أشهر عشرة بهلوانات في مصر
كان ياما كان في سالف العصر والأوان.. بهلوان، يضع على وجهه كل الأصباغ والألوان
وبعد حياة مليئة بالعروض والمسرحيات، قرر هذا البهلوان أن يقدم عرضا خاصا له لوحده أمام مرآة. صبغ وجهه بخطوط زرقاء وبيضاء، ووضع على أنفه كرة حمراء.. وضع على رأسه قبعة طويلة مزركشة الألوان. لبس ملابسه الفضفاضة وانتعل حذاءه الطويل العريض، وأمسك في يده عصا صغيرة وتحرك بطريقة حلزونية مثل دون كيشوت الذي يحارب طواحين الهواء. رقص فوق السلك ولعب بالنار، وشرع في تقديم أحسن عروضه. ضحكت المرآة، ولم يضحك البهلوان
عن البهلوانات نتحدث
إنها سلالة الهوان التي أصبحت هذه الأيام تتصدر عناوين الصحف وأعمدتها، وحفلات المجتمع الراقي، وكواليس صناعة القرار السياسي، وملاعب كرة القدم، وحفلات توقيع الكتب، والاتحادات والنقابات.. وغيرها من الخيبات
والبهلوان في مصر خرج من حدود السيرك وانتشر وتكاثر وأصبح نجم الموسم في كل مكان. سار البهلوان فوق كل الحبال، وانتقل من حبل إلى حبل، مثل لاعبي السيرك تماماً، ولكن ليس لأداء حركات أكروباتية أو أراجوزية تسعد الجماهير، وإنما لطعن هذا والنيل من ذاك، وسط ضحكة أو ابتسامة تشبه خنجراً عُمانياً حاداً. بعضهم استغل منابر الإعلام وبعضهم الآخر اتخذ من الدعاوى القضائية سبيلاً، وفريق ثالث لجأ إلى التشهير والإساءة إلى الآخرين، والهدف في النهاية واحد: المكاسب الشخصية
هؤلاء وحدهم يستطيعون التسلق والتملق والتزلف
لقد رأينا من بهلوانات العصر من يصفق لقدمي القيصر حتى عندما تكونان ملطختين بدماء الضحايا أهلنا.. ومن يبتهل إليه أن يُعينه على بني قومه الذين لم يفقهوا قط أن الحاكم هو القضاء والقدر، وكل ما عداه عدم بعدم
ربما لأن البهلوانات ملأوا الساحة، وتفوقوا على أشباههم الذين تحدث عنهم يوسف إدريس في مسرحيته "البهلوان"، فقد قررنا أن نختار منهم عينة.. والعينة بينة. عشرة نماذج قد تكفي للاستدلال على الظاهرة المؤسفة في عصرنا ومصرنا. لن نشير إلى أسماء، ولسنا مسؤولين عن تشابه هذه النماذج مع أكثر من شخص، فالقلم مسؤوليتنا.. والتشابه إلى حد التطابق مسؤوليتهم هم
أحد هؤلاء البهلوانات، رئيس تحرير
رجل وظيفته الشتم والردح لكل من تسول له نفسه ويفكر مجرد تفكير في معارضة السياسات القائمة أو ينادي بالإصلاح والتغيير. وبأسلوب لا يخلو من السوقية، تجده يتصدى للمهمة، وقد يتبرع بذلك حرصاً على إثبات الولاء لدى أهل الحكم. غير أنه ينسى أن أهم أدوات الصحفي هو موهبة الكتابة، وأمضى أسلحته دقة المعلومة وموضوعية الأسلوب. أما صاحبنا فهو لا يجد حرجاً في فرش الملاءة وانتقاء ما لذ وطاب من قاموس يمكن أن نسميه "المُغني في الكلام المُتدني"
سخافة تلتقي مع السادية في منتصف الطريق
وبالفعل، أثمرت تلك الخطة، فإذا برئيس تحريره يرشحه لدى السلطات لخلافته، مطمئناً إلى أنه سيضع رجله في مكانه. إلا أن البهلوان طبق نظرية "ازرع رجلاً.. يقتلعك"
"ندالة"
هكذا وصفه رئيس تحريره الذي يقول في حسرة إنه "اكتشف" متأخراً حقيقة رجله السابق
واليوم، يطل علينا هذا البهلوان بكتابات ركيكة وأسلوب فج يعكس ضحالته، في مساحة احتلها بحكم وضع اليد، وقادها كالسيارة الملاكي، ينجرف ويتحرك بها تارة ويناور بها تارة أخرى. المهم أن يستمر عطف أولي الأمر ويواصل أداء وظيفته كبهلوان يرتدي الزي الرسمي
رحم الله أحمد بهاء الدين، فكأنه يتحدث عن بهلوان آخر، تم تعيينه مندوباً لصحيفته في وزارة الداخلية، فاختلط عليه الأمر وأصبح مندوباً للداخلية لدى صحيفته القومية
ولا يحتاج أحدهم لجهد كبير يذكر كي يلاحظ ضعف قدرات صاحبنا على الشاشة، فلا هو مذيع لبق ولا هو مقدم برامج ناجح، وإنما هو مجرد "رقيب أول"، وبالتالي فهو يتعثر ويتلعثم كلما فتح فمه، ويرتكب الكوارث إذا انطلق في حديثه مثل شاحنة ترتج على الطريق الصحراوي، فيقع في المحظور ويثير دعوات أصابها العفن بالتحريض والكراهية بين أبناء الوطن الواحد.. وأبناء الأمة الواحدة إن لزم الأمر
"اخرجوا إلى الشارع واقتلوا أي واحد منهم"
هكذا صرخ ذات يوم على شاشة التليفزيون، محرضاً على القتل والعدوان، لمجرد أنه سمع شائعة فآمن بها، ورأى أن الحل هو الفتك ب"الأعداء".. الذين كانوا في هذه المناسبة أشقاءنا
يا ليته يصمت ويتخلص من عباءة الأمن التي تلاحقه ليل نهار
بهلوان وألعبان آخر، قادر ببراعة منقطعة النظير على تقديم آيتين على الأقل من آيات المنافق "إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف"
فقد تعهد باعتزال مهنة الادعاء والتفرغ لعمل آخر.. إدارة محل للورود مثلاً
استبشرنا خيراً، فالرجل له سقطاته المهنية الكبيرة، ويهوى إطلاق الأحكام مع وصلة مزعجة من الزعيق والصراخ غير المبرر، لكنه على ما يبدو ابتلع وعوده وشرب فوقها كوباً من المياه المعدنية
ويبدو أن الفتى الذي يجيد التمثيل، يعرف جيداً أنه بحاجة إلى هذا المنبر الإعلامي كي يواصل حصد المكاسب الشخصية والعائلية.. وعن تلك المكاسب والغنائم حدث ولا حرج
وحين يجد الجد، ينسب المذكور إلى الرئيس مبارك قوله لمعاونيه "محدش يقرب من....". ولم لا، والعائلة كلها تهوى "تلميع" الصورة في الانتخابات والأمراض والأحزان.. لا فرق
وحكايات هذا البهلوان كثيرة، ومن ذلك حكاية تبنيه لاتهامات أوردتها صحيفتان محليتان دون أي سند أو دليل، عن سلوكيات لاعبي المنتخب واصطيادهم فتيات ليل في ليالي بطولة كأس القارات في جنوب إفريقيا عام 2009. وبعد أن شخط ونطر، وسخر قائلاً: "هو ده منتخب الساجدين"، وتكلم عن رائحة النجاسة، اكتشف في نهاية الأمر أن مصدر الرائحة أقرب إليه مما يتصور، فعاد نادماً ومعتذراً وبراءة الأطفال في عينيه، خاصة بعد أن قدم رئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس القارات ومونديال عام 2010 دانة جوردان اعتذاراً رسميا لبعثة منتخب مصر عن هذه الشائعات، فيما تلقى رئيس بعثة منتخب مصر خطاباً من شرطة جنوب إفريقيا تنفي فيه علاقتها بما نشر في صحيفتين محليتين
لقد ابتدع هذا المحرِّض "إعلامه الخاص"، ذلك الذي تحل فيه الشتائم والكلمات النابية محل الوصف والتعليق، وتتم الاستعاضة عن نقل الأخبار ومتابعتها باختلاقها والتهويل من شأنها
ولعل من عرفوا الفتى أيام دراسته وبعد تخرجه في الجامعة، يتذكرون كيف كان يجأر بالشكوى من إهمال شقيقه الأكبر له، وكان الشقيق في تلك الفترة يرفل في نعمة الكتابة الرومانسية في لندن على طريقة "قلبي برتقالة، أشطره نصفين.. نصف لي ونصف لك".. فلما تذكره الشقيق وأفاض عليه من الخير الذي ناله، تغيرت حاله وأحواله، فهجر الزوجة الأولى والابنة الصغيرة، وارتبط بأخرى تناسب المرحلة
فهو يرفع حاجبيه عندما تشاء الظروف أن تقع عيناه على صديق أو زميل دراسة قديم، حتى يكفي نفسه مؤونة السلام والكلام مع من يعرفون ماضيه.. وحاضره
أما آخر أخبار الفتى فهو أنه يردد في جميع مجالسه جملته الأثيرة "محدش يشبهني"
وهذا من رأفة الله بعباده.. وحسن حظنا جميعاً
(4)
في ملاعب السياسة، هناك من يجيد التلون والتحول، حتى طلبت منه الحرباء تعليمها دروساً في التنكر وتغيير الجلد
رجل لكل العصور، كأن الزيني بركات يعود إلى الحياة من جديد
يهوى استرضاء السلطان، وكبح جماح طموحه السياسي، إذ مازالت في القلب غصة من هزائم الماضي بعد قضية مراكز القوى في عام 1971
وعندما تولى رئاسة جامعة عريقة، تم اعتقال الطلاب من داخل الحرم الجامعي، ويومها أنحى باللائمة على الطلاب أنفسهم لمخالفتهم اللائحة
وهتف الطلاب ضده "يا.. يا.. هتروح فين يوم الحساب" بعدما وافق على شطب الطلاب المنتمين لقوى سياسية معارضة من كشوف المرشحين لانتخابات الاتحادات الطلابية
لكن الرجل أغلق عينيه وأصم أذنيه حتى لا يرى أو يسمع ما يؤرق ضمير رجل العلم والقانون. فهو يقدم نفسه دائماً كموظف مطيع مثالي يجيد تنفيذ التكليفات، حتى وإن اتهمه رجل الشارع بأنه أحد "ترزية" القوانين
بل إنه لا يتورع عن التصدي لكل من يرغب في ممارسة حقه الديمقراطي في الترشح خارج إطار الحزب الحاكم، ويشير كثيرون إلى أنه لم يجد بأساً في استنكار فكرة ترشح د. محمد البرادعي لمنصب الرئيس بعد أن أخذ عليه عدم تعرضه "
يمكنك أن تجده متحدثاً عن كل شيء: أمن الخليج، الرياضة، موسم الحج، وإنفلونزا الخنازير
(5)
الرجل الذي كان يفترض به أن يكون باحثاً كبيراً، انتهى به الأمر سياسياً صغيراً
فلا الحصانة تنفع، ولا ضخامة اللقب تخفي الثقوب التي أصابت ثوب هذا الذي كان في طريقه إلى أن يصبح أستاذاً جامعياً مرموقاً، فإذا به ينزلق إلى متاهة التوزير، فيصير وزيراً يتقن لغة برقيات التهنئة إلى أصحاب المقام الرفيع من ساكني قصور الحكم، أكثر مما يجيد إدارة شؤون وزارته
لقد استسلم الرجل لنداء "نداهة" السياسة وغواية المنصب، فإذا به يستغني عن حلمه العلمي ومشروعه الفكري ورسالة الدكتوراه المهمة التي أنجزها في فرنسا، فيتضاءل تارة ويتضخم تارة أخرى.. يغيب بضعة أعوام بقرار، ثم يعود إلى الصورة بعدها بقرار ثان، كأنه أداة يسهل استخدامها وقت اللزوم
ومصيبة الأرنب أنه يخرج من قبعة الساحر، ليصفق الجمهور
هذا بهلوان طبق استراتيجية اتحاد الطلاب على الحياة، فحقق نجاحاً جعله الآن محمولاً على أكتاف أنصاره، فيما يضرب غيرهم أخماساً في أسداس متسائلين: من أين خرج لنا هذا البهلوان؟
والذين يعرفون هذا البهلوان يضحكون كثيراً حتى تدمع أعينهم عندما يتذكرون كيف استفاد هذا الرجل من تجربته الجامعية، ليس في مجال تحصيل العلم، وإنما في مجال تحصيل آخر. ومن بوابة لجنة الكشافة والرحلات اكتشف هذا الشاب طرقاً وألاعيب للتسلق والوصولية والاستفادة الشخصية.. فإذا خرج وصحبه من رحاب الجامعة إلى فضاء الحياة، سقط عدد من رفاقه تحت حافر تهمة تقاضي الرشوة أو "الزيس" في مغارة ماسبيرو المذهلة، أما هو فقد آثر السلامة، وبنى شعبيته بطريقة اتحاد الطلاب في كليته الذي كان أحد أعضائه لسنوات. التصق الرجل بمن أعلى منه منصباً وصار خادمهم المطيع، في حين لم يتقدم كثيراً في مهنته الأصلية التي أبقاها على الهامش وأجلسها على مقاعد البدلاء، مفضلاً عليها استرضاء رؤسائه في المبنى الكبير المترهل
ومن "بيت الطاعة" إلى بيت أصغر حجماً، ارتضى لسنوات أن يبقى رجل الظل لرجل أكبر وأكثر نفوذاً، حتى إذا حان الوقت كي يغادر الرجل الكبير المشهد، جاء بساعده الأيمن لكي يدير شؤون البيت، على رغم افتقار الأخير لأي إنجاز في هذه الصناعة، فإذا به يقتنص لقب صاحب البيت.. وليذهب أهل الدار إلى الجحيم
من بيته الريفي المتواضع كان يحلم بالمجد الذي ينتظره
من حق أي شخص ان يحلم. المهم هو كيفية تحويل الحلم إلى حقيقة. الأهم هو ما الذي سنفعله بتلك الحقيقة الجديدة
مشوار طويل قطعه في ميادين الرياضة، هذا الشاب القادم من الأقاليم، حتى أصبح من أشهر نجوم اللعبة. وبعد ممانعة، أقر بأن الوقت حان كي يترك الساحة لمن هم أصغر سناً وأكثر لياقة. وبعد الاعتزال، بدأ النزال. ومن بوابة الإعلانات والتوكيلات الرياضية صنع مزيداً من المال والتربيطات، حتى بدأ يشتهي مجداً آخر، فحاول مرة واثنتين حتى تحقق له ما أراد. ولأن الإعلام ليس له صاحب في بلادنا، وجدناه يطل علينا معلقاً وناقداً في الرياضة أولاً وغيرها تالياً. الغريب أنه يقول بملء فيه إنه يعد رمزاً كبيراً في الإعلام الرياضي، لأنه نجح في انتشال رجال الإعلام الرياضي، وساهم في رفع رواتبهم إلى الآلاف بعدما كانت بمئات الجنيهات
وهكذا الرمز.. وإلا فلا
المجموعة المحيطة به تقول إنه تغوَّل، ولم يعد قطاره قادراً على التوقف في أي محطة، كأنما أصابت المكابح مشكلة، وغابت القدرة على وقف هذا الاندفاع
لم يكتف بالشهرة في الصندوق الصغير، فإذا به يتطلع إلى حصة أكبر من الكعكة عبر دهاليز الحزب وكواليس الانتخابات
"تهم كيدية". هذا ما كرره الرجل في معرض دفاعه عن نفسه ومصالحه، وكاد البعض يصدق ذلك لولا أن جانباً من هذه التهم مثبت بالصوت.. والصورة
موقف اضطر معه في النهاية إلى رفع راية الاستسلام طالباً الصفح ومنادياً بأن الصلح خير
وما بين حكماء يرون أنه أخطأ التدبير والتقدير، وشامتين يرون أنه "من أعمالكم سلط عليكم"، يقف الرجل أمام مفترق طرق، باحثاً عن مخرج من المصائب التي قلبت حياته رأساً على عقب، بعد أن ظن أن الدنيا شطبت اسمه من سجلات الأزمات
البعض قد يهوى القراءة، البعض الآخر قد يهوى السباحة، وفريق ثالث قد يفضل مشاهدة الأفلام
أما هذا الرجل فهوايته الأولى، وربما الوحيدة هي التنغيص على الآخرين وإثارة الضجيج حول أي شيء وكل شيء
"بتاع كله"
مهنته الأصلية محام، لكن القضاء العالي والنزيه يبدو بريئاً من إزعاج هذا الرجل الذي يسعى إلى إقامة دعاوى قضائية على الآلاف من عباد الله، ربما بسبب تصريح أو قرار، وربما أيضاً بسبب حوار تليفزيوني أو حتى مشهد سينمائي. وفي كل مرة، نراه يصرخ متحدثاً عن الملابس الداخلية لهذه أو تلك، ومحاسباً أي امرأة معروفة عما ظهر منها.. وما بطن
النتيجة لا تهم، فالمهم بالنسبة له هو المهم هو الضجة في حد ذاتها
الرجل - بحسب كثيرين- شبه عاطل عن العمل ويتكسب من خلال الدعاية لنفسه عن طريق إقحام نفسه في أي موضوع إعلامي أو شخصية مشهورة طلبا للشهرة
"ملك الحسبة"
حين نزلت قضايا الحسبة على أرض مصر المعاصرة، صعد نجم هذا الرجل بطريقة عجيبة غريبة
يفاخر الشيخ - كما يلقب- بأنه "التطور الطبيعي للحاجة الساقعة".. فهو الذي يقاتل للتفريق بين الأزواج وتكفير هذا وذاك، وهو الذي يصادر الأثاث ويقاضي الشعراء والمفكرين وأصحاب المؤلفات وكُتاب المقالات
حروبه ضد التفكير تقوده دائماً إلى التكفير
تراه يقود حملة ضد مثقفي مصر ورموز إبداعها، وضد كل فكرة من شأنها التجديد في الفكر والممارسة الإسلامية، بدءاً من إعادة تفسير النص الديني وصولاً إلى حظر ختان الإناث. كلما اختفت زوبعة من الزوابع التي يثيرها هذا الشيخ في الإعلام بسبب ملاحقته لهذا المفكر أو المثقف أو الفنان حتى يثير زوبعة أخرى
أدمن المزايدة على التحدث باسم الدين، بحيث يظهر بمظهر حامي الدين، بما يخفض من سقف الحريات أكثر فأكثر ويحاصر الإبداع والمبدعين
وعندما أراد بعضهم اصطياده بالسلاح نفسه وافتضاح أمره وطرق متاجرته باسم الدين عن طريق تقاضي مبالغ مالية مقابل الرقية الشرعية، أرغى وأبد، وعاد إلى مزاولة هوايته المفضلة: إقامة دعاوى قضائية ضد خصومه
الطريف أنه في برنامج تليفزيوني عرضته إحدى قنوات التليفزيون في مصر، اتصلت ممثلة معروفة بأدوار الإغراء التي تؤديها، وكان الشيخ حاضراً في الاستويو، فابتسم وتهلل وجهه قبل أن يقول: "..... تلميذتي، سلمولي عليها"
"فتح الله عليك يا عم الشيخ"
يومها تساءل البعض عن سر إعلان هذا الشيخ على الملأ بفرح طفولي أن هذه الممثلة تلميذته، وحكاية استشارته له باستمرار، وهذا يفتح الباب أمام أحد احتمالين لا ثالث لهما: إما أن الشيخ لا يرى أفلاماً أو حتى إعلانات الأفلام التي تقوم هذه الممثلة ببطولتها، أو أنه يرى أدوار الممثلة بصفة دائمة ويوافق على كل ما تقدمه
وكلا الأمرين مثير للاهتمام، خصوصاً إذا علمنا أنهما – كما قالت الممثلة- جيران وأبناء حي واحد
والجيرة قد تزيل أسباب الحيرة
(10)
من خانة إلى خانة ومن ديانة إلى ديانة، تبدو هذه المرأة لغزاً كبيراً، وإن يكن هناك من يفسر الأمر ببساطة على أنه رغبة في الشهرة والاستئثار بالأضواء
ورددت عبر وسائل الإعلام غير ذلك من أقاويل، تبين للجميع لاحقاً أنها كاذبة وادعاءات ملفقة
هوايتها إثارة الغبار، وهي قد تهيل التراب على أي شخص أو إنجاز، لمجرد تسليط الأضواء عليها ولفت انتباه المراسلين وعدسات المصورين، فمن أجل التليفزيون.. كله يهون
دع عنك حكاية تغيير الدين هذه، فاعتناقها ديانة جديدة لا يعني بأي حال الضرر لديانتها الأولى أو الفائدة لديانتها الثانية، غير أن الأخطر في رأينا هو الفصام في الشخصية الذي أحاط بتصرفاتها من كل حدب وصوب
إذ لم يمض على خبر تنصرها الكثير، حتى عادت لتؤكد رفعها دعوى الخلع ضد زوجها؛ لأنها أصبحت "تبغض الحياة معه"، رغم أن "الخلع" ينتمي إلى الشريعة الإسلامية وليس المسيحية
تحدث البعض عن حصولها على أموال تبرعات مقابل تغيير قناعاتها الدينية، لكنها نفت ذلك، مع أنها شنت هجوماً حاداً على شخصيات بالاسم قيل إنهم هم من يقومون بدور الوساطة لأنها أرادت أن تحرقهم أمام من يدفعون، ولترفع الوسطاء من طريقها، لتحصل هي مباشرة علي التبرعات، فلا داعي للسمسرة في منتصف الطريق
وما أصعب أن تجد أمامك إنساناً لا يهمه سوى الجري وراء أهواء شخصية، من المال والشهرة والأضواء
في مناسبة حديثة، قامت من مقعدها غاضبة أثناء انعقاد مؤتمر، لتحتج في مداخلة حادة على عدم دعوتها للمشاركة والإدلاء برأيها في فعاليات مؤسسات المجتمع المدني بسبب موقفها الديني
انتهت الحكاية.. وبقي البهلوانات
ولا عزاء للمتفرجين