07 مارس، 2009

عـرس الـدجـل



لــو قــُــدّر لـمـسـيـلـمـة الـكـذّاب أن يـعـود إلـى الـحـيـاة الاّن

لاشـتـغـل بــوّابـــاً أو طـبـّـاخــاً لـدى أحـد السـيـاسـيـيـن

الـلـبـنـانـيـيـن , و لـمـا تــجـرّأ عـلـى اقــتـراف كـذبــة واحدة

لأنــّـه سـيـبـدو سـخـيـفـاً و سـاذجـاً جـداً أمـام أصـغـر الـكذابين

من سياسيي لـبـنـان , خـصـوصـاً جـمـاعـة الـحـريــّـة و السيادة

و الإستقلال .بـيـكـوات و مـشـايـخ الـحـريــّـة , إقـطـاعـيـو

الإسـتـقـلال .ورثــة شـهـداء الـصـفـقـات و الـعـمـولات و تـجـّـار

الأراضي الـلـبـنـانـيـة , الـمـحـتـرفـون الأزلـيـّون في ذبـح هـذا

الـشـعـب وتـجـويـعـه وتـحـويـلـه إلـى قـطـعـان طـائـفـيـة تـتـبـع لـهـم

و يـمـكـن ( فــكّ رسـنـهـا ) وقـت الـحـاجـة لإستعمالها فـي

حـروبـهـم الطائفية مـن أجل السلطة و المال و الإمتيازات .

يـسـتـطـيـع أيّ طـفـل لـبـنـانـي لا يـتـجـاوز الـعـاشـرة مـن

عـمـرة , أن يـُـسـمـّـي الاّن , أسـمـاء عشرة وزراء و نواب أو

أكثر , سـيـمـارسـون صـلاحـيـّاتـهـم عـلـى رقـاب الـشـعـب بـعـد

ثـلاثـيـن عـامـاً , فـقـط عـلـيـه أن يـُــعـدّد نـفـس الأسـمـاء

الـتـي تـسـلـّـطـت عـلـى لـبـنـان مـنـذ ثـلاثـيـن عـامـاً مضت والـتي

يـحـكـم أبـنـائـهـا الاّن . و سـيـحـمـل أحـفـادهـم نـفـس الأسـمـاء

و سـيـمـتـهـنـون ذات الـمـهـنـة و سـيـردّدون ذات الـشـعـارات .

و الـشـعـب ( قـلـبـه رقـيـق ) يـحـبّ أسـمـاء الـزعـمـاء و لا يـريـد

لـهـا أن تـمـوت .

( بـدّي صــوّت لـهـيـدي الـبـنـت , شـو اسـمـهـا ؟ هـيـدي بـنـت

جـبـران تـويـنـي ) هـذا مـا قـالـتـه مـواطـنـة مـن الأشـرفـيـــّـة

فـي تـحـقـيـق تـلـفـزيـونـي عـن الإنـتـخـابـات قـبـل أيــام .

فـي حـيـن قـالـت الاّنـسـة نـايـلـة تـويـنـي في نفس البرنامج

أنـهـا سـتـمـضـي عـلـى خـطـى جـبـران كـمـا أنـهـا سـتـسـتـفـيـد

مـن خـبـرة الـجـدّ مـيـشـال الـمـرّ ( الـذي يـذكـّرنـي بشخصـيـّة

الـعـرّاب التي جـسّدها مارلــون برانــدو في الـفيلم المعـروف

لـلـمـخـرج فرانسيس فورد كـوبولا ) لـكـنـهـا سـتـعـطـي الأولـويـّـة

الأولـى و الأخـيـرة لـمـيـراثـهـا فـي ( جـريـدة الـنـهـار ) .

أي أن الـنـيـابـة سـتـكـون تـحـصـيـل حـاصـل , فـقـط حـقّ مـوروث

يـجـب أخـذه عـلـى الـهـامـش كـي لا تـضـيـع الـتـركـة . فـكـمـا

ورثـت كـرسـي "الـنـهـار" يـحـقّ لـهـا أن تـرث كـرسـي الـمـجـلـس

الـنـيـابـي ... مـا أسـعـد الـسـيـاسـي فـي لـبـنـان .. هـذا لا يـحـصـل

حـتـى فـي الـمـجـالـس الـقـبـلـيـّة الـبـدائـيـّـة فـي أدغـال أفـريـقـيـا .

مـاذا لـو كـانـت نـايـلـة الـتـويـنـي ابـنـة أيّ مـواطـن لـبـنـانـي

اّخـر , مـاذا لـو كـانـت ابـنـة مـقـاوم جـنـوبـي سـقـط عـلـى

الـجـبـهـة و هـو يـقـاتـل الـغـزاة الـصـهـايـنـة ؟

مـاذا لـو كـانـت ابـنـة مـواطـن عـصـامـي مـن عـكـّـار قضى

كـلّ حـيـاتـه يـتـعـب و يـشـقـى لـيـؤمـّـن لابـنـتـه فـرصـة تـعـليم

جـيـد يــؤهـّـلـهـا لـتـكـون فـتـاة ذكـّـيـة قـادرة عـلـى قـيـادة

بـلـد بـأكـمـلـه ؟

لكنّ الـفـتـاة الـمـحـظـوظـة تـويـنـي قــد تـفـوز حـتـى لـو لـم تـتذكــّـر

تـلـك الـسيدة من الأشرفيّة و غيرها , اسـم نـايـلـة تـويـنـي .

هـي سـتـصــوّت لـعـائـلـة تـويـنـي , حـتـى لـو كـان بـرنـامج

الـسـتّ نـايـلـة يـبـدأ ( بالـهـوّارة ) و يـنـتـهـي بــ ( ظـريـف الـطـول ) .

أمــّـا أن تـقـول لـي أنّ بـرنـامـج الاّنـسـة تـويـنـي هـو استمراريّة

لـبـرنـامـج جـبـران , فـأرجـو أن يـرحـمـنـا هـؤلاء من برامجهم ويـتـركـوا

الـفـرصـة لـشـبـاب لـبـنـانـيـيـن اّخـريـن لـم تــُـتـح لـهـم الـفـرصـة

أو لـم يـشـاؤوا أن يـكـونـوا ضـمـن جـوقـة ( الـشـرف ) الحريريّة

الـجـديـدة و الـتـي صـدحـت بـشـعـارات الـوطـنـيـّـة فـي الساحات

و أقسمت أن يـكـون كـلّ الـلـبـنـانـيـيـن مـوحـّـديـن ( مسلمين

و مسيحيين ) فـي حـيـن كـانـت الـعـنـصـريـة ضـد الـلـبـنـانـي

الاّخـر و كلّ اّخر ( ليس معنا) , تـرشـح عـلـى الـوجـوه طـوال سنوات

طـويـلـة وصـولاً إلـى ( الـكـمّ و الـنـوع ) . و أنـا أقـسـم الاّن

أنـي لـم أسـتـطـع فـي حـيـاتـي كـلـّـهـا مـتـابـعـة مـقـابـلـة مـع

الـمـرحـوم جـبـران الـتـويـنـي حـتـى اّخـرهـا عـلـى عـكـس

الـمـقـابـلـة مع غـسـّـان الـتـويـنـي , مـع أنــّـي لـسـت مـعـجـبـاً

بـهذا الأخير ولا ( بـعـبـقـريـّــتـه ) . والأمـر نـفـسـه يـنـطـبـق عـلـى

كـلّ ورثــة اّل الـجـمـيـّـل . ارحـمـوا هـذا الـشـعـب , دعـوه

يــتـنـفــّـس قـلـيـلاً بـعـيـداً عـن الـعـائـلـة و الـطـائـفـة و بعيداً

عـن بـرامـجـكـم الـتـي تـبـدأ مـن الـجـدّ الأكـبـر و يـبـدو أنـهـا

لـن تـنـتـهـي حـتـى تـقـوم الـقـيـامـة , و لـم و لـن تــُـقـدّمـوا

لـلـبـنـان و الـلـبـنـانـيـيـن سـوى الـويـل و الـخـراب .

هـنـاك عشرات ألـوف الـشـهـداء فـي لـبـنـان , كـلـهـم أبـريـاء

مـظـلـومـيـن ( لا أتـحـدّث عـن أيّ مـقـاتـل حمل سلاحاً

و قــُـتـل في الحرب الأهـلـيـّـة , هـؤلاء شـهـداء زعـمـائـهـم

لا شـهـداء لـبـنـان ) إن ( شـهـدائـكـم ) كـانـوا الأوفــر حـظــّـاً

فـي حـيـاتـهـم و بـعـد مـمـاتـهـم , ورثـوا الـبـلـد , و عـاشـوا

فـيـه كـالـسـلاطـيـن , ردّدوا الـكـلـمـات الـجـوفـاء , تـعـامـلـوا

مـع الـجـمـيـع , ثـم قـــُـتـلـوا فــداءً لـمـنـاصـبـهـم و زعـامـاتـهـم

و ورّثـوكـم الـبـلـد لـتـمـضـوا ( عـلـى خـطــّـهـم ) , ارحـمـوا

هـذا الـبـلـد , رحـم الله مـوتـاكـم أجـمـعـيـن .

دعـوا لـبـنـان يـنـهـض فـهـو الـشـهـيـد الـوحـيـد الـذي سـقـط

بـسـبـب سـيـاسـات و زعـامـات ( شـهـدائـكـم ) .

صـحـيـح أنّ لـكـل مـواطـن حـقــّـه فـي الـتـرشــّـح للإنتخابات

لـكـن في لـبـنـان بالـذات , هـذه كـلـمـة حـقّ يــُـراد بـهـا بـاطـل .

فـالـعـائـلـة السياسية في لـبـنـان تـرث الـبـلـد تـحـت هـذه الـعـناوين

فـلا أحـد يـجـرؤ عـلـى الـتـرشــّـح فـي وجـه سـعـد الحريري ( ابن

الشهيد ) لأنـه سيتحوّل إلى شريك في الجريمة و هـو خـائـن لـدمـاء

الـشـهـداء ( الـعـظـام ) . حـتـى دولـة الـرئـيـس سليم الحصّ الـذي

يــُـعـدّ واحـداً مـن أشـرف السياسيين في تاريخ لبنان , لـم يسلم من

الـتـحـرشـّـات و الـسـفـاهـات , بـعـد أن قــُـتـل سـيـاسـيـا بـأمـوال

الحريري الأبّ . و هـذا ينطبق أيضاً على كـلّ مـن يـفـكـّـر بالـترشـّح

أمام ورثـة الـعـائـلات الأخـرى , لـدرجـة أن أمـيـن الـجـمـيـّل ورث

كـل ( شـهـداء ) اّل الجميل و مـوتـاهـم , مـنـذ مـوريـس الجميّل

حـتـى بـيـار الابـن , مـروراً بـبـيـار الأبّ و بـشـيـر الأخ ( الـذي

شـاء الـوريـث الأكبرعلى الطرف الاّخـر سعد الحريري أن يـُـسـلـّم

تـركـة بـشـيـر لـلـزوجـة صـولانـج الجميّل في بيروت مـؤخـراً .

و الاّن نـديـم الإبـن يـسـتـعـد لـتـسـلـّـم الـتـركـة ) لـولا أنّ

رجـلاً عـصـامـيـّاً شـريـفـاً كـالـدكـتـور كـمـيل خـوري وقـف

أمـام أمين لأوّل مـرة و أزاحـه رغـم كـلّ الـتـوسلات بـدمـاء الإبـن

أمـام الـشـعـب . و الإعـابـة عـلـى الـدكـتـور خـوري و الـتـيـار

الـذي يـنـتـسـب إلـيـه ( التيار الوطني الحرّ ) لأنه تـرشــّـح ضـدّ

( والـد الـشـهـيـد ) .

مـن سـيـنـتـخـب نـايـلة تـويـنـي لـو لـم تـكـن مـن ( الـعـائـلـة ) ؟

مـالـذي يــُـمـيـّـز نـايـلـة عـن أيّ فـتـاة فـي الأشـرفـيـّـة أو في

لـبـنـان ؟ عـبـقـريــّـتـهـا ؟؟ لـو أجـريـنـا مـقـارنـة سياسية مـنـصفة

بـيـنـهـا و بـيـن الـنـاشـط الـسـيـاسـي الـشـاب المتميّز و المثقف

زيــاد عـبـس ( عضو الهيئة التأسيسية للتيار الوطني الحرّ ) ابـن

نـفـس الـدائـرة الإنتخابية , لاخـتـفـت تـويـنـي عـن وجـه الـخـارطـة

السياسية تـمـامـاً . لـكـن , مـن يـتـكـلـّـم عـن الإنـصـاف فـي لـبـنـان ؟؟

كـان أهـل صـيـدا يـحـتـفـلـون بــ ( نـصـيـر الـفـقـراء ) الـشـهـيـد

مـعـروف سـعـد , و كـان أهـل بـيـروت عـروبـيـّـون قـومـيـّـون

نـاصـريـّـون و مـا إلـى هـنـالـك مـن الـصـفـات الـجـامـعـة . و كـان

أهـل طـرابـلـس يـعـضــّـون عـلـى الـجـرح و يـنـتـظـرون حـكـم

الـقـضـاء فـي حـقّ قـاتـل ابـن مـديـنـتـهـم رئيس وزراء لـبـنـان

رشـيـد كـرامـة .

الاّن يـصـبـح لـبـنـان تــركــة لأكـثـر الأبـنـاء ثـراءً , هـو

مـن يــقـرّر مـن الـشـهـيـد و مـن الـمـجـرم , و مـن هـم أهـل

بـيـروت و أهـل طرابلس و صيدا الأصليين و من هم الـدخـلاء .

بـل إنّ قـاتـل رشـيـد كـرامـة يـقـف إلـى جـانـب ( ابـن الشهيد )

رفـيـق الـحـريـري فـي سـاحـة الشهداء و يــُـلـقـي أبـيـاتـاً مـن

الـشـعـر , بـل و أحـاديـث نـبـويــّـة أيـضـاً . ذاك ( الـقـدّيـس ) الـذي

أبـاد عـائـلـة فـرنـجـيـّـة بـدم بـارد و لـم تـسـلـم الطفلة جيهان طوني

فرنجية من رصاصاته رغم أنها لم تكن تبلغ من العمر سوى سـنـتـين

و نصف .

مـن يـتـذكــّـر الـشـهـيـد فـرانـسـوا الـحـاج الاّن ؟؟

ألـيـس فـرانـسـوا الـحـاج بـطـلاً مـن أبـطـال لـبـنـان ؟

مـن قــتـلـه ؟ لـمـاذا لـيـس هـنـاك مـطـالـبـات بـ ( الحقيقة )

و مهرجانات و ( بـيـع و شـراء ) في مـقـتـل الـشـهـيـد الـحـاج ؟

و لـمـاذا لـم يــورّث فـرانـسـوا الـحـاج لأولاده مـقـعـداً نـيـابـيـاً

أو وزارة ؟

لأنـه كـان بـطـلاً حـقـيـقـيـاً .

لأنـه شـهـيـداً حـقـيـقـياً , و لـيـس تـاجـراً .

رحـم الله فـرانـسـوا الـحـاج و كـلّ شـهـداء لـبـنـان الأبـطـال

الـفـقـراء الـمـظـلـومـيـن و شـهـداء الـجـيـش و الـمـقـاومـة .

و حـمـى الله لـبـنـان مـمـّن جـعـلـوه شـهـيـداً فـوق أضـرحـة

زعـامـاتـهـم .

لـو عـاد مـسـلـيـمـة الـكـذاب لـمـات كـمـداً , فـهـو لـن

يـحـتـمـل أن يـبـدو كـاذبـاً فـاشـلاً و سـخـيـفـاً أمـام

أسـاتـذة الـنـفـاق هـؤلاء .



جــو غـانـم