يونيو 2007


أحمد الله تعالى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ، إذ أحسبني ممن أنعم الله عليهم بنعمة قصد وجهه الكريم فيما أقول وما أكتب .. وما ضرني بعد ذلك أني أسير ضد التيار أو مع التيار .. أو أخسر في خضم السباحة وسط التيارات آخرين .

وقد يكون هذا الموضوع هو آخر ما سأكتبه عن ما حدث في غزة من سيطرة حماس عليها ، وهو يشبه بالنسبة لي الدروس المستفادة من الحدث .

 

( 1 ) أسطورة الحل الأمثل .

في كل الحوارات التي خضتها على الانترنت أو على الأرض كنت أتمنى ممن عارض ما فعلته حماس أن يقدم لي الحل الأنسب من وجهة نظره ، وعند هذه النقطة تحديدا إما يسكت الطرف الآخر ، أو يفتعل مشكلة ، أو يحرف مسار الحديث .. وما شاهدت ولا قرأت ولا سمعت في كل ما قرأت من حوارات أو مقالات أو برامج من طرف عارض حماس رؤيته لحل أمثل آخر .

من في العرب أو المسلمين أو كل البشر الأسوياء في الدنيا يتمنى الدم والقتل والمعارك اليومية بين فتح وحماس ؟ من ذلك الذي لم يؤلمه ما كان يحدث في غزة صباحا ومساءا ؟ من ذا الذي لم يكن يتحرق تحرقا شوقا إلى أن يكون الحوار هو الحل أو أن ينجح اتفاق واحد من اتفاقات وقف إطلاق النار ؟ من هو الشخص الذي لم يطر فرحا باتفاق مكة عساه - رغم كل المشككات - يكون النهاية السعيدة للمشهد الدموي في فلسطين ؟

إن انهيار الأجهزة الأمنية في يوم واحد كان أكبر دليل على أن استمرار عصابات دحلان في جرائمها إنما كان يعتمد قبل كل شئ على سماحة وكرم وطهارة كتائب القسام .

إذا كانت كتائب القسام لما أرادت دخول المعركة بجدية استطاعت أن تتخلص من أجهزة أمن السلطة في يوم واحد .. فليس لهذا معنى إلا أن قيادة حماس السياسية كانت تسيطر على عناصرها سيطرة كاملة ، وأن عناصر القسام التزموا التزاما حديديا بقرارات القيادة السياسية ولم ينزلقوا - رغم عنف وبشاعة ما يطالهم من قتل وتعذيب - إلى أن يدخلوا المعركة .

هذا يعني أن حماس كانت الطرف المظلوم والمقتول طوال الوقت ، وكانت تترفع بسلاحها أن ينال أحدا مهما غالى هذا الأحد في القتل والحرق والخطف والتعذيب .. وأن استمرار حالة الفلتان الأمني يرجع في أساسه إلى حرص حماس البالغ على ألا تدخل المعركة .

إذن .. لدينا عدة معطيات :

1- حكومة منتخبة تواجه فلتانا أمنيا ، ولديها القوة الكافية لسحقه في 24 ساعة لا غير ، وقتل بعض من خيرة شبابها وقياداتها ، وجرت 3 محاولات لاغتيال رئيس الوزراء .. ومع ذلك تلتزم الحكمة ولا تمل من الحوار تلو الحوار تلو الحوار .

2- عناصر أمنية منفلته ذات تاريخ أسود في تتبع وتعقب المقاومين ، ومعروف صلاتها بإسرائيل وأمريكا ، تمارس أعمالا بلغت حد القتل على اللحية وقتل أئمة المساجد وتعذيب وخطف الشباب المقاوم ، وتتغطى بغطاء فتحاوي ، وحركة فتح لا ترفع هذا الغطاء حتى عن من اعترف بلسانه أنه احرق في ليلة واحدة عشرين منزلا وسوبر ماركت وتوعد بأن يقتل كل حمساوي مدني أو عسكري ( سميح المدهون في حديث لإذاعة الشباب الفلسطينية التابعة لفتح ) .

3- شهور من حوار لم تصل إلى اية نتيجة ولم تفلح حتى في إنقاذ شاب حمساوي من الموت ، إذ تركوه ينزف ومنعوا عنه سيارات الإسعاف حتى مات رغم ما أجري من اتصالات مع قيادة فتح ، بما يؤكد أن قيادة فتح - لو افترضنا عدم التورط - لا تستطيع السيطرة على عناصرها في الميدان .

فأي حل يمكن أن ينهي تلك المشكلة إلا ما حدث ؟؟ ما هو الحل الأمثل من وجهة نظر البعض الذين غضبوا من حماس ؟؟

وإذا افترضنا أن حماس لم تهتدي إلى الحل الأمثل .. فمن فينا وفي كل الدنيا استطاع أن يجد لكل مشكلة الحل الأمثل الخالي من أية خسائر ؟؟؟

 

( 2 ) لسنا ملائكة .. فهيا بنا إلى الشيطان .

 

لستم ملائكة : هذا شعار رفعه في وجهي كل - تقريبا - من حاروتهم في شأن حماس ، وكان يرى المنحازين لحماس يعبرون عن تطرفهم وتعصبهم وعدم قبولهم الرأي الآخر حين يدافعون عن حماس بشراسة .. ومهما كانت الحقائق والوقائع ، ومهما كانت ردود الفعل العربية والدولية واضحة إلى الحد الذي يجعل أي وطني شريف ينحاز إلى حماس ، إلا أن هذا الشعار يحاول أن يضع حماس والمنحازين لها في خانة المتعصب الذي يظن أن حماس مجموعة من الملائكة وليسوا من البشر .

أقترح أن نغلق كل المحاكم ومؤسسات القضاء ، فطالما أنها تحكم بين البشر ، فإن الخصمين أمامها ليسوا ملائكة مطهرين ، ولابد أن المظلوم فعل أخطاءا في حياته - لطبيعته البشرية - يستحق عليها عقوبة أن يظلمه الظالم .. ولتعد الحياة غابة تتكون من مخطئين يستحقون في كل الأحوال أن يتبادلوا الأخطاء والمظالم .

ليس معنى أن حماس بشرا أنهم لابد مخطئون في كل موقف وفي كل تصرف وفي كل يوم وفي كل ساعة .. لكن : هذا ما يريده بعض من يلبسون ثياب الحكمة والعقل ويوزعون الأخطاء وهم في الغرف المكيفة وتداعب أناملهم أزرار الكمبيوتر .

هناك جانب آخر في غاية الطرافة :

حينما أعلن خليل الحية القيادي في حماس في المؤتمر الصحفي أن وثائق خطيرة وقعت في يد حماس تثبت أن جهاز الأمن الوقائي تعامل مع مخابرات أجنبية ، واستدرج شخصيات فلسطينية كثيرة نحو الرذيلة هم أو أبناؤهم أو بناتهم وتم تصوير هذه المشاهد وابتزازهم بها .. صرح متحدث لفتح بأن الأخطاء شئ طبيعي في كل مكان في الدنيا وأن فتح لم تقل في يوم من الأيام إنها حركة من الملائكة .

هكذا وبكل بساطة ، وتحت شعار ( لسنا ملائكة ) يمكن أن نقترف الخيانة والعمالة وأحط الجرائم المخلة بالشرف وبالوطنية .

وتحت نفس الشعار ( لستم ملائكة ) يجب ألا تدافع عن الحق ، ولو كان هذا الحق هو المقاومة والوطنية والقدس والقضية .. ويجب أن تعترف أنك لا محالة مخطئ لأنك بشر ولست ملاكا .

وما دمت لست ملاكا ، وما دمت أنت لست ملاكا .. فهيا بنا نحو الشيطان ، فنحن ياصديقي لابد أن نخطئ .. أنسيت أننا بشر ؟

 

( 3 ) أخطــاء حماس :

وتلك نقطة متعلقة بما قبلها .

كمية المقالات والتقارير والحوارات والتحليلات المكتوبة والمرئية والمسموعة التي وقفت ضد حماس تكثفت حول بعض مشاهد هي : ( إنزال علم فلسطين ، ورفع علم حماس / هدم النصب التذكاري للجندي المجهول / اقتحام بيت الرئيس أبو مازن / اقتحام بيت الرئيس أبو عمار / قتل سميح المدهون / اعتبار سيطرة حماس على غزة بمثابة ” تحرير ثان ” أو ” فتح مكة ” ) .

ليس أبرع مما كتب فهمي هويدي قائلا : ” إن المرء حين يطالع المشهد الفلسطيني عن بعد يجد أن له عناصر جوهرية وأخرى ثانوية. ومن أسف أن الإعلام الساعي إلى الإثارة عادة ما يجد ضالته في العناصر الثانوية، فيسلط أضواءه القوية عليها، وقد تصيدت بعض وسائل الإعلام وأبرزت تصرفاتٍ عدة لرجال القوة التنفيذية وعناصر حماس أثناء المواجهات المسلحة؛ كانت مسيئة وموغلة في الخطأ ” ( الشرق الأوسط 20/6 ) .

دعك من الاختلاف حول هل كانت فعلا بعض تلك التصرفات ” موغلة في الخطأ ” ، لكن ألم تحدث براكين انقلابات في الضفة الغربية وتم في الأيام الثلاثة الأولى إحراق 120 مؤسسة تابعة لحماس ، فضلا عن اعتقالات بالجملة في صفوف الحركة ، واختطاف مجموعات من شبابها ، والانقلاب على مجالس بلديات تابعة لحماس واستبدالها بأخرى تابعة لفتح وحرق مكاتب أعضاء حماس في التشريعي ، هذا كله فضلا عن سلسلة مراسيم تعدت كل القوانين ووضعت نظاما جديدا تماما في الضفة على رأسها مرسوم يدعو لحل كافة فصائل المقاومة .

لم لم تثر كل هذه الأجواء العنيفة والمتوترة عيون الإعلام الرسمي ، وانهال يمسك بالمجهر بحثا عن أخطاء لشباب حماس في غزة ( غزة بالمناسبة التي أصبحت آمنة ) ؟

ثم لماذا لم تغفر توضيحات واعتذارات قادة حماس عن إنزال العلم الفلسطيني فأعادوا رفعه ، وتعهدوا بترميم النصب التذكاري ( والله هذا النصب نكتة تضحك من فرط سخافتها ) ، واعتذارهم عن بعض ماصدر حول كون ما حدث يشبه ” فتح مكة ” .. لم لم تغفر هذه التوضيحات والاعتذارات والتعهدات لحماس ؟

لكن بقي في الأخطاء عدة أشياء :

1- اقتحام منزل أبو عمار : أناشد من يستطيع أن يأتينا بصور لهذا الاقتحام أن يأتينا به ؟ أنا شخصيا لم أجد إلا صورا لسيطرة شباب حماس على المنزل ولم أر صورة واحدة فيها هدم ولا حرق ولا سلب ولا نهب ولا نزع صورة من صوره ( تذكروا أننا رأينا صورا لمصاحف محروقة على يد عصابات دحلان .. وغفرانك ياربي أني قارنت بين المصحف وبين صورة واحد من البشر ) .

2- اقتحام منزل أبو مازن : نفس التعليق السابق .

3- قتل سميح المدهون :

ربما هذا ما يحتاج لتوضيح أكثر . وبداية فإني - من منطلق كوني مسلم - أرفض القتل دون محاكمة عادلة لأي إنسان مهما كان ومهما فعل .. لكن حالة سميح المدهون تحتاج لتجلية التباس . فالحملة التي تكثفت على مقتل المدهون كان توحي بأنه أحد قادة النضال التاريخيين ضد إسرائيل ، وهذا غير صحيح فالمدهون في أوائل الثلاثينات من عمره ، ولا يعرف له عملية واحدة ضد إسرائيل ، ولا وضع مرة على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية أو حتى المطلوبين للاعتقال .. وهو ليس أكثر من عنصر تابع لدحلان مارس البلطجة والقتل والتعذيب محتميا بمقرات الأمن الوقائي وحرس الرئاسة ، ونشرت بعض التسجيلات التي عذب فيها أعضاء لحماس بعدما اختطفهم ، وهو ذاته اعترف في حوار بأنه أحرق بيوت ومحلات وتوعد بأنه سيقتل كل حمساوي مدني أو عسكري .

سميح المدهون وفي ظهيرة استيلاء حماس على مقرات الأمن فر هاربا بسيارة ، اعترضه حاجز للقوة التنفيذية ، فبدأ هو بإطلاق النار فأوقع شهيدا وجريحا ، فرد أفراد القوة بإطلاق النار فأصيب ، ثم تم جره إلى حيث زوجة الشهيد لتنفذ فيه القصاص .. لكننا رأينا انهمار الناس في مخيم النصيرات جميعا على المدهون وبدا كم الغضب المتفجر فيهم .

فهو إذن أصيب في تبادل إطلاق نار ، وقُتل بيد ولي الدم ( زوجة المقتول ) ، وبدا كم الغضب الجماهيري ضده .. ثم إن الحادث من أوله إلى آخره أداره الشباب في الميدان ، ولم يصل الموضوع لأي مستوى قيادي وإنما مجرد لنتيجة حركة العناصر في الميدان .

فالحق أن الذنب - إن كان ذنبا - لا تحمله حماس كقيادة وكحركة بل يحمله الشباب الذي باشر الموضوع ، والطبيعي أنه في حالات تبادل إطلاق النار لا ينبغي أن يستسلم طرف لأن المثالية تقتضي ألا يفعل شيئا إلا تقديمه كمحاكمة .

لكن .. ألم يكن في عفو حماس عن كل عناصر الأجهزة الأمنية ومنهم عشر قيادات مارست القتل والخطف والتعذيب ما يمكن أن يصحح الحركة( هذا بافتراض أن قتل المدهون خاطئ ) ، ويجلي ما قد يكون أصاب مسيرتها من عيوب ؟؟

فلم تم تجاهل كل هذا ، وسلطت الأضواء على سميح المدهون ؟؟؟

كذلك .. لم لم تسلط الأضواء بنفس القدر على أنيس السالوس القيادي في حماس الذي ذهب فتحاويون في الضفة فأخذوه من بيته وأعدموه علنا ؟؟

 

( 4 ) موقع الخطأ :

البديهي الذي يعرفه كل البشر ، والمفترض أن ينطق به كل البشر أن الأخطاء تتفاوت ، ويتم تقييم تلك الأخطاء من خلال المسار العام والسيرة الكاملة لصاحب الخطأ .. إن كان الخطأ عادته فهذا ينبئ عن إنسان فاحش ، وإن كان الخطأ هو الشذوذ فيجب أن يتجه التفييم نحو وضع الخطأ في مكانه الصحيح دون تضخيم أو تركيز أو مبالغة .

وإلا فمن الظلم إذن أن خطأ آدم - عليه السلام - عاقبه الله عليه بالطرد من الجنة مع وعد بعودته إليها إن عمل صالحا ، وخطأ إبليس تسبب في طرد إبليس من رحمة الله كلها مع وعد بدخوله النار .. فإذا كان مجرد الخطأ يجعل كل الأطراف متساوية ويؤدي إلى إدانة كل الأطراف بنفس القدر ورميهم جميعا عن قوس واحدة فهذا انقلاب على كل تاريخ البشر .

لقد كدت أذهل حين قالت محاورة على منتدى :
” اليوم الفئتين عندي بقوا متساويين , مادام الحرب بقت فلسطينية فلسطينية , خلاص بقوا الطرفين متساويين
و مادام حماس بدأت في القتل دون شرعية و مؤيديها يقولون لا داعي للأحكام القضائية خلاص مابقاش فيه فرق عندي بينهم
في الوقت الحالي تصديق حماس بالنسبة للوقائع الحالية هاعتبره غباء طبعا لأنهم طرف من الطرفين المتقاتلين و بالتالي دعواها لا تختلف عن دعوى الطرف التاني ” .

كيف يتساوى طرف يقدم له كل الدعم بما فيه الدعم الأمريكي والإسرائيلي .. مع طرف آخر يحاصر من كل هذه الجهات المعادية لمجرد خطأ أو عدة أخطاء في مواقف تحتمل الانفلات بطبيعتها ؟

كيف يتساوى بياض ثوب شابته بقعة ، مع سواد ثوب آخر ؟

 

( 5 ) لعن الله رداء الحكمة .

شئ ممتع هو ارتداء ثوب المثقف صاحب الرأي ، لذيذة هي ممارسة التنظير والتحليل ..

من حق كل واحد أن يختلف مع حماس في صحة قرارها بدخول الانتخابات ، وكذلك في صحة قرارها بتشكيل الحكومة .. فليكن .

لكن ليس من حق أحد أن يعتقد أن مخالفة رأيه وموقفه هو الخطأ بعينه ، وأنه كان أولى بحماس أن تسمع له ولموقفه ، على اعتبار أنه يعرف العالم أكثر من حماس ( هذه العبارات قالها كثيرون بدءا من هيكل وحتى شباب لم يبلغوا العشرين على المدونات والمنتديات ) .

لا ينبغي لأحد أن يجرنا جميعا إلى الخلف مثبتا صحة رأيه وخطأ حماس ، ولأن كل من قالوا بخطأ دخول حماس الانتخابات وتشكيلها الحكومة هم أيضا أخطأوا في التحليل ، فبعضهم كان يقول إن حماس لن تستطيع ممارسة المقاومة مع السياسة فثبت عكس كلامهم ، والبعض توقع أن الحصار المالي سيؤدي لتبرم الشعب وانقلابه على حماس فلم يحدث ، والبعض توقع سقوط الحكومة في أقل من عام ولم يحدث .. لكنهم لا يكفون كلما حدثت مشكلة أن يتحفنا بقوله : قلت سابقا أن حماس أخطأت بدخول الانتخابات .

أولا : من مفاخرنا الفقهية والتاريخية والتي تعتبر سمة حضارية أنه لا إنكار على المخالف في الفروع ، بمعنى أن الأمر إذا كان يحتمل أكثر من رأي فلا يجوز لأحد الاستنكار على من يأخذ بالرأي الآخر .. ولما كان رسول الله نفسه يرى في غزوة أحد ألا يخرج المسلمون من المدينة ، نزل على رغبة أغلب الصحابة الذين رأوا الخروج ( ومعظمهم شباب ) فخرج ، وحدثت الهزيمة .

لم يقل النبي : ألم أقل لكم سابقا ألا نخرج من المدينة ؟ ولم يُحمّل ذنب الهزيمة لمن خالفه الرأي وقال بأنهم شباب لا يفهمون العالم ولا الحروب . بل كان (ص) واضحا فلم يتحمل ذنب الهزيمة إلا من تسببوا فيها وهم الرماة الذين خالفوا أمره .

ثانيا : لا ينبغي لأحد أن يزعم أنه الأعرف بالعالم والأدرى بخباياه ، خصوصا لو كان شابا لم يبلغ العشرين أو الثلاثين يكتب من خلف شاشات الكمبيوتر ولا علاقة له بالعالم إلا ما يأتيه عبر الفضائيات والانترنت .

ثالثا : أولئك الذين زعموا أنهم أعرف بالعالم من حماس - بما فيهم هيكل - لا يحمل تاريخهم لنا أي إنجاز حققوه بمالديهم من معرفة عالمية وخبرة دولية وعلاقات أخطبوطية .. فلا حاجة إذن لفخر كاذب وحكمة بليدة .

رابعا : أهل مكة أدرى بشعابها ، وإن كان يجوز لكل الناس أن تنصح فليس لأحد من خارج الزمان والمكان أن يفرض نصيحته على أهل الشأن وأصحاب الأمر ، ولا أن يقرر لهم قرارهم على اعتبار أنه حكيم الزمان وعلى اعتبار أنهم مجرد صبية صغار .

 

( 6 ) العيب في الإسلاميين أم في الإسلام .

شخصيا كنت من الذين يحملون الإسلاميين الجانب الأكبر في مسؤولية جهل الناس بهم ، وعداوة تيارات في النخب لهم . ما حدث في غزة أثبت لي أن الأمر ليس كما كنت أتصور .

إن كثيرا من هؤلاء “النخبة” يفسرون كل عمل يقوم به الإسلاميون في ضوء عداوتهم المسبقة للتيار الإسلامي والحركات الإسلامية ، ولذا فالإسلاميون دائما ولابد ولا مفر من أن يكونوا مخطئين .. لا مانع كذلك أن يكونوا مجرمين دمويين انقلابيين انفلاتيين إرهابيين ظلاميين … إلخ

كنت أتفهم جدا أن تصريحا غريبا أو مستفزا لمرشد الإخوان أو غيره يمكن أن يثير مخاوف البعض بما يبرر تشككهم في الإخوان ، كان مقبولا كذلك أن يكون حادث ملتبس كالعرض الرياضي لطلاب الأزهر مثيرا لقلق عند بعض أولئك النخبة .. يمكنك أن تجمع مواقف من هنا وهناك حول بعض تصرفات شخصية لأفراد من الإخوان حتى تصوغ قصة مفادها أن الإخوان يدخلون في تحالفات مشبوهة أو يتخلون عن قضية الإصلاح أو ماشابه ذلك .. وبعض التصرفات لاشك لحظة في أنها تثير المخاوف ( مثل فضيحة المحشي المجهول على مائدة الرئيس ) .

لكن ما حدث في غزة وضع مختلف تماما .

فحماس التي تذهلني شخصيا على مستوى متحدثيها الرسميين لم تتلفظ بكلمة واحدة يمكن أن تخدش أي دولة أو طرف أو جهة أو شخص .. رغم الطعنات التي تلقتها في ظهرها أو صدرها من تلك الدولة أو ذلك الطرف أو هذا الشخص .

رغم الحصار العربي لن تسمع منها إلا الحديث عن الأشقاء العرب وعمقنا العربي الاستراتيجي وإخواننا أصحاب الفخامة والجلالة والسمو .. ورغم ما لا قته الحركة من عدة أطراف - خصوصا الأردن ومصر وأبو مازن - فلن تسمع عن الأردن ومصر وأبو مازن إلا كل خير . فعلى مستوى التصريحات إذن ليس هناك ما يثير العداء .

وعلى مستوى الفعل والحدث .. فقد صبرت حماس على قتل وتعذيب أعضائها شهورا وشهورا في وقت كانت تستطيع فيه إنهاء المعركة عسكريا في 24 ساعة ( كما حدث بالفعل ) ، وغلبت جانب الحوار ومدت يدها لتشكيل حكومة وحدة ، وتنازلت عن حقها الطبيعي في الوازارات بل في وزارات سيادية ( من في كل العالم العربي يمكن أن يتنازل عن كرسي ؟؟ ) وذهبت إلى مكة وحاورت في القاهرة واتفاقيات بلغت أكثر من 20 في غزة .. وكل هذا من أجل الوحدة الوطنية ( هل لأحدكم أن يتخيل لو كانت فتح هى الفائزة هل كان سيفكر أحد في تنازلات كهذه في سبيل هدف يسمى الوحدة الوطنية ؟ ) ، وتعالت على محاولات اغتيال رئيس الوزراء ثلاث مرات ومحاولات اغتيال القادة كالزهار ولم تنه الحوار .. حتى كان مالم يكن منه بد .

حماس ذات النهج الوسطي لم تكن يوما كتنظيم القاعدة ، لم تكن منفعلة لا على مستوى التصريحات ولا على مستوى العمل على الأرض .. صبرت وتألمت وصبرت وتنازلت وصبرت وحاورت ثم استخدمت صلاحياتها القانونية في إنهاء الفلتان الأمني .

ماذا كان يمكن أن تفعل لترضى عنها تلك “النخبة” التي لم يعجبها ما فعلت حماس ؟؟

بعد ما قرأته من مقالات لهؤلاء النخبة أو المارينز أو بقايا اليسار أو الحكوميين أو لغير ماسبق .. بدأت أؤمن فعلا بأنه يجب أن يكون لكل قافلة كلاب تعوي ، وعلى القافلة ألا تتوقف لهم أبدا .

 

( 7 )

دعا بعض الكتاب - ومنهم مخلصون لاشك في وطنيتهم - إلى انتخابات مبكرة .

شخصيا أرفض هذا الحل - مع علمي أن رفضي كدعوتهم لا يساوي في الواقع شيئا - لعدة أسباب :

1- يجب أن تأخذ حماس فرصتها كاملة .

2- لم يحدث أى انقلاب شعبي أو قلاقل أو اضطرابات شعبية تقول بأن الشعب كره حماس .. كل الصراعات تجري على مستوى الساسة فيما سماه البعض حرب المراسيم أو حرب التصريحات .

3- في تلك اللحظة لا يوجد ضمان بأن تكون الانتخابات القادمة نزيهة ، فالجميع أدرك الآن حجم وفوة حماس ، ومن غير المستبعد أن تعود فلسطين إلى حضنها العربي فقط في مسألة الانتخابات .

4- الطبيعي أن يبدأ الانتخاب - إن بدأ - على كل المستويات وبدءا بانتخابات رئاسية ، كما هو في الدستور .

 

29/6/2007

مبارك هو آخر من يحق له أن يتحدث عن الشرعية ، وأن يصنف من هو الشرعي ومن هو المنقلب عليها - أي الشرعية - .. وما ذلك لشئ إلا لأن شرعية مبارك نفسه محل شك كبير .. فهو أحد الزعماء الذين نكب بهم العالم العربي والذي لم يصل لرئاسة مصر أبدا عبر انتخابات حرة أو نزيهة .. بل تلك الانتخابات نرى كيف تزور بالصوت والصورة في الفضائيات والمدونات وليس فقط مثبته بالدلائل في تقارير منظمات المجتمع المدني .

ومبارك - يعرف قبل كل الناس - أنه يحكم مصر بلا شرعية ، وأنه مستمر في حكمها بالقهر والتزوير ، وهو أول من يخشى أن تحدث في مصر انتخابات نزيهة من أي نوع ، بل هو أشد حرصا من أن يذهب مقعد واحد برلماني لحزب أو جماعة أو معارض .

بل مبارك صرح فيما قبل بأن مصر لا ينفع معها أن تُحكم بحكومة ائتلافية وقال بالحرف : ” واللى عايز يزعل يزعل ” مبررا هذا بأن الشعب المصري كبير العدد فلا يصلح معه إلا حكومة الحزب الواحد .

فعار - أي عار - أن يكون موقف حاكم بكل هذه الفضائح هو تحديد الشرعي من غير الشرعي في فلسطين ، والهجوم على حركة صعدت للحكم بانتخابات حرة ، ثم تنازلت هذه الحركة عن حقها الطبيعي في تشكيل حكومة وحدها ، في سبيل الوصول للتوافق الوطني ، فتخلت عن نسبتها العادلة في توزيع الوزارات ، ثم تخلت عن وزارات سيادية كالداخلية والخارجية والمالية والإعلام فأعطتهم إما لفتحاويين أو لمستقلين .

وإذا كانت حماس تتحلى بالشرعية - في نظر مبارك - قبل أن تسيطر على غزة ، فليفسر لنا سر عدم استقباله لأي مسؤول في حماس في الحكومة العاشرة أو بعد حكومة الوحدة الوطنية ، في نفس اللحظة التي نرى فيها حميمية اللقاءات والمشاعر بينه وبين أبو مازن و قيادات فتح ، أو حتى مع أولمرت وقيادات إسرائيل .. فضلا عن العجوز الشمطاء كونداليزا .. ألا يشرح لنا سر عدم استقبال مسؤول واحد من هؤلاء الشرعيون ؟؟

هل حدث مرة أن أتى مسؤول من فتح أو من إسرائيل أو حتى من بلاد ما وراء النهر ، فقال له وزير الخارجية : مش فاضي ؟؟ وهل حدث أن تم احتجاز مسؤول فتحاوي واحد ثمانية ساعات كاملة على حاجز معبر رفح بين مصر وفلسطين .. فضلا أن يكون هذا المسؤول بدرجة رئيس وزراء ؟؟

دعنا من الماضي - وهو مرير مرير - ولنحاول أن نفهم على أي أساس بنى مبارك رأيه في مسألة الشرعية وعدمها .. على أي أساس إذا كان الوفد الأمني نفسه - حسبما نشرت المصري اليوم 17/6/2007 - يرى أن المشكلة كانت في تيار دحلان الذي يسيطر على الأجهزة الأمنية وينشر الفلتان الأمنى ، ويشهد بأن المعركة لم تكن بين حماس وفتح وإنما بين هذا التيار وبين 70% من الشعب الفلسطيني .. بل يشهد بأن هذه المجموعة لا يريدها أحد في الشعب الفلسطيني ولا حتى من اللجنة المركزية لفتح وإنما ” مفروضة بالقوة من إسرائيل وأمريكا ” .

ثم ألم يلفت نظر السيد الرئيس انقلاب عصابات فتح في الضفة الغربية وحلهم لمجالس بلدية منتخبة ، وتعيين مجالس أخرى فتحاوية مكانها ؟؟ ألم تكن في حوادث الضفة الغربية مخرجا لمبارك حتى يتوازن في الإدانة فيحتفظ لمصر بموقع الوسيط المحايد بدل أن يدخل بها كطرف في صراع هو في حده الأدنى صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل .. فإن كان فيه ناقة وجمل فهل الأفضل هو استعداء قطاع غزة الموجود على الحدود ؟؟

وماذا لو أن حماس تخلت عن دبلوماسيتها التي تثير الدهشة وصرحت بأن شرعية مبارك هي المشكوك فيها .. وستجد أطنانا من التقارير والملفات والمواقف الدولية ، وبالصوت والصورة يثبت موقفها ؟؟؟ أهذه هي السياسة !!

صدق أحمد مطر عندما اقترح حلا فقال :

أنا لو كنت رئيساً عربيا
لحللت المشكلة
و أرحت الشعب مما أثقله
أنا لو كنت رئيساً
لدعوت الرؤساء
و لألقيت خطاباً موجزاً
عما يعاني شعبنا منه
و عن سر العناء
و لقاطعت جميع الأسئلة
و قرأت البسملة
و عليهم و على نفسي قذفت القنبلة

 

24/6/2007

 قال الشيخ الغزالي رحمه الله : لا أعرف مظلوما تواطأ الناس على هضمه ، ولا زهدوا في إنصافه كالحقيقة .

كم تبدو هذه الكلمة صادقة تضرب عمق أعماق الحقيقة .. الأيام الماضية كانت كالوليمة التي اجتمع فيها الشرق والغرب على هضم - بمعنى الظلم وبمعنى الهضم كذلك - الحقيقة ، واجتمعت فئات الشرق والغرب لتتخذ موقفا واحدا ..

ورغم أنها كانت وليمة لأكل الحقيقة .. فلقد كانت - في نفس اللحظة - مقتلة لشرف الهاضمين .

 

 (1)

- ياسر عبد ربه يصرح: لا حوار مع القتلة ( يقصد حماس وليس إسرائيل ) .

- بعدها، تقرر اللجنة المركزية لحركة فتح أنه لا حوار أيضا مع القتلة ( وكانت تقصد حماس وليس إسرائيل ) .

- يختم الكلام القائد الهمام أبو مازن فيصرح هو الآخر أن لا حوار مع حماس القاتلة المجرمة الانقلابية .

لو كان الذي فعلها غير عباس وعبد ربه ومركزية فتح لكنت متفهما ، أما أن يفعلها أناس لا يعرفون لهم خيارا إلا الحوار والسلام والتفاهم والعيش المشترك مع إسرائيل ( هل لا تعتبر إسرائيل من القتلة ؟ ) .. فهذا ما يوضح - لكل غافل مرة أخرى - أن الصراع في فلسطين ليس اختلافا في الرؤى ولا صراعا على المناصب .

 (2)

قال الله تعالى : ( إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ، وصدق الله العظيم .

كثير ممن يحتلون - بمعنى الاحتلال غير الشرعي - أعمدة في صحف أو برامج في فضائيات انزعجوا وانتفضوا وصعقتهم صورة لياسر عرفات ملقاة أرضا أثناء سيطرة كتائب القسام على غزة .. فانطلقوا يدافعون عن صورة الرمز انتفاضة الملدوغ ، ويستنكرون ما فعلته حماس التي استحقت لتلك الجريمة ( إن كانت جريمة ) أن توصف بالإرهابية والدموية والمنقلبة على رموز وتاريخ ونضال الشعب الفلسطيني .

لم يتخلف عن الحملة صحفيون أشبعوا عرفات هجوما في حياته ، وشماتة بعد مماته .. ولا تسأل عن الشرف !

الغريب في كل الأحوال أن صورة عرفات فعلت كل هذا .. بينما صورة المصاحف المحترقة والملقاة في المراحيض على يد عصابات دحلان المدحورة ، لم تثر أحدا ، ولم تلفت انتباه أحد .. وما أعرف - على حد علمي - أن كاتبا خصص لمناقشتها سطورا ولا عمودا في الصحف الرسمية العربية .

وعلى نفس هذا المنوال :

- صعقهم أيضا أن حماس أنزلت علم فلسطين عن مقار الأجهزة الأمنية ورفعت علمها ( وهي حالة لم تستغرق دقائق وجرى تصحيح الوضع ) ، بينما لم يلتفتوا إلى أن نفس الحادث بالضبط وقع في الضفة الغربية على يد عصابات دحلان .

- صعقهم كذلك انهيار تمثال الجندي المجهول في غزة .. أنا شخصيا كنت لأول مرة أسمع عن هذا الجندي المجهول الذي بدا ان كل الكون يعرف قيمته العظمى إلا أنا ، ومن كثرة ما قيل حول هذا الجندى المجهول تخيلت أن فلسطين تحررت في غفلة مني بفضل هذا الجندي حتى إن الكل يتحدث عنه بإجلال غريب .. لم أكن أعرف أن تاريخ الاعتداءات على الجندي المجهول كثيرة .. العجيب أنها لم تلفت نظر أحد .

- صعقهم أن يجلس مقاتل حمساوي على مكتب عباس .. وبلغوا في الوصف حد أن قالوا : تدمير ونهب وحرق ، بينما صور التدمير والنهب والحرق الحقيقية التي كانت تمارسها عصابات دحلان في الضفة لم تلفت نظرهم .

- صعقهم أن تنقلب حماس على الشرعية ( لا تحاول أن تفهم كيف تنقلب حكومة منتخبة على السلطة ) .. بينما لا تسمع حرفا عن اقتحام بلديات بالضفة الغربية وطرد المجلس المنتخب للبلدية وتعيين مجلس آخر فتحاوي .. لا تسمع عن تجاوز حكومة وإقالتها وتعيين غيرها ( بلا سند دستوري ) ثم سحب صلاحيات المجلس التشريعي المنتخب ووضعه في مجلس معين يسمى ( الوطني وآخر يسمى المركزي ) .

لتقريب الصورة : مثلما لو سحب مبارك صلاحيات البرلمان ووضعها في يد لجنة سياسات الحزب الوطني !

 

(3)

 

من الشرف أن تسيطر حماس على غزة المحررة .. ومن العار أن يسيطر عباس على الضفة المحتلة .

ومن العار أن يصدر المجلس المركزي قرارا بحل ميليشيات ( انظر اللفظ ) كل الفصائل ( ليس حماس فقط ) .. بينما بالأمس يغتال أربعة شمال الضفة ، منهم قائد كتائب الأقصى ( الحقيقية وليس عصابات دحلان التي تتغطي باسم الكتائب ) وقائد سرايا القدس وآخرين .. ( لا تتساءل الان لماذا لا تحترم اسرائيل نطاق نفوذ رجلها وحبيبها أبو مازن .. ولا كيف أن أبو مازن لم يدن هذا الاغتيال في هذا الوقت الذي يحتاج فيه لأي مساندة ضد حماس ) .

وإذا كانت المسألة مسألة ميليشيات وليست مقاومة .. فالأمر قد اختلف كثيرا ، أصبح يشبه لبنان التي يطالب البعض فيها بنزع كل سلاح خارج السلاح الرسمي أو سلاح الجيش ( يقصدون سلاح حزب الله ) .. فالمشكلة لم تعد مشكلة فئة خارجة عن القانون وانقلبت على الشرعية في غزة ، بل صارت مشكلة ميليشيات في الضفة وغزة .

والأزمة ليست أزمة حماس وحدها ، بل هي ازمة كل الفصائل الفلسطينية التي تقاوم ولها “ميليشيات ” .. نعم أمام قوى 14 آذار جديدة إذن .

 

( 4)

أبو مازن يثبت كل يوم أنه شخصية ضعيفة .. وأنه لا يملك القدرة على الخيال أو ابتكار حلول أو حتى ابتكار مصطلحات ..

في خطابه أمام المجلس الوطني ( المعين ) حاول التقرب إلى الغرب ، فلجأ للوسيلة القديمة التي تركها حتى كبار الصحفيين ( لا أقول السياسيين ولا الدبلوماسيين ) وهي استعداء العالم على حماس لأنها حركة إسلامية .. وفقط .

وسمعنا ألفاظه عن التكفيريين الدمويين الذين يريدون إقامة إمارة ( انظر اللفظ ودلالاته التاريخية ) ظلامية .

وطبعا يقصد بالظلامية أن يصف الإمارة الإسلامية .

حسنا .. لا ندري حتى اللحظة مالذي فعلته السلطة التنويرية في الضفة وغزة منذ بدأت في أعقاب أوسلو وحتى الآن ، لا على مستوى قضية التحرر الوطني في الخارج .. ولا حتى على مستوى حرية التعبير وملف حقوق الإنسان في الداخل .

عباس .. دع مستشاريك الإعلاميين يتحدثون فهم - لسفالتهم - أفضل وأقدر منك على الصياغة ، كما أنك حين تتكلم تفقد كل صفات الزعيم وتبدو عليك علامات الضعف والسذاجة وأنت تقرأ ما كتبوه لك ، ولا تستطيع أن تتصرف إذا لم تكن بيدك ورقة لا على مستوى شرح فكرة ولا على مستوى تأثير معنوي .

( قارنوا بين خطب عباس ومبارك وملك السعودية وملك الأردن وقذافي ليبيا ورئيس اليمن … إلخ ، وبين خطب حسن نصر الله وخالد مشعل وإسماعيل هنية .. بل والله لا مقارنة بين واحد فيهم وخطاب لمتحدث رسمي كسامي أبو زهري ومشير المصري ) .

 

( 5 )

في نفس الخطاب ، قال عباس إنه اكتشف مخططا لاغتياله كانت تنوي أن تقوم به حماس .. وأنه سيوزع هذا الشريط .

في اليوم التالي كان الشريط عند كل وسائل الإعلام ، وما حسبناه دليلا رأينا ذليلا .. فلا كلمة ولا حرف ولا حتى إيحاء قد يثبت أن هذا النفق هو لاغتيال محمود عباس .

ثم هل كلن محمود عباس محصنا لهذه الدرجة حتى لا يمكن الوصول إليه إلا بحفر نفق .. أما كان أسهل وأيسر أن تطاله رصاصة في أي وقت ومكان ، خاصة وهو يمتلك أجهزة أمنية تصلح أن تكون عنوانا للعار والفضيحة لم تتحمل البقاء في معركة جادة 24 ساعة ؟؟

ترى لماذا لم يحقق عباس في محاولة اغتيال إسماعيل هنية إثر دخوله من معبر رفح ، وهي المحاولة التي شوهدت على الهواء مباشرة لأن وسائل الإعلام كانت محتشدة تترقب دخول هنية من معبر رفح .. وسمع فيها الملايين أصوات الرصاص ، ثم انجلى الغبار عن مقتل مرافق هنية وجرح خمسة منهم ابنه .

فم لم تلفت هذه المحاولة الحقيقية نظر محمود عباس ؟؟ وهي المحاولة التي لو كان هو المستهدف فيها لقامت الدنيا شرقا وغربا وعربيا ودوليا ولم تقعد .. لكن هنية - كالحق - لا بواكي له . ( ملحوظة : ورغم هذا لم تمتد يد حماس بأذى لمحمد دحلان المسؤول عن العملية ولا لأحد من كلابه ) .

أخيرا عزيزي القارئ : انظر حقيقة ( فضيحة ) الشريط المصور كما وصفه أبو عبيدة

 

( 6 )

هل يجوز لأحد رأى معركة في الشارع أن يقول دون أن يعرف أي تفاضيل أو خلفيات : شارع عايز الحرق .. الناس فيه بتاكل بعضها ؟؟

ألا ينطبق عليه قول الله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) أو قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) .

ما معنى : لا تقف ماليس لك به علم .

قال القرطبي في التفسير : وأصل القَفْو البُهت والقذف بالباطل .

عن ابن عباس يقول: لا تقل.

وقال العوفي: لا ترم أحداً بما ليس لك به علم.

وقال قتادة: لا تقل رأيت ولم تر، وسمعت ولم تسمع، وعلمت ولم تعلم، فإن الله تعالى سائلك عن ذلك كله .

وقال القُتَبِيّ: المعنى لا تتبع الحَدْس والظنون؛

وفي الحديث: ” إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث ”

وفي سنن أبي داود: ” بئس مطية الرجل زعموا ” ( ومعناه : بئس الرجل الذي لا يستند كلامه إلا لكلام مرسل ، نوعية لا يخلو منها مقهى ولا جلسة ولا منتدى ) .

( انظر ابن كثير والقرطبي / سورة الإسراء : 36 )

 

( 7 )

لماذا تصر مصر ( مبارك ) على أن تنجر لتدخل المعركة وتنحاز إلى طرف ضد آخر .. ألا تقضي السياسية أن تحافظ على دور الوسيط وتبقى بعضا من ثقة فيها لدى كل الأطراف ؟

ولماذا يبدو أبو الغيط هذه الأيام كمن يتكلم على نفسه ، تصريحات صاروخية ذات اليمن وذات الشمال .. أقل ما توصف به أنها تريد استعداء حماس وإيران ، وتستعجل هذا الاستعداء .. استفزاز يبدو أنه يراد لجر أي منهما لأي موقف أو كلمة تكون مبررا لإنهاء العلاقات بالكامل ، أو اتخاذ إجراءات تريد المبرر .

 

((( تحديث و هامش )))

اكتشفت بالأمس فقط مدونة القيادي الإخواني الدكتور إبراهيم الزعفراني ، وهي أول مدونة لقيادي إخواني - على حد علمي - سماها : من الذاكرة .. رائعة .

على حوائط غزة نكتب : حماس ، ونرسم هنية .

( اضغط للتكبير )

 

انظر : إلى كل المنادين بالحرية .

بانر صغير يؤدي إلى موضوع يرصد كتابات المدونين

 

** تحديث 21/6

 

1- التاريخ النضالي :

** جد أبي كان من أصحاب الأطيان ، يصفه لي من رآه بأنه كان هيبة مهابا عظيم الأثر قوى البنية جهير الصوت .. كان في قريتنا يمثل الرجل الأول دون منازع ، ولم يكن عمدة القرية الرسمي يقطع أمرا دونه ، ولم تكن المشاكل بين العائلات تحل في دوار العمدة الرسمي حتى تمر على جد أبي ليقضي فيها ، ثم تتم الإجراءات الرسمية - إن كان هناك حاجة لرسميات - في دوار العمدة .

هذا العظيم المهاب أنجب ولدا وحيدا .. حاز هذا الولد من الحنان ما جاوز الحنان إلى التدليل ، قام بواجب عظيم في بيع كل ممتلكاته وممتلكات أبيه من أطيان وأملاك على سهراته ، لم يكن فاسقا أو فاجرا وإنما كان مسرفا جدا ..

ولد أبي في جو فقير جدا إثر إسراف ابيه ( الذي هو جدي ) .. كافح في الحياة كفاح بطل عظيم ، يستحق والدي هذا أن أكتب عنه رواية لن توفيه حقه .

هل من الطبيعي أن يفخر جدي المسرف بأبيه وأملاكه وأطيانه .. مهما فعل فيها ؟

ثم هل يحق لأبي أن يفخر بجده العظيم وإن لم يعمل أو يكافح ؟

ثم هل يحق لي أنا أن أفخر بجد أبي وإن كنت عاطلا باطلا بليدا ؟

وإذا صح أنه يحق لنا أن نفخر برجل عظيم صنع نفسه منذ سبعين عاما ، فلم لا نحمل بنفس القدر عار رجل أهدر أمواله واملاكه منذ أربعين عاما ؟

 

** هل يمكن لي - كمصري مسلم - أن أفخر بأن أجدادي المصريين عبدوا العجل أبيس ؟ ثم حكمهم الفراعين فعبدوا الصقور والأفاعي والظلام والنور ؟

** هل يمكن لي كبشري أن أفخر بأن أجدادي من البشر من الرومان قد عبدوا غانية زانية واقاموا لها التماثيل ووضعوها في قلوبهم كإله للجمال ؟

** هل يمكن لليبرالي مصري أن يفخر بفترة عبد الناصر الشمولية الدموية ؟

** هل يمكن لناصري مصري أن يفخر بفترة السادات الانفتاحية التطبيعية ؟

** هل يمكن لمبارك أن يفخر بكونه سليل شعب مجاهد أنقذ العالم الإسلامي مرتين من الصليبيين ومن التتار ؟

** دعونا نكن تافهين : إذا كنت زملكاويا ثم قررت - لأي سبب - أن أتحول إلى الأهلي .. هل من الطبيعي وأنا أهلاوي أن أفخر بتاريخ الزمالك ؟

إذا كنت أنا لا أؤمن بمنهج معين أو تيار معين .. فهل من الطبيعي أن أفخر بتاريخي فيه ، إن لم يكن تاريخ غيري فيه ؟؟

وإذا كان هذا العبث واضحا لأي طفل ، فضلا عن أي عاقل .. فبأي صفة يرفع كلاب إسرائيل الفتحاويين تاريخ فتح النضالي ويصدعوننا به في كل دقيقة ؟ .. لقد تركوا النضال ودخلوا في مسار الاستسلام وانتهى الأمر ، فلم التمسح الحقير بتاريخ فتح ونضالها ؟

إذا كان عباس يرفض “عسكرة الانتفاضة ” ولا يقبل إلا بسلمية النضال ( ليس المقام الآن مناقشة أضحوكة النضال السلمي ) .. وإذا كان عبد الرزاق اليحيى الذى تولى حقيبة الداخلية في حكومة فياض ( دايتون ) كان قد قال حين كان وزير داخلية في عام 2002 (لو لم تخني الذاكرة في التاريخ) : إنه يرفض إلقاء ولو حجر على جندي إسرائيلي .. وإذا كان دحلان وعصابته لم يرفعوا سلاحا في وجه إسرائيل .. فلم يرفعون قميص تاريخ فتح النضالي ؟؟

إذا كانوا قد ألقوا بندقية فتح واتجهوا لموائد المفاوضات ، فلم يرفعون تلك البندقية كشعار ؟

أليس شيئا رهيبا أن تحاول إثبات الواضحات ، رحم الله من قال :

وليس يصح في الأذهان شئ *** إذا احتاج النهار إلى دليل .

 

2- عمرو موسى :

 كنت أحترم هذا الرجل كثيرا .. ودائما ما كنت ألتمس له المعاذير ، وكنت أراه نسيجا وحده بين سفهائنا ( الذين يسميهم الإعلام دبلوماسيين ) .

وما آذاني شئ في الأيام الماضية مثلما أدهشني وأحرقني أن أراه هو غاضبا بعد أن استطاعات حماس تطهير غزة من فئة الدحلانيين .. عجبت منه لم يغضب كل هذا الغضب ؟ ولم لم نر منه غضبة عمرية موسية تشق حجاب الشمس أو تقطر دما لما كانت دماء حماس تسيل في المساجد والشوارع ، ولما كانت المصاحف تحرق في الحمامات على يد الدحلانيين ( أفتي بعض العلماء بأنهم مرتدون ) .

لم أر منه غضبا ، ولا حرقة ، ولا دعوة لاجتماع عاجل لسفهاء الخارجية العرب .. بل صمت القبور .

وما زلت لا أدري لم كل هذا الغضب الذي ظهر في مؤتمره الصحفي الجمعة الماضية .

يصعب علىّ أن أفقد احترامي له .. واسأل الله ألا يكتب علىّ هذا .

 

3- مروان البرغوثي :

لأسباب يطول شرحها ، ومواقف قد نختلف في تفسيرها ، لا أحمل تجاه مروان البرغوثي إلا التشكك .. ويغلب على ظني أنه مشروع زعيم يتم تلميعه بسنوات سجن حتما لن تطول .

إنه من داخل سجنه يستطيع إصدار البيانات ، فيما ليس هذا متاحا لغيره .. ثم إن اعتقاله نفسه شئ مثير للتساؤل ، فقادة حماس والجهاد السياسيين لا يتم التعامل معهم - بعد الانتفاضة الثانية وقبل فوزهم في التشريعي - إلا بطريقة واحدة : الاغتيال ، لكن مروان البرغوثي كان حالة أخرى .

بعض التصريحات التي قالها بشأن حماس وكتائب الأقصى والمفاوضات لا تعني إلا أنه مشروع ممتاز لزعيم يمكن صناعته لأعين الناس .. كان مروان البرغوثي يمكن أن يكون مثار نقاش طويل فيما سبق ، لكن بعد موقفه الأخير بتسمية ما حدث في غزة “انقلاب عسكري” وتأييده الكامل لحكومة سلام فياض ( لا تحرجني بالسؤال كيف يؤيدها أو يستطيع ) .

ألا يتذكر أنه كان على راس القائمة التي تطالب حماس بالإفراج عنهم مقابل الجندي الإسرائيلي الأسير ؟؟ .. من في السلطة وفي حكومة فياض - وكلهم ذووا علاقات حميمية مع إسرائيل - سعى في الإفراج عنك يا مروان .

فليتذكر أو لا يتذكر .. علينا نحن أيضا أن نختزن تلك المواقف لنتذكر .. فإن الذكرى تنفع المؤمنين .

 

4- أحمد حلس :

حاول أن يلبس قناع الشرفاء في حركة فتح .. فلم يطعه القناع .

ومهما تكن في امرئ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تعلم .

 

5- عبد الباري عطوان :

( لو لم تكن تتابع الأخبار جيدا .. فلا تقرأ هذه الفقرة ، فستظن أني أبالغ أو أتجنى )

منذ بدأ التيار الدحلاني في ارتكاب جرائمه في غزة ، حتى تحول عبد الباري عطوان إلى أعمى لا يرى من القاتل ومن المقتول .. فقط يسمع طلق الرصاص ثم ينهال قلمه بالسب على الجميع .

تطور الأمر فيما بعد حتى أصبح يرى بنصف عين ، فلا يرى إلا أن حماس اخطأت في كذا وفي كذا .

بعد فترة ، تطور الأمر عنده إلى أن وجد حلا ، يتمثل الحل في أن حماس يجب أن تترك السلطة ، وأن تعود لسابق عهدها في الجهاد والنضال ( ولا أدري ما حتمية الربط بين ترك السلطة والمقاومة ) .

ثم بدأ الرجل يعيش في الوهم ، ويتحدث عن انشقاقات داخل حماس واختلافات بين القواعد والقيادات .

عبد الباري عطوان منذ بدأت جرائم اللحديين أو الدحلانيين ( كلاهما صحيح ) أراه كمن ينزف شرفه .. ويظل ينزف شرفا ثم يسيل شرفا حتى كان مقاله الأخير قد كُتب وقد انتهى ما كان به من شرف .

المغفل أو الجاهل الذي كان يحلل ما حدث في فلسطين على أنه صراع على السلطة أو على المناصب .. كيف حاله الآن ؟

هل أبدت له الأيام والمواقف ما كان جاهلا .. أم ما زال لم يفهم .. أم أنه كالعجوز - في فيلم مصري قديم - التي لا تسمع إلا ما تريد فقط ؟؟

هل مازال يلعن حماس وفتح سواء بسواء .. ويعتقد أنهما ( سواء بسواء ) قد أساؤوا للقضية الفلسطينية ؟

بالمناسبة : أنا لا أتكلم عن العامة الذين يتخطفون الأخبار من مانشيتات صحيفة رسمية ( رسمية = شتيمة ) ، أو على مصطبة مقهى ( كل مقهي يحظى بشارب شيشة يظن نفسه فريد الزمان وحكيم الأوان ) .. أنا أتكلم عن شخصيات احتلت صحفا وأعمدة وشاشات فضائيات وحصلت على لقب كاتب أو مفكر أو محلل أو خبير .. ( لا تعجب : فنحن في زمن التهريج ) .

دعنا الآن من العملاء الذين يكتبون ما يريد الأسياد ، ويعرضون أنفسهم للبيع من خلال مقالاتهم أو تحليلاتهم ، هؤلاء أحقر وأضأل من أن أناقشهم .. إنما أتحدث الآن عن المغفلين .

هل أبدت لهم الأيام والمواقف ما كانوا يجهلون ؟ أم ما زالوا في حاجة لمزيد ؟

ألا تضع لهم مواقف أمريكا وإسرائيل والاتحاد الأوروبي ومبارك ( لا أقول مصر ) .. ألا تضع لهم هذه المواقف الأمور في نصابها ، فيعرفون في أي خانة توجد حماس ، وفي أي مستنقع يغرق خونة معملاء فتح ؟؟

- أمريكا تفك الحصار .

- الاتحاد الأوروبي يستأنف إرسال المساعدات .

- أولمرت يفرج عن أموال الضرائب المحتجزة .

- مبارك ( ليست مصر ) تعترف بحكومة فياض . ( سيبدو غريبا جدا أن يعترف مبارك بحكومة منتخبة .. الحقيقة التي تتسق مع نفسها أنه لا يعترف إلا بحكومات معينة بقرارات ومراسيم ) .

- حماس في غزة تعفو عفوا شاملا عن أعضاء فتح ( وفيهم مجرمون قتلوا وعذبوا أعضاء في حماس ) .. بينما كتائب دحلان تحرق في 3 أيام 120 مؤسسة تابعة لحماس معظمها خيرية ومنها مؤسسة لشئون الأسرى ، وتهاجم بيوت أسرى ومعتقلين ( منهم عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي ) .

- حماس تبقى أفراد فتح في وظائفهم في غزة .. وكتائب دحلان تقتحم مجالس البلديات وتطرد أعضاءها المنتخبين وتعين غيرهم ( ثم يصرخ كلابهم : حماس تنقلب على الشرعية ) .

إن المقارنات تستعصي على الحصر ، وأنا شخصيا اشعر بصداع من تدفق أوجه المقارنة .. ولست في مقام المقارنة بين حماس وكلاب دحلان بطبيعة الحال .. إنما اسأل صاحبنا المغفل الذي ارتدي مسوح الشهداء وتمسح بدموع الحكماء ولعن حماسا وفتحا سواء بسواء .

هل مازال يرى أن حماس تتصارع مع فتح على المناصب ؟ لم لم يحدث هذا التصارع منذ أن تولت فتح هذه المناصب في أعقاب اتفاق أوسلو ؟

تعال ياصديقي المغفل نتخيل ما كان سيحدث لو فازت فتح بالانتخابات التشريعية ؟

- هل كان سيظهر احتمال واحد في المليون أن تفكر فتح في تشكيل حكومة وحدة وطنية ؟

- هل كان سيسمح عباس أو دحلان للحظة واحدة أن تستمر حماس في المقاومة بعد أن اختار الشعب المسار السلمي ؟

- هل تتخيل أن كتائب القسام ستحرق المجلس التشريعي ، وتقود الاعتصامات ، وتقيم الحواجز في الشوارع ، وتحاول اغتيال أبو مازن ؟

- وفي هذه الحال .. هل سيقول العالم إنه صراع على امناصب أم سيقول إن حماس خرجت على الشرعية وحملت السلاح في وجه الدولة ومن حق عباس والسلطة أن تقضي عليها كما فعلت كل الدول العربية - تقريبا - مع الجماعات الإسلامية على أراضيها ؟

- هل كانت مصر سترسل وفدا أمنيا رفيع المستوى لكي يسجل الخروقات ، أم كانت سترسل مساعدات لقوات عباس للقضاء على الحركات الإرهابية التي تناوئه ؟

- إذا حدث وحاولت حماس اغتيال فتحاوي فأصيب في الحادث عضو الوفد الأمني رفيع المستوى ؟ هل كانت مصر ستسكت وتبتلع الموضوع وكأن شيئا لم يكن ؟

- هل كان سيفكر أحد - السعودية مثلا - في إرضاء حماس ( التي هي خارج السلطة وتثير الشغب ) بجمعها مع فتح في اتفاق بمكة .. تتنازل فيه فتح عن نسبة تمثيلها العادلة في الحكومة ، وتتنازل عن بعض الوزارات السيادية لصالح حماس ، بل وتهدى وزير الداخلية لمستقل تختاره فتح ويشترط أن توافق عليه حماس ؟؟؟

- ولو رصدت المخابرات السعودية اتصالا هاتفيا قبيل توقيع اتفاق مكة بدقائق بين محمد دحلان ( حمساوي ) وبين رشيد ابو شباك ( حمساوي ) وكان أبو شباك يتكلم من مكتب الشئون الأمنية في إسرائيل ، فيحكي دحلان تفاصيل الاتفاق ويتعهد بـ “لخطبته ” فيما بعد .. هل كانت السعودية ستكتفي بمعاقبة هذا الخائن العميل فقط بمنعه من حضور توقيه الاتفاق ؟

 

حماس حقا فعلت المستحيل .. وتحملت ما لا يتحمله البشر .. وتحملت طعنات الأشقاء في ظهرها قبل طعنات الأعداء في ظهرها ، ولدهشتي .. لدهشتي : لم تفلت منها كلمة واحدة مسيئة في حق واحد ممن وضع خنجرا في ظهرها .. ولدهشتي : ما زالت صامدة تتحدى كل العالم .

فيا صديقي المغفل .. هل حماس وفتح سواءا بسواء ؟؟

أذكر كل من يفتي بلا علم وكأنه فريد عصره بقول الله تعالى :

( ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )

( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسف بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )

 

هؤلاء كانوا أكثر مني هدوءا وأفضل أدبا :

* غزة .. وقصة الانقلاب على الشرعية - الشيخ محمود الأزهري

* ما أصعب الحياد يا حبيبتي - أمجد الشلتوني

* أرانب أسلو - زياد أبو غنيمة

* إطلالة على ما يحدث في فلسطين - المهندس براء

* مع حماس حتى الفتح - الماشي صح

* الله أكبر والعزة لحماس - الصارم الحاسم

* إذا استطعت أن تهين المقدسات فأنت فتحاوي - صدفات

* حماس .. إما النصر وإما الشهادة - أحمد قوشماق

* لا سواء - خطاب

* اضرب رأس ابن سلول - آل ياسر

 

فليسمح لي القارئ الحبيب أن أتوقف الآن عن الكتابة في ما يحدث في غزة ، لأنقل له بعض معلومات أقرأها شخصيا لأول مرة ، وهو جزء من حوار للمفكر الكبير الدكتور عمارة مع جريدة المصريون ، وفيه تحدث عن شئ من تاريخ البابا شنودة المجهول ، والذي لا أعرف - على حد علمي - كاتبا قام بالبحث فيه .

هذه الفقرات منقوله من حواره مع صحيفة المصريون ( الجزء الأول ) وغدا تستكمل الصحيفة الجزء الثاني :

( لم أفعل إلا أن فصلت بين السطور لتسهيل القراءة ) .

———————

سؤال المصريون : ـ حققت الكنيسة القبطية قبل أعوام قوة سياسية لم تحدث عبر تاريخها السابق حين استعادت إلى رحابها السيدتين وفاء قسطنطين وماري عبد الله، بعد أن كانتا قد أسلمتا، مما اعتبر تطورا نوعيا أثار العديد من التساؤلات حول دور الكنيسة وما إذا كانت تمثل قيادة روحية أم قيادة حزبية سياسية، وتمتد تلك التساؤلات لتشمل طبيعة علاقة الكنيسة بالدولة وحدود التزاماتها بالقانون والنظام العام للدولة.
د. عمارة :  أنا أشعر أننا نتعامل مع موقف ودور الكنيسة بالقطاعي فعلى سبيل المثال، تظهر حادثة نتحدث عنها ثم نتجاوزها حتى تظهر حادثة أخرى فنتحدث عنها.. ونتعامل مع العرض لا نتعامل مع المرض: أي لا نغوص لنبحث القضية من جذورها.. النصرانية تقول: “دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله” وتقول: إن دور ورسالة الكنيسة هي خلاص الروح، وتتحدث عن أن المسيح مملكته ليست في هذا العالم إنما هي في السماء..

 لكن الملاحظ عندنا في مصر تحول الكنيسة إلى حزب وقيادة سياسية على غير ما تطلب النصرانية، وهذا الدور السياسي للكنيسة لم يبدأ مع قضية وفاء قسطنطين فأنا معي كتاب عنوانه (الأقباط عبر التاريخ) كتبه د. سلم نجيب وهو قاض قبطي هاجر من مصر سنة 1965م إلى كندا وهو رئيس الهيئة القبطية في كندا، والكتاب عبارة عن رسالة دكتوراه أنجزها بالفرنسية في باريس، ثم ترجم هذا الكتاب، وقدم له مجدي خليل ونشر في القاهرة في “دار الخيال”، والكتاب فيه معلومات كثيرة، لكني أقف عند محطات فيه..

 الكتاب يشير إلى أن البابا شنودة كتب مقالا في مجلة “مدارس الأحد” في يناير 1952م، أي قبل ثورة يوليو في أثناء الكفاح المسلح ضد الإنجليز في قناة السويس منشور في العدد الأول من مجلة “مدراس الأحد” في الصفحات من 1 إلى 5، والكتاب الذي بين يدي نشر نص هذا المقال؛ فحين أراد الإنجليز عمل فتنة بين المسلمين والأقباط أحرقوا كنيسة في السويس حيث الكفاح المسلح ضدهم وأدرك الناس هذه اللعبة الاستعمارية، إلا أن البابا شنودة في مقاله يلقي بالمسئولية على المسلمين ويقول في المقال بالحرف الواحد: “لعل العالم قد عرف الآن أن المسيحيين في مصر لا يمنعون من بناء الكنائس فحسب، بل تحرق كنائسهم الموجودة أيضًا ولا يعرقل فقط نظام معيشتهم من حيث التعيينات والتنقلات والترقيات والبعثات، إنما أكثر من ذلك يحرقون في الشوارع أحيانًا.

البابا شنودة في ذلك التاريخ كان اسمه (نظير جيد) رجل مدني لم يدخل بعد في الدير كتب هذا المقال الإثاري بعنوان: “حول جريمة السويس.. أبهتي أيتها السماوات واقشعري من هذا أيتها الأرض”. والأخطر في هذا المقال أن نظير جيد الذي تخرج في كلية الآداب سنة 1647م أشار إلى موقف له حدث في سنة 1948م يؤكد على أننا أمام مشروع له زعيم، والزعيم له تاريخ في هذا المشروع؛ وخلفية الموقف أن الإنجليز مرة أخري أحرقوا كنيسة في الزقازيق بعد بدء حرب فلسطين، ودخول الفدائيين قبل الجيوش العربية، وذهب إبراهيم فرج ـ سكرتير حزب الوفد ـ (مسيحي)، واتفق مع البابا على تسوية الموضوع مع مدير المديرية في الزقازيق، لكن البابا شنودة (نظير جيد) في المقال الذي نتحدث عنه لم تعجبه هذه التسوية، بل رفضها واتهم المسلمين والإخوان المسلمين بالأخص بحرق كنيسة الزقازيق!!.
الخطير أن نظير جيد يتحدث في المقال، ويذكر أن وزير الصحة نجيب باشا إسكندر (مسيحي) في حكومة النقراشي باشا سنة 1948م ذهب إليه عندما حرقت كنيسة الزقازيق، وجاء نص كلامه هكذا :” لقد زارنا نجيب باشا وقتذاك فقال لنا: ( لاحظ صيغة الجمع) لحساب من تعملون؟ لقد اصطلح المدير مع المطران وانتهى الأمر وانتم تهددون وحدة العنصرين”.
إذًا هناك جماعة مع نظير جيد ذهب إليهم وزير الصحة نجيب إسكندر باشا، ويعلق نظير جيد بعد ذلك فيقول: “وإبراهيم فرج باشا جاهد كثيرا ليقنع غبطة البطريرك لمقابلة رئيس الوزراء قائلاً: إن من الواجب أن نفسد على الإنجليز دسائسهم في تقويض هذا الاتحاد المقدس بين عنصري الأمة”.
يعني إبراهيم فرج ـ سكرتير الوفد ـ يدعو المطران إلى مقابلة رئيس الوزراء وتسوية الموضوع لنفسد على الإنجليز كل هذا نظير جيد وجماعته ضده.. وهذا هو البعد التاريخي لموقف البابا شنودة قبل أن يدخل الدير.
المحطة الثانية التي نتوقف أمامها في كتاب (الأقباط عبر التاريخ) حدثت في سبتمبر 1952م عقب قيام ثورة يوليو، حيث أقيمت جمعية الأمة القبطية برئاسة محام اسمه إبراهيم هلال، وأنا أشير إلى هذه الجمعية التي ذكرها كتاب (الأقباط عبر التاريخ) لأن مطالبها هي نفس مطالب البابا شنودة (نظير جيد) بعد أن تحول إلى الدير وأصبح بطريركًا للأرثوذكس.. الجمعية أقيمت في 11 من سبتمبر 1952م وتعمدوا إعلانها في أول شهر توت ـ عيد الشهداء عند الكنيسة القبطية ـ وتكونت الجمعية ودخل فيها خلال عام واحد 92 ألفا من شباب الأقباط وظلت قائمة حتى 24 من أبريل 1954م.
ما مطالب هذه الجماعة؟، يتكلم الكتاب ـ الذي بين أيدينا ـ فيقول: “إنها تؤكد على أن الأقباط يشكلون أمة، ويطلبون ألا ينص في الدستور على أن الإسلام دين الدولة، وأن يكون نائب رئيس الجمهورية قبطيا، ويطلبون أن يكون الدستور وطنيا، وليس دينيا مصريا، وليس عربيا، وبإزالة كل صور وأشكال التمييز ضد الأقباط، وكان لهذه الجماعة علمها وزيها الخاصان بها وكان العلم يمثل صليبا مصريا (مفتاح توت عنخ أمون) منصوبا في الإنجيل؛ وتعليق تحت هذا الشعار يقول: (وسيأتي اليوم)!!، وبالإضافة إلى ذلك كان لهذه الجماعة نشيد وطني قبطي كان ينشد في جميع احتفالاتهم وكان شعار هذا الجماعة هو : “مصر كلها أرضنا التي سلبت منا بواسطة العرب المسلمين منذ 14 قرنا.. إن أرضنا هي مصر ونحن سلالة الفراعنة وديانتنا هي المسيحية وسيكون دستورنا هو الإنجيل وتكون لغتنا الرسمية هي اللغة القبطية”، وأريد أن أستدرك فأقول: إن المقال الذي كتبه نظير جيد (البابا شنودة) في يناير 1952، وضع فيه عبارة لافتة للنظر تقول: “إن المسلمين أتوا وسكنوا معنا في مصر”! يعني هو يرى أن المسلمين غزاة وجاءوا وسكنوا في مصر، وليسوا مصريين قد أسلموا.

هذه الجمعية التي كونت في سبتمبر 1952م اختطفت البابا وقتذاك، وذهبت به إلى دير في الصحراء، وأرغموه على التنازل عن البابوية، لكن ضباط الثورة قبضوا عليهم، وحل عبد الناصر الجماعة وأدخل قيادتها السجن، وبعد حل الجماعة وفشل الآلية التي تريد إرجاع مصر قبطية بلغة قبطية، والنظر إلى المسلمين باعتبارهم غزاة، بعد حل هذه الجماعة وسجن قيادتها دخل نظير جيد إلى الدير لتأتي في 14 من نوفمبر سنة 1971م بطريركا وبابا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وليتخذ بواسطة الكنيسة المشروع الذي تبناه منذ عام 1948م والذي تبنته جماعة الأمة القبطية سنة 1952م.
وهذا الكتاب (الأقباط عبر التاريخ) كتاب في غاية الأهمية وهو مليء بمعلومات شديدة الأهمية وشديدة الغرابة في نفس الوقت؛ إذًا نحن أمام تطور في الكنيسة المصرية ليس واقف عند فرد هو نظير جيد الذي أصبح البابا شنودة الثالث، وإنما فريق واتجاه يتبنى أني يكون هناك عموم لولاية الكنيسة، مما يعني أن الكنيسة التي رسالتها التاريخية أن تقف عند ما لله هذا الاتجاه يريد أن يجعلها تتولي ما لله وما لقيصر (أي السياسية والدولة)، وهذا يذكرنا بما قام به الإمام الخوميني في الفكر الشيعي؛ فالفكر الشيعي منذ غيبة الإمام الثاني عشر وقف الفقهاء عند الفروع والعبادات، وتركوا شئون السياسة والدولة إلى أن يعود الإمام الغائب، والأمر الذي أحدثه الإمام الخوميني هو ما يسمى في فكر الثورة الإيرانية (عموم ولاية الفقيه)؛ أي أن الفقيه أصبحت ولايته عامة تشكل إقامة الدولة والحكومة كنائب عن الإمام الغائب، ونحن في الكنيسة المصرية أمام تيار يتبنى عموم ولاية الكنيسة، ولا أريد أن أقول إن كل رجال الكهنوت في الكنيسة الأرثوذكسية يتبنون هذا الذي تبناه البابا شنودة، إنما هناك اتجاهًا للأب متى المسكين، وله كتب كثيرة، وأنا في مكتبتي أكثر من 25 كتابا له لكنه مقموع وكان من المؤيدين لموقف الدولة أيام السادات في مواجهة هذا التيار( تيار عموم ولاية الكنيسة)؛ فالبابا شنودة عندما جاء إلى رئاسة الكنيسة في 14 من نوفمبر 1971م، وكانت الدولة في ذلك التاريخ في مأزق وتعد لحرب أكتوبر، وتواجه كذلك مراكز القوى (التيار الناصري واليساري)، انتهز فرصة هذا الوضع الذي فيه الدولة، وبدأت أحداث الفتنة الطائفية، ولذا أنا أركز على سؤال لا أرى أحد يطرحه لماذا لم تعرف مصر فتنة طائفية إلا بعد مجيء البابا شنودة ؟ (حادثة الخانكة في 1972م).
أقول رغم ما بذله كرومر والاستعمار الإنجليزي فلم يستطيعوا أن يوجدوا فتنة طائفية في مصر، والذي حدث فقط هو مؤتمر قبطي، ثم حدث مؤتمر مصري وعولجت المشكلة، وعندما قامت ثورة 1919م، انتهت هذه الصفحة تماما لكن مصر لم تعرف فتنة طائفية، وحوادث القلق والعنف، إلا بعد مجيء البابا شنودة على رأس الكنيسة القبطية وبدأت بحادثة الخانكة في 1972م.
أنا أعرف أن بعضهم يلقي اللوم على السادات، وأنا أتساءل لا يمكن لرجل مثل السادات وفي وضعه أن يحدث قلقا في المجتمع وهو يعد لحرب أكتوبر، الأمر الثاني: لو كانت الفتنة الطائفية صانعها هو السادات كان من المفروض أن تموت بموت السادات لكنها استمرت بعده وأنا أعرف أن بعضهم يقول إن السبب فيها هو الجماعات الإسلامية، لكن الفتنة الطائفية بدأت في 1972م قبل إفراج الدولة عن “الإخوان المسلمين” وقبل ظهور الجماعات الإسلامية، ثم أن الجماعات الإسلامية وجماعات العنف ضربت، لكن استمرت الفتنة الطائفية.
إذًا تغيرت رئاسة الدولة واستمرت الفتنة الطائفية، وتغيرت أوضاع الجماعات الإسلامية واستمرت الفتنة، إذًا المستمر هو وجود البابا شنودة ووجود هذا التيار تيار عموم ولاية الكنيسة وشمولها السياسة والدولة.
وأنا أقول إن البابا شنودة لما عزله السادات في مارس 1981م وأعاده الرئيس مبارك في سنة 1982م بعد مقتل السادات، رفع البابا شنودة قضية أمام مجلس الدولة لإلغاء قرار السادات، فجاء حكم مجلس الدولة بتاريخ 12/4/1983 في القضية رقم 934 لسنة 36 قضائية ضد البابا شنودة، وجاء في حيثيات الحكم (وأنا نشرت هذا الكلام في كتابي (في المسألة القبطية حقائق وأوهام) ونص الحكم وهو: “إن البابا شنودة حول الكنيسة إلى حزب سياسي وإلى مشروع دولة وإنه قام بما يخل بالأمن وقد حرك أقباط المهجر في مظاهرات ضد الرئيس السادات عند زيارته لأمريكا، وأنه سعى إلى إثارة شعور الأقباط لحشدهم حوله، واستغل ذلك في الضغط على سلطات الدولة، واستعدى الرأي العام العالمي على الحكومة المصرية، وأضر بسمعة البلاد ولقد صور له الطموح السياسي أن تقيم الكنيسة من نفسها دولة داخل الدولة تستأثر بأمور المسيحيين الدنيوية، وخرجوا بالكنيسة عن دورها السامي الذي حدده لها المسيح عليه السلام في قوله : “ردوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، إذًا أقول: إن القضية ليست وفاء قسطنطين ولا ماري عبد الله ولا غير تلك الحوادث التي نأخذها بالقطاعي لكننا أمام مشروع سياسي له أركانه وله قيادته، وبعد أن فشلت الآلية المدنية (المتمثلة في جمعية الأمة القبطية) في تحقيقه أصبح أمام البابا شنودة طريق واحد هو طريق الكهنوت وجعل الكنيسة والسلطة الدينية في خدمة هذا المشروع.
——————————- انتهى

معلومات أخرى في :

مقال الدكتور محمد عباس : البابا يتبختر كقيصر

مقال المستشار طارق البشري : الحقيقة الغائبة

طالع هذه الكتب :

1- في المسألة القبطية حقائق وأوهام - د. محمد عمارة .

2- ألا في الفتنة سقطوا - جلال كشك .

3- المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية - المستشار طارق البشري .

4- يا أقباط مصر انتبهوا - د. محمد مورو .

5- الجماعة الوطنية - طارق البشري .

اقرأ : سمـاحة لم يعرفها البشـر

 ياحماس ..

يهون الدمع لو قد كان يجدي …. ويرجع سيله بعض اعتباري

ولكن كيف بالعبرات تشفي …. وجرح العار أورثني انهياري

شربت المر في أكواب صمتي …. وزاد الصمت في قومي مراري

علمت بما جرى لك من عذاب ….. وتعلم أمتي فالكل داري

أدرنا ظهرنا مذ قد علمنا …. بأنك صرت في سجن الحصار

ترى هل تقبلي مني اعتذاري …. وسيل الدمع من عيني جاري

ولحمك غاله أوغاد كفر …. عليك تجمعوا بعد اندحار

 

***

لو كنت أملك ما سوى البكاء لفعلت .. والله لفعلت ، ولو كان البكاء حلا لأهلكت نفسي ، ولو أن الله يستجيب لي فيأخذ عمري وأعمار أهلي كلهم ويمنحكم إياها ما ترددت .. 

أية صلابة هذه التي تتفجر منكم ؟ ما تلك الفولاذية التي يجسدها أصغر متحدث باسمكم ؟ أذهلتموني حتى دهشت عن نفسي .. إذا كنت أنا البعيد عن الدم وعن صوت الرصاص وعصف المعارك وروائح الخيانة أكاد أجن حين أرى وجوه أشباه الكلاب كعباس وعبد ربه وعزام الأحمد ، وأكاد والله أفقد عقلي حتى كدت بالأمس - والله - أكسر التلفاز حقا فقد توهمت أني قد أنال منهم .

فكيف تصبرون أنتم على كل هذا ؟ كيف لا تخرج منكم كلمة واحدة تتهم واحدا فيهم بأقل ما فيه ؟ 

كيف .. ؟

كيف .. ؟

كيف .. ؟

كيف تتحمل أعصابكم وعقولكم أن يلبس الخائن القاتل ثوب الوطني الشريف ، ويتحدث وكأنما جمع المجد من أطرافه ؟

صدقوني والله لقد كدت أغضب من هدوء المجاهد أسامة حمدان .. لكنني استيقظت لأدرك حجمي المتضائل تجاه عظمة وسمو أقل مجاهد فيكم ( إن صح أن فيكم من يوصف بقليل ) .

 

هل تصدقونني لو قلت لكم إنني منذ رأيت هذه الصورة أشتهي أن أكون مكان هذا الشاب لأقبل أقدام إسماعيل هنية ، والله إني أشتهي ذلك بكل معني كلمة الشهوة .

لكن .. ولم تصدقونني ، وما ترون مني إلا الكلام .. حروف أسطرها على الانترنت .. ولكم كل الحق .

فيبدو أنني لا أستحق شرف تقبيل أقدام المجاهدين ، وتلك عقوبة القاعدين الخوالف أمثالي .

يا أسيادي في حماس ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ) .. أنتم الأعلون ولو كنتم على الرصيف .

ولو كنتم على الرصيف .. رصيف مصر التي يحكمها طاغية جبار سيرينا الله فيه يوما لا ريب ، أما كان في مصر مكان لرئيس وزراء فلسطين إلا الرصيف ؟؟

وقصورها ونمارقها ووسائدها يدوسها العملاء واليهود والأمريكان .

أنتم الأعلون ولو كنتم على الرصيف .

وهم الأذلون ولو كانوا في الأحضان .

 

هذه الصورة دليل ولا اثبت ولا أكبر على أنهم الأذلون .. الأذلون ولو كانوا في الأحضان .

فقبلة رايس ( بالذات رايس ) لا يشتهيها بشر سوي .. ولا أظن واحد في كل الدنيا يعتقد أن عباس يقبل رايس من قبيل المودة أو المحبة أو حتى الندية .. وإنما قبلة يشع منها الذل ، وتفوح منها الخيانة .

وابتسامته الودود إذ يقبلها .. يالها من ابتسامة تكفي لحرقه لو كنا أحرارا .. هل نسي أنها العدو .. العدو الذي لم يرتح يوما من قتل العرب والمسلمين ؟؟؟

 

أنتم الأعلون ولو كنتم على الرصيف ..

وهم الأذلون ولو كانوا في الأحضان .

وها هو دحلان ..

يجلس على أريكة وثيرة .. نعم ، ويلبس الفخم من الثياب .. نعم ، ويجري على رعايته الكثير .. لاشك
لكنه ينكب على موفاز ، وموفاز أمامه يجلس كالطاووس .. مشهد لا يفوح منه إلا الذل .. لا المودة ولا المحبة ولا حتى الندية .

 

وكعادة كل خائن .. يسترق النظرات هل يراه من أحد ؟؟

ما كنا نشك لحظة في أنه يتآمر على المقاومة ، حتى التقطت هذا التآمر كاميرا البي بي سي .. فصورته صوتا وصورة وهو يطلب من موفاز أن يوقف القصف لشهر أو اثنين حتى يستطيع أن يحرك “رجاله” ضد حماس .. وموفاز يرفض ويتمنع ، ودحلان يرجو ويتوسل .. حتى انتهى النقاش برفض موفاز وقف القصف ، وتعهد دحلان بـ”العمل” .

( الصورة أثناء قمة العقبة 2003: شارون / بوش / عباس / عبد الله )

الفيديو : ضمن برنامج السلام التائه الذي أنتجته قناة البي بي سي .. وتم عرضه مدبلجا على قناة الجزيرة .

 

يا اسيادي في حماس :

أنتم الأعلون ولو كنتم على الرصيف .

وهم الأذلون ولو كانوا في الأحضان وعلى الأرائك .

 

لكنني أعجب .. كيف تصبرون .. كيف تصبرون .. كيف تصبرون ؟؟؟

بعد أن تحررت غزة أمس التحرر الثاني ، وقتل سميح المدهون ومنصور أبو شلايل ( اللهم أرنا في إخوانهم مثلما أريتنا فيهم ) .. وبعد أن سقطت مقرات العملاء التابعة لإسرائيل في غزة .. أحسب أن أدنى متابع عرف ما جرى من قرارات اتخذها العميل المجرم محمود عباس ، والمواقف الدولية التي صدحت بها رايس وبوش وبريطانيا وفرنسا ( ثاني بشائر ساركوزي ) والاتحاد الأوروبي .

وننتظر بعد قليل القرارات التي سيتخذها العملاء العرب في اجتماع وزراء خارجيتهم المنعقد الآن في القاهرة ، وهي لاشك ستتجاوب مع مواقف أسيادهم الأمريكان والإسرائيليين .

والاحتمالات كلها مفتوحة ولا يبدو أفق للحل ، وربما كان أصعب الاحتمالات تدخل اسرائيل واحتلالها من جديد قطاع غزة ، أو حتى قصفه بين الحين والآخر .. أو احتمال موافقة مجلس الأمن ( بطلب من عباس أو أمريكا والكلاب العرب بالتبعية ) على إرسال قوات دولية لغزة .

الآن أتوجه بنداء كتبته منذ عام بالضبط وبتاريخ 12/6/2006 أهيب فيه بكل الناس أن يدعموا حماس مااستطاعوا ، ولو كان بمجرد الدعاء .. مع يقيني أن الغالبية الكاسحة تستطيع الصراخ والتظاهر وإشعال الحملات على الأرض او الانترنت كل بما يستطيع .

سقوط حكومة منتخبة شرعيا في عالم عربي بمثل هذه الظروف يعني :

1- يأس شعبي عام كامل شامل من إمكانية إجراء أي إصلاح في كل أوطان العالم العربي ، وتسليم كامل بأن أمريكا تستطيع أن تؤتي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء .

2- فقد كل الثقة فيما يسمي الحرية والديمقراطية ، لأنها حتى وإن كانت اختيارا شعبيا فلن ينجح إلا بأن يتوافق مع رغبات أمريكا وإسرائيل .

3- توحش الأنظمة العربية العميلة ، واكتسابها الثقة الكاملة في انعدام قدرة الشعوب على إجراء أي إصلاح .. وارتماؤهم بأكثر مما هم الآن على أقدام أمريكا وإسرائيل لأن الحل والعقد في أيديهما .

4- توحش هذه الأنظمة يعنى انتهاء ملف حقوق الإنسان إلى مدى غير منظور ، ويعني إطلاق اليد الكامل في التعامل مع أي معارض حقيقي دون أية قيود .

5- انهيار حكومة منتخبة وتوحش نظام حاكم ، سيجذر ويعمق السلبية القاتلة الموجودة في نفوش الشعوب العربية .. تلك السلبية التي كانت قشرتها بدأت تتشقق مع انطلاق حركات معارضة إصلاحية في العامين الماضيين ، وربما تأخرت مسيرة الإصلاح نصف قرن أخرى حتى ينشأ جيل آخر لم يتحطم .

كانت تلك نداءات لكل المدافعين عن الحرية في كل العالم وفي العالم العربي بوجه أخص وفي مصر بوجد شديد الخصوصية .

أما الشئ الخاص بالعرب والمسلمين فعليهم أن يعلموا جميعا أن سقوط حماس يعني :

1-  انتهاء أعظم وأخطر خط مقاومة إسلامية في كل مناطق التشابك والصراع بين الشرق والغرب ، بكل ما يستتبعه هذا الانتهاء من تداعيات الانهيار الكبير .

2- سقوط أعظم وأكبر حركة مجاهدة في فلسطين والعالم العربي .

3- انفتاح الطريق نحو احتلال وهدم المسجد الأقصى ، وانتهاء قضية اللاجئين تماما ، فلاشك أن العميل عباس سيضحي بالقدس دون أن يحاول المقاومة ، وسيصوغ الإعلام الرسمي هذا التنازل على انه الحل الوحيد المتاح ، أو ربما وصفته بالانتصار العظيم .

 

ونداء لكل أهل السنة :

سقوط حماس يعني أن النموذج الوحيد القادر على الانتصار هو النموذج الشيعي ، فكل الحكومات الإسلامية السنية التي وجدت برغبة شعبية ( تحت ك رغبة شعبية ضع ألف خط ) قد تم إسقاطها بفعل اليد الغربية الخارجية ، بدءا من حكومة طالبان في أفغانستان ، وتيار جبهة الإنقاذ في الجزائر ، ومرورا بتجارب السودان وانتهاءا بتجربة حماس .. أو على الأقل تفريغه من مضمونه وتصعيد الخونة ( كما في نموذج باكستان ) .

والنموذج الوحيد الذي لم يمكن إسقاطه هو نموذج الدولة الإيرانية ، والحركة الوحيدة التي لم يستطع اغتيال انتصارها أحد هي حركة حزب الله .

( توضيح : مع احترامي العميق لتجربة حزب الله وحبي الشديد لحسن نصر الله ، واحترامي الشديد للسنين الأولى من ثورة إيران ومشروع دولتها ، وبغضي الشديد والكامل لما تفعله إيران الآن بكلابها الصدر والحكيم وأمثالهما ) .

ونداء خاص لكل الإسلاميين :

سقوط حماس يعني سقوط نظرية الدولة الإسلامية التي تقوم على اختيار شعبي ، وانتهاء نظرية التغيير من الداخل .. لأن التغيير لن يكون له إلا طريق واحد هو التغيير باليد الأمريكية .

وأنا أقصد تحديدا بالإسلاميين الآن حركة الإخوان المسلمين ، فهي الحركة الوحيدة التي تطرح نموذجا واضحا لكيفية إقامة الدولة الإسلامية والمتمثل في مقولة البنا ( الفرد المسلم ثم البيت المسلم ثم المجتمع المسلم ثم الحكومة المسلمة … ) أما الجهاديين والسلفيين فلا أعلم لهم طريقا واضحا لإقامة الدولة الإسلامية .. فهم يقاتلون إلى الأبد وما استطاعوا مرة إقامة أمير ( دعونا من مضحكات دولة العراق الإسلامية وأميرها المجهول ) .. وأما السلفيون فهم يحرمون الخروج على الحاكم ما أقام الصلاة ويحرمون الاشتراك في الانتخابات ولا أعرف طريقا يمكنهم به إقامة الدولة الإسلامية .

فندائي الآن يتوجه إلى الإخوان .. الذين إن سقطت حماس فستتلقى نظرياتهم الضربة القاصمة حول المجتمع المسلم الذي يريد فيستطيع إقامة الدولة الإسلامية ، ولعل السلفيين والجهاديين يحركهم - لدعم حماس - كون النماذج الوحيدة الناجحة هي نماذج شيعية .

 

( ** هل ياترى سيأتي محاور ليترك كل هذه المخاطر ويناقشني لم فرقت الأمة سنة وشيعة أو يدافع عن الإخوان أو السلفيين أو الجهاديين وينقلب الموضوع هبلا وخطلا والعدو سيحلق الرؤوس بلحاها ؟؟ .. رحم الله ابن تيمية ) .

 

15/6/2007

 

تحديث :

اقرأ : عائلة ستين متطرف .

Next Page »