ذلك قمت بتحديثه مرة أخرى، وتبقى المشكلة على ما هي عليه، هذه من رسائل الأخطاء العادية لنظام كميكروزفت!

لتفادي هذه المشكلة نؤشر على سطر الكتابة حتى يظهر اللون الأزرق ثم ننقر بالزير الأيمن بالماوس لفتح نافذة الحوار وملأ الإعدادات كما يلي:

2

هنا تظهر مشكلة ثانية تتمثل في أن النص المكتوب يختفي من الواجهة ولا يمكن استرجاعه بأية طريقة بعد الضغط على زر إعمال كما في الصورة المرفقة،لتفادي هذه المشكل فإن الحل السريع هو أن نستغل خاصية مفتوحى في البرنامج هي إمكانية فرض عدد التكرار، فمثلا يتيح البرنامج إمكانية كتابة جملة مكررة عددا من المرات، نقوم بتكرار الجملة ثلاث مرات مثلا، ونترك السطر الأول لا نشتغل عليه، ونشتغل على السطر الثاني، وعندما ننتهي من السطر نعيد تكرار العملية من جديد بما تبقى من السطور، في حالتنا هذه بقي سطر واحد فارغ نكرره أيضا ثلاث مرات حسب ما نريد القيام به. الصور التالية تشرح المسألة ابتداءً من عملية التكرار:

3

4

5

6

7

656 عدد القراء

الطريقة الغبية والنتيجة العبقرية.

14 يناير 2008 مصنف في: اختبارات البرامج , 3 تعليقات

كان من المفروض أن أتحدث اليوم عن طريقة غبية توصلت بها إلى تشغيل برنامج الكلك الشهير، إنها طريقة غبية بكل المقاييس، ولكنها بتعبير "سعيد الصحاف" طريقة غير تقليدية، فجميع مستعملي نظام Windows Xp الحزمة الخدمية الثانية Pack 2 يعرفون أنهم لا يستطيعون تشغيل هذا البرنامج الرائع في نسخته الرسمية الأخيرة الكلك 2000 لأسباب عدة يمكن أن نجملها في سببين رئيسيين:

الأول: هو عدم التوافق الكلي بين النظام والبرنامج على مستوى الموارد.

الثاني: أن برنامج الكلك ـ لسبب برمجي أنا على الأقل أجهله ـ لا يستطيع أن ينسخ ملفات النظام الخاص به إلى المجلدات الفرعية في مجلد النظام خاصة الملفات ذات الملحقات .dll وربما هناك مشكلة ثالثة هي أن البرنامج غير متوافق مع التحديثات (أو بتعبير دقيق الترقيعات )التي تطرحها مايكروسوفت كل يوم.

كنت قد قرأت في العشرة أيام الماضية كل ما اقترحه الإخوة في المنتديات العربية من حلول لهذا المشكل ويمكن تلخيص هذه الحلول في ثلاث نقط:

1ـ أنت حملت نسخة غير كاملة من البرنامج ولذلك عليك أن تزيلها من جذورها عن طريق الريجستري، ثم تعيد التنصيب من جديد، تنصيب إلى ما لانهاية بعض الإخوة قال إنه نصب البرنامج أكثر من خمس مرات والنتيجة دائما هي أن البرنامج لا يعمل.

2ـ بعض الإخوة اقترح باتش خاص يعمل مع نسخة الويندوز التي أشرت إليها في مقدمة هذه التدوينة. حتى هذا الباتش الذي شخصيا لا أعرف ماذا يفعل بالضبط سوى أنه ينسخ ملفات الخطوط في المسار System32 لا يحل المشكلة.

لا أدري إن كان هناك حل ثالث سوى هذا الحل الغبي الذي سأتحدث عنه في التدوينة القادمة ، وإنما أجلته لأنه سيكون مليئا بالصور الداعمة للشرح. فانتظرونا.

ملاحظة: النسخة التي أشرحها نسخة قانونية وليست مقرصنة.

574 عدد القراء

العنف وكبش الفداء في المسرح العربي (ج6) الأخير.

11 يناير 2008 مصنف في: النقد الأدبي , لاتوجد تعليقات

هذه السلسلة من المقالات تتعلق بقراءتي لمسرحية “محاكمة الرجل الذي لم يحارب” لممدوح عدوان، أنشرها هنا في مدونتي على مراحل، لأن أغلب القراء لا يقرؤون المقالات الطويلة:

قد يكون من الأفضل أن تبدأ بهذه المقالات، لأن الموضوع مترابط.

  1. مقدمة.
  2. الأحداث الصغرى والبنية الأساسية للسرد.
  3. الشخصيات والوظائف.
  4. منظومة القيم المهيمنة.
  5. العنف (مقدمة).
  6. من السكون إلى العنف. (كبش الفداء)
  7. العنف والعنف المضاد.
  8. درامية العنف في المسرحية.
  9. خاتمة.

2ـ 4 أبو الشكر/ عبد الله:

رغم أن عبد الله، في الظاهر هو صديق لأبي الشكر، إلا أن الخوف من السلطة جعله يمارس إكراهات نفسية وضغوطات شديدة على أبي الشكر، يشهد لهذا أن عبد الله كان يحاول استدراج أبي الشكر للحديث في مواضيع تؤول لغير صالحه، يبدو الحوار بينهما بريئا، ولكن هذا الحوار البريء الساذج هو السبب الرئيس لإدانة أبي الشكر الذي يحاول بكل ما أوتي من قوة أن ينفس عن نفسه بالعويل والصراخ:

ـ (ينفجر بغيظ قريب من البكاء) أما نحن فحشرات حقيرة…نعم…هكذا نحن…هكذا جعلونا، الشيء الوحيد الذي تعلمناه، طوال عمرنا هو الخوف…لقد أتقناه أكثر ما أتقنا العيش، تعلمنا كيف نبقى مذلين محتقرين…الخوف من الجيش ومن الشرطة زمن الموظفين ومن الشرطة السرية ومن العسس…(1).

نلاحظ أن أبا الشكر يحاول أن يصرف العنف الموجه ضده، لكنه توجيه أداة، تصريف سلبي، لأنه لا يستفيد منه في تخليص نفسه من العنف الموجه ضده بل يزيد في تأزمه النفسي.

يظهر أبو الشكر في هذا المستوى بمظهر المنهزم الذي لا يعرف ما يفعل، ورغم كل الانتقادات التي وجهها للسلطة إلا أنه لم يستطع أن يتخذ قرارا أو موقفا واضحا من العنف الذي يمارس عليه.

2ـ 5 أبو الشكر/ الزوجة:

في هذا المستوى نجد الموت يتخذ بعدا ميثولوجيا/ غرائبيا، حيث ينتقل من بعده الفردي (موت الإنسان الطبيعي) إلى الموت الجماعي، الموت المقدس من أجل الجماعة واستمراريتها، فأبو الشكر لا يريد حياة الذل والهوان، وفي المقابل يجد الحل المناسب وهو الموت الجماعي:

ـ … لماذا لا يحتمل؟ هل هناك الموت؟ لا بأس…سنموت هنا (2) إن الموت هنا يتجسد أساسا دفاعا عن الشرف، شرف الزوجة، فإما الرحيل بعيدا، وهذا مستحيل، وإما الموت الجماعي حفاظا على الكرامة:

ـ هناك أمور لا تقال أمام النساء…إن جنود "هولاكو" يعتدون على النساء…المسألة مسألة شرف (3) وهكذا يتداخل المقدس (الشرف) مع المقدس (الموت) فتكون التضحية بأحدهما على حساب الآخر، الأمر في المسرحية لا يتعلق فقط بالتضحية، بل يتعلق أيضا بموقف ذاتي أمام النفس: إن الرجل الذي لا يستطيع حماية زوجته/حبيبته يستحق الموت، الموت دون رحمة.

أثناء الحوار بين الزوجة وعبد الله وأبي الشكر نلمس أن الخوف كان من إمكانية العنف الجنسي الذي يمارسه الجنود على النساء (4) فعبد الله يحذر أبا الشكر مما ينتظر مصير ابنته وزوجته بين "الكفار".

2ـ 6 أبو الشكر/ القطة:

من بين التهم التي وجهت لأبي الشكر أنه قتل هرة الخليفة خنقا، بعد أن رآها تأكل كل ما لذ وطاب، قتلها حسدا وحنقا عليها، في هذا المستوى يمارس العنف المضاد على أبي الشكر بعد أن اعترف بـ "جريمته" بعد أن شهد طباخ الأمير بصدق الواقعة.

وفي هذا المستوى يتجسد العنف ضد الحيوان، لكنه يتخذ في المسرحية بعدا رمزيا، فالقطة غالبا ما ترمز للطبقة الراقية/ الأرسطوقراطية، وهو الأمر الذي يدل على العنف التاريخي المتبادل بين طبقات المجتمع.

3ـ درامية العنف في المسرحية:

تمارس السلطة/ القاضي وأعوانه العنف على أبي الشكر وأسرته بعد اتهامه بالخيانة العظمى، لكن العنف لم يصبح تبادليا على اعتبار أن أبا الشكر لا يمتلك "القدرة" الفعلية التي تجعل منه قطبا بإمكانه ممارسة العنف، صحيح أن أبا الشكر مارس العنف في بعض فترات حياته، ولكن هذا العنف كان فقط مع الأقران/ النظراء الذين يمتلكون نفس خصائصه الإنجازية: عبد الله/ القطة…

وهكذا عوض أن يصبح أبو الشكر منافسا للسلطة، يصبح قربانا لها، تكفيرا عن الجريمة الأم، التي وقعت وهي سلب الأرض وانتهاك الحرمات، إن أبا الشكر هو الضريبة التي دفعت من أجل تكفير الدولة عن ذنبها الذي ارتكبته في حق الشعب، والاعتراف بهذا القربان يكون دائما أمام الجماعة/ التجمهر، أي الناس الذين حضروا للمحاكمة، والتجمهر أساسي لإضفاء طابع القدسية على القربان، حيث إن: "العنف الجماعي غالبا ما يتخذ صفة عنف مقدس، ويمارس في ميدان قدسي: / المحكمة، يحتوي (الميدان القدسي) في مختلف أشكاله ولا سيما العبادة، بحيث يعتبر العنف وجها من وجوهها وكأنه ممارسة لطقس من طقوسها سواء في حالات سفك الدماء: في القتال أو في الأضاحي البشرية المقدسة، رمزية كانت أم حقيقية " (5). إن حالة أبي الشكر تمثل أزمة قربانية حقيقية في المسرحية. كان ضروريا سدها، وقد وقع الاختيار على أبي الشكر لأنه يمثل كبش فداء حقيقي، فهو إنسان بسيط، ساذج، كما أن تصريحاته هي قمة الفتنة في مجتمع تعم فيه الفوضى ويكثر فيه النهب والسلب، فأبو الشكر يمثل أزمة ثقافية في المجتمع العربي، لذلك فالتخلص منه هو السبيل الوحيد لتزيين صورة الحاكم في أعين الشعب، مباشرة بعد تمييزه من باقي الشعب، ثم اتهامه بالخيانة العظمى، بمعنى أن المحاكمة ينبغي أن تبنى على أسس مقبولة، وإلا فقدت مصداقيتها المقدسة والقانونية، وهكذا أجريت له محاكمة عادية بحضور طاقم يمثل العدالة والقانون…ليبحث في "العلامات النمطية" التي تجعل من أبي الشكر قربانا يقدم فداء من أجل "الشعب" و"الوطن".

تلخيص:

يمثل أبو الشكر كبش فداء يمارس عليه العنف بشكل مقدس بعد عزله وتوفره على مجموعة من العلامات النمطية التي تجعل منه قربانا مقدسا، لن تقديمه كقربان لم يكن عملا وفعلا مباشرا، بل قامت السلطة بتوجيه تهمة خطيرة إليه هي تهمة الخيانة العظمى، أي إن القربان المقدس ينبغي أن يسبقه ذريعة لتمرير هذا الفعل وجعله مقبولا لدى الجماهير، ولذلك كنا نرى الجماهير لا تحرك ساكنا داخل المحكمة، كانت ملتزمة بالصمت طوال الوقت، وهذا يعني أن الجماهير كانت راضية على هذه المحاكمة مقتنعة بأهميتها، فهذه المحاكمة تعتبر أمرا مقدسا لابد منه لتكفير الذنب/ الاحتلال، وعلى مستوى آخر يمكن إن يمثل أبو الشكر قربانا رمزيا للشعب الحائر المتخلف ضمانا لاستمراريته وبقائه.

إحالات:

  1. المسرحية ص 12
  2. نفسه ص 13
  3. نفسه ص25
  4. نفسه ص50
  5. سعيد الناجي (مرجع سابق) ص 89
746 عدد القراء

العنف وكبش الفداء في المسرح العربي (ج5)

8 يناير 2008 مصنف في: النقد الأدبي , لاتوجد تعليقات

هذه السلسلة من المقالات تتعلق بقراءتي لمسرحية “محاكمة الرجل الذي لم يحارب” لممدوح عدوان، أنشرها هنا في مدونتي على مراحل، لأن أغلب القراء لا يقرؤون المقالات الطويلة:

قد يكون من الأفضل أن تبدأ بهذه المقالات، لأن الموضوع مترابط.

  1. مقدمة.
  2. الأحداث الصغرى والبنية الأساسية للسرد.
  3. الشخصيات والوظائف.
  4. منظومة القيم المهيمنة.
  5. العنف (مقدمة).
  6. من السكون إلى العنف. (كبش الفداء)
  7. العنف والعنف المضاد.
  8. درامية العنف في المسرحية.
  9. خاتمة.

العنف والعنف المضاد:

1 ـ خروج عن الموضوع!

فليعذرني القارئ الكريم إذا خرجت عن الموضوع، فقد كان من المفروض أن أكتب اليوم حول موضوع: العالم الإسلامي: أي مشروع إجتماعي وسياسي؟ (Le monde musulman: quel projet social et politique?) الذي ألقاه طارق رمضان في كلية آداب وجدة يومه الجمعة، ولكنني فضلت ألا أخوض في مواضيع خلافية خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ما كنت انتظره من المحاضرة على المستوى العلمي لم يضف أي جديد، كنت أنتظر على سبيل المثال لا الحصر أن يحدثنا طارق رمضان عن المناهج العلمية لدراسة الظاهرة الإسلامية والمجتمعات ذات التوجهات الإسلامية، أكثر مما يحدثنا عن هذه المجتمعات، فالخطاب الذي قدمه قد يصلح لمحاضرة في فرنسا أو سويسرا، ولكنه قد لا يكون مفيدا في المغرب، على كل حال، أحس أنني لم أستفد كثيرا من هذه المحاضرة رغم أنني كنت أنتظرها منذ أكثر من أسبوعين.

2ـ عودة إلى موضوع العنف والعنف المضاد:

يتمركز العنف في المسرحية من خلال مستويات متنوعة دالة، تدخل فيها الذوات في صراعات لتبادل العنف الرمزي تارة والحقيقي تارة أخرى، ويمكن حصر العنف في المسرحية في المستويات التالية:

2 ـ 1 ـ الجمهور/الحاجب:

يمارس الحاجب عنفا معنويا على الجمهور، وذلك بمنعهم من متابعة الجلسة العلنية للمحاكمة، أي إنه يمارس على الجمهور قمعا معنويا، يستغل سلطته في فرض واقع معين:

ـ ماذا أرى؟ جمهور؟ من سمح لكم بالدخول؟ هذه ليست محاكمة عادية، إنها معقودة في السر، إنها محاكمة… (1)، وهي محاكمة من نوع خاص ف نظر الحاجب، لا لشيء إلا لأنها تتعلق بحالة استثنائية عقدها ضروري للاحتفاظ بهيبة الدولة والسير العادي للمؤسسات في أوقات الحرب، إن العنف الممارس في هذا المستوى على الجمهور، لم يكن ليحرك الطرف الآخر، بل عن العنف المضاد تجسد في شكل صمت مطبق على الجمهور، وكل شخص يلعن سره هذا الحاجب اللعين ! يلجأ الحاجب أيضا العنف النفسي في كثير من الأحيان لترهيب الجمهور وتخويفه:

“… أنا، وأعوذ باله من كلمة أنا، عسكري للخدمات، غنني أشتغل حاجب محكمة وجلادا، نعم لقد نفذت أحكاما بالإعدام والجلد، وربما تضايق القاضي من واحد منكم وأمرني بإعدامه، وسترون عندها مدى مهارتي في تنفيذ الأوامر، وأرجو الله أن لا يتضايق…” (2)

يلجأ الحاجب إلى هذه الطريقة من أجل إرهاب الجمهور وتخويفهم نفسيا، إنه يمارس شكلا من القمع النفسي ليفرج عن نفسه من جهة، ونتيجة القمع الموجه ضده من طرف القاضي، وفي الوقت ذاته من أجل إثبات شخصيته أمام الجمهور، إنه يمارس العنف ببراءة ساذجة!

2ـ2 أبو الشكر/ الحاجب:

في هذا المستوى يظهر أبو الشكر مستسلما للقدر، بعد أن تأكد أن كلامه لا ينفعه في تقرير مصيره فالتزم الصمت، هنا يصبح الحاجب ممارسا للعنف بشكل تصاعدي بداية من طريقة إدخاله المحكمة انتهاء بتقديمه للقاضي، وفي هذا المستوى تتدخل “الارشادات” الواصفة للحالة النفسية الخاصة بالحاجب:

ـ يتحدث بتأثر شديد…يتنهد…يصرخ بصوت جوهري…(3)

إن الحاجب يمارس هنا العنف من أجل ضمان بقائه، كما لو كان ثمنا لضمان عمله كحاجب، “فالصراع من أجل البقاء والقلق والخوف الذي يدفع المرء لأن يقتل مخافة أن يُقتل أو يجوع، كلها عوامل أساسية في العنف…” (4).

2ـ 3 محامي الدفاع/القاضي:

يفترض في المحامي أن يساعد موكله، وأن يضمن له محاكمة عادلة، وربما يستطيع أن يجد حلولا لتبرئته من التهم المنسوبة إليه ! لكن محامي أبي الشكر يمارس على موكله نوعا آخر من الضغط النفسي: “سيدي القاضي لا أرى في كلام حضرة النائب العام إلا مجموعة من التهم الخطيرة التي لو ثبتت واحدة منها لاستحق موكلي من أجلها الإعدام ” (5).

خطاب ملتبس، لا نفهم منه شيئا محددا، وهل ابو الشكر متهم؟ هل هو برىء؟ ما موقف المحامي؟

إن القاضي يمارس العنف على المحامي ليحد من تدخله في موضوع المحاكمة، ويعتمد في هذا مجموعة من الوسائل: فهو تارة يضرب على الطاولة بعنف وينظر إلى المتهم بغيظ (6) وتارة لا ينتبه لأقوال المحامي (7).

إن العنف الذي يمارسه القاضي على المحامي ناتج عن متتالية هرمية للعنف التبادلي، حيث تحتل كل شخصية موقعها في الهرم الاجتماعي لممارسة العنف، كما يحدث في مسرح الحياة تماما.

يتبع…

إحالات:

(1) ممدوح عدوان: محاكمة الرجل الذي لم يحارب ص 7.

(2) نفسه ص 8.

(3) نفسه ص 9ـ 10.

(4) سعيد الناجي: صناعة الفرجة في احتفال سلطان الطلبة، فكر ونقد (مغربية)، ع 15/1999 ص 90.

(5) محاكمة الرجل الذي لم يحارب ص 12.

(6) نفسه ص 13.

(7) نفسه ص25.