لــو قــُــدّر لـمـسـيـلـمـة الـكـذّاب أن يـعـود إلـى الـحـيـاة الاّن
لاشـتـغـل بــوّابـــاً أو طـبـّـاخــاً لـدى أحـد السـيـاسـيـيـن
الـلـبـنـانـيـيـن , و لـمـا تــجـرّأ عـلـى اقــتـراف كـذبــة واحدة
لأنــّـه سـيـبـدو سـخـيـفـاً و سـاذجـاً جـداً أمـام أصـغـر الـكذابين
من سياسيي لـبـنـان , خـصـوصـاً جـمـاعـة الـحـريــّـة و السيادة
و الإستقلال .بـيـكـوات و مـشـايـخ الـحـريــّـة , إقـطـاعـيـو
الإسـتـقـلال .ورثــة شـهـداء الـصـفـقـات و الـعـمـولات و تـجـّـار
الأراضي الـلـبـنـانـيـة , الـمـحـتـرفـون الأزلـيـّون في ذبـح هـذا
الـشـعـب وتـجـويـعـه وتـحـويـلـه إلـى قـطـعـان طـائـفـيـة تـتـبـع لـهـم
و يـمـكـن ( فــكّ رسـنـهـا ) وقـت الـحـاجـة لإستعمالها فـي
حـروبـهـم الطائفية مـن أجل السلطة و المال و الإمتيازات .
يـسـتـطـيـع أيّ طـفـل لـبـنـانـي لا يـتـجـاوز الـعـاشـرة مـن
عـمـرة , أن يـُـسـمـّـي الاّن , أسـمـاء عشرة وزراء و نواب أو
أكثر , سـيـمـارسـون صـلاحـيـّاتـهـم عـلـى رقـاب الـشـعـب بـعـد
ثـلاثـيـن عـامـاً , فـقـط عـلـيـه أن يـُــعـدّد نـفـس الأسـمـاء
الـتـي تـسـلـّـطـت عـلـى لـبـنـان مـنـذ ثـلاثـيـن عـامـاً مضت والـتي
يـحـكـم أبـنـائـهـا الاّن . و سـيـحـمـل أحـفـادهـم نـفـس الأسـمـاء
و سـيـمـتـهـنـون ذات الـمـهـنـة و سـيـردّدون ذات الـشـعـارات .
و الـشـعـب ( قـلـبـه رقـيـق ) يـحـبّ أسـمـاء الـزعـمـاء و لا يـريـد
لـهـا أن تـمـوت .
( بـدّي صــوّت لـهـيـدي الـبـنـت , شـو اسـمـهـا ؟ هـيـدي بـنـت
جـبـران تـويـنـي ) هـذا مـا قـالـتـه مـواطـنـة مـن الأشـرفـيـــّـة
فـي تـحـقـيـق تـلـفـزيـونـي عـن الإنـتـخـابـات قـبـل أيــام .
فـي حـيـن قـالـت الاّنـسـة نـايـلـة تـويـنـي في نفس البرنامج
أنـهـا سـتـمـضـي عـلـى خـطـى جـبـران كـمـا أنـهـا سـتـسـتـفـيـد
مـن خـبـرة الـجـدّ مـيـشـال الـمـرّ ( الـذي يـذكـّرنـي بشخصـيـّة
الـعـرّاب التي جـسّدها مارلــون برانــدو في الـفيلم المعـروف
لـلـمـخـرج فرانسيس فورد كـوبولا ) لـكـنـهـا سـتـعـطـي الأولـويـّـة
الأولـى و الأخـيـرة لـمـيـراثـهـا فـي ( جـريـدة الـنـهـار ) .
أي أن الـنـيـابـة سـتـكـون تـحـصـيـل حـاصـل , فـقـط حـقّ مـوروث
يـجـب أخـذه عـلـى الـهـامـش كـي لا تـضـيـع الـتـركـة . فـكـمـا
ورثـت كـرسـي "الـنـهـار" يـحـقّ لـهـا أن تـرث كـرسـي الـمـجـلـس
الـنـيـابـي ... مـا أسـعـد الـسـيـاسـي فـي لـبـنـان .. هـذا لا يـحـصـل
حـتـى فـي الـمـجـالـس الـقـبـلـيـّة الـبـدائـيـّـة فـي أدغـال أفـريـقـيـا .
مـاذا لـو كـانـت نـايـلـة الـتـويـنـي ابـنـة أيّ مـواطـن لـبـنـانـي
اّخـر , مـاذا لـو كـانـت ابـنـة مـقـاوم جـنـوبـي سـقـط عـلـى
الـجـبـهـة و هـو يـقـاتـل الـغـزاة الـصـهـايـنـة ؟
مـاذا لـو كـانـت ابـنـة مـواطـن عـصـامـي مـن عـكـّـار قضى
كـلّ حـيـاتـه يـتـعـب و يـشـقـى لـيـؤمـّـن لابـنـتـه فـرصـة تـعـليم
جـيـد يــؤهـّـلـهـا لـتـكـون فـتـاة ذكـّـيـة قـادرة عـلـى قـيـادة
بـلـد بـأكـمـلـه ؟
لكنّ الـفـتـاة الـمـحـظـوظـة تـويـنـي قــد تـفـوز حـتـى لـو لـم تـتذكــّـر
تـلـك الـسيدة من الأشرفيّة و غيرها , اسـم نـايـلـة تـويـنـي .
هـي سـتـصــوّت لـعـائـلـة تـويـنـي , حـتـى لـو كـان بـرنـامج
الـسـتّ نـايـلـة يـبـدأ ( بالـهـوّارة ) و يـنـتـهـي بــ ( ظـريـف الـطـول ) .
أمــّـا أن تـقـول لـي أنّ بـرنـامـج الاّنـسـة تـويـنـي هـو استمراريّة
لـبـرنـامـج جـبـران , فـأرجـو أن يـرحـمـنـا هـؤلاء من برامجهم ويـتـركـوا
الـفـرصـة لـشـبـاب لـبـنـانـيـيـن اّخـريـن لـم تــُـتـح لـهـم الـفـرصـة
أو لـم يـشـاؤوا أن يـكـونـوا ضـمـن جـوقـة ( الـشـرف ) الحريريّة
الـجـديـدة و الـتـي صـدحـت بـشـعـارات الـوطـنـيـّـة فـي الساحات
و أقسمت أن يـكـون كـلّ الـلـبـنـانـيـيـن مـوحـّـديـن ( مسلمين
و مسيحيين ) فـي حـيـن كـانـت الـعـنـصـريـة ضـد الـلـبـنـانـي
الاّخـر و كلّ اّخر ( ليس معنا) , تـرشـح عـلـى الـوجـوه طـوال سنوات
طـويـلـة وصـولاً إلـى ( الـكـمّ و الـنـوع ) . و أنـا أقـسـم الاّن
أنـي لـم أسـتـطـع فـي حـيـاتـي كـلـّـهـا مـتـابـعـة مـقـابـلـة مـع
الـمـرحـوم جـبـران الـتـويـنـي حـتـى اّخـرهـا عـلـى عـكـس
الـمـقـابـلـة مع غـسـّـان الـتـويـنـي , مـع أنــّـي لـسـت مـعـجـبـاً
بـهذا الأخير ولا ( بـعـبـقـريـّــتـه ) . والأمـر نـفـسـه يـنـطـبـق عـلـى
كـلّ ورثــة اّل الـجـمـيـّـل . ارحـمـوا هـذا الـشـعـب , دعـوه
يــتـنـفــّـس قـلـيـلاً بـعـيـداً عـن الـعـائـلـة و الـطـائـفـة و بعيداً
عـن بـرامـجـكـم الـتـي تـبـدأ مـن الـجـدّ الأكـبـر و يـبـدو أنـهـا
لـن تـنـتـهـي حـتـى تـقـوم الـقـيـامـة , و لـم و لـن تــُـقـدّمـوا
لـلـبـنـان و الـلـبـنـانـيـيـن سـوى الـويـل و الـخـراب .
هـنـاك عشرات ألـوف الـشـهـداء فـي لـبـنـان , كـلـهـم أبـريـاء
مـظـلـومـيـن ( لا أتـحـدّث عـن أيّ مـقـاتـل حمل سلاحاً
و قــُـتـل في الحرب الأهـلـيـّـة , هـؤلاء شـهـداء زعـمـائـهـم
لا شـهـداء لـبـنـان ) إن ( شـهـدائـكـم ) كـانـوا الأوفــر حـظــّـاً
فـي حـيـاتـهـم و بـعـد مـمـاتـهـم , ورثـوا الـبـلـد , و عـاشـوا
فـيـه كـالـسـلاطـيـن , ردّدوا الـكـلـمـات الـجـوفـاء , تـعـامـلـوا
مـع الـجـمـيـع , ثـم قـــُـتـلـوا فــداءً لـمـنـاصـبـهـم و زعـامـاتـهـم
و ورّثـوكـم الـبـلـد لـتـمـضـوا ( عـلـى خـطــّـهـم ) , ارحـمـوا
هـذا الـبـلـد , رحـم الله مـوتـاكـم أجـمـعـيـن .
دعـوا لـبـنـان يـنـهـض فـهـو الـشـهـيـد الـوحـيـد الـذي سـقـط
بـسـبـب سـيـاسـات و زعـامـات ( شـهـدائـكـم ) .
صـحـيـح أنّ لـكـل مـواطـن حـقــّـه فـي الـتـرشــّـح للإنتخابات
لـكـن في لـبـنـان بالـذات , هـذه كـلـمـة حـقّ يــُـراد بـهـا بـاطـل .
فـالـعـائـلـة السياسية في لـبـنـان تـرث الـبـلـد تـحـت هـذه الـعـناوين
فـلا أحـد يـجـرؤ عـلـى الـتـرشــّـح فـي وجـه سـعـد الحريري ( ابن
الشهيد ) لأنـه سيتحوّل إلى شريك في الجريمة و هـو خـائـن لـدمـاء
الـشـهـداء ( الـعـظـام ) . حـتـى دولـة الـرئـيـس سليم الحصّ الـذي
يــُـعـدّ واحـداً مـن أشـرف السياسيين في تاريخ لبنان , لـم يسلم من
الـتـحـرشـّـات و الـسـفـاهـات , بـعـد أن قــُـتـل سـيـاسـيـا بـأمـوال
الحريري الأبّ . و هـذا ينطبق أيضاً على كـلّ مـن يـفـكـّـر بالـترشـّح
أمام ورثـة الـعـائـلات الأخـرى , لـدرجـة أن أمـيـن الـجـمـيـّل ورث
كـل ( شـهـداء ) اّل الجميل و مـوتـاهـم , مـنـذ مـوريـس الجميّل
حـتـى بـيـار الابـن , مـروراً بـبـيـار الأبّ و بـشـيـر الأخ ( الـذي
شـاء الـوريـث الأكبرعلى الطرف الاّخـر سعد الحريري أن يـُـسـلـّم
تـركـة بـشـيـر لـلـزوجـة صـولانـج الجميّل في بيروت مـؤخـراً .
و الاّن نـديـم الإبـن يـسـتـعـد لـتـسـلـّـم الـتـركـة ) لـولا أنّ
رجـلاً عـصـامـيـّاً شـريـفـاً كـالـدكـتـور كـمـيل خـوري وقـف
أمـام أمين لأوّل مـرة و أزاحـه رغـم كـلّ الـتـوسلات بـدمـاء الإبـن
أمـام الـشـعـب . و الإعـابـة عـلـى الـدكـتـور خـوري و الـتـيـار
الـذي يـنـتـسـب إلـيـه ( التيار الوطني الحرّ ) لأنه تـرشــّـح ضـدّ
( والـد الـشـهـيـد ) .
مـن سـيـنـتـخـب نـايـلة تـويـنـي لـو لـم تـكـن مـن ( الـعـائـلـة ) ؟
مـالـذي يــُـمـيـّـز نـايـلـة عـن أيّ فـتـاة فـي الأشـرفـيـّـة أو في
لـبـنـان ؟ عـبـقـريــّـتـهـا ؟؟ لـو أجـريـنـا مـقـارنـة سياسية مـنـصفة
بـيـنـهـا و بـيـن الـنـاشـط الـسـيـاسـي الـشـاب المتميّز و المثقف
زيــاد عـبـس ( عضو الهيئة التأسيسية للتيار الوطني الحرّ ) ابـن
نـفـس الـدائـرة الإنتخابية , لاخـتـفـت تـويـنـي عـن وجـه الـخـارطـة
السياسية تـمـامـاً . لـكـن , مـن يـتـكـلـّـم عـن الإنـصـاف فـي لـبـنـان ؟؟
كـان أهـل صـيـدا يـحـتـفـلـون بــ ( نـصـيـر الـفـقـراء ) الـشـهـيـد
مـعـروف سـعـد , و كـان أهـل بـيـروت عـروبـيـّـون قـومـيـّـون
نـاصـريـّـون و مـا إلـى هـنـالـك مـن الـصـفـات الـجـامـعـة . و كـان
أهـل طـرابـلـس يـعـضــّـون عـلـى الـجـرح و يـنـتـظـرون حـكـم
الـقـضـاء فـي حـقّ قـاتـل ابـن مـديـنـتـهـم رئيس وزراء لـبـنـان
رشـيـد كـرامـة .
الاّن يـصـبـح لـبـنـان تــركــة لأكـثـر الأبـنـاء ثـراءً , هـو
مـن يــقـرّر مـن الـشـهـيـد و مـن الـمـجـرم , و مـن هـم أهـل
بـيـروت و أهـل طرابلس و صيدا الأصليين و من هم الـدخـلاء .
بـل إنّ قـاتـل رشـيـد كـرامـة يـقـف إلـى جـانـب ( ابـن الشهيد )
رفـيـق الـحـريـري فـي سـاحـة الشهداء و يــُـلـقـي أبـيـاتـاً مـن
الـشـعـر , بـل و أحـاديـث نـبـويــّـة أيـضـاً . ذاك ( الـقـدّيـس ) الـذي
أبـاد عـائـلـة فـرنـجـيـّـة بـدم بـارد و لـم تـسـلـم الطفلة جيهان طوني
فرنجية من رصاصاته رغم أنها لم تكن تبلغ من العمر سوى سـنـتـين
و نصف .
مـن يـتـذكــّـر الـشـهـيـد فـرانـسـوا الـحـاج الاّن ؟؟
ألـيـس فـرانـسـوا الـحـاج بـطـلاً مـن أبـطـال لـبـنـان ؟
مـن قــتـلـه ؟ لـمـاذا لـيـس هـنـاك مـطـالـبـات بـ ( الحقيقة )
و مهرجانات و ( بـيـع و شـراء ) في مـقـتـل الـشـهـيـد الـحـاج ؟
و لـمـاذا لـم يــورّث فـرانـسـوا الـحـاج لأولاده مـقـعـداً نـيـابـيـاً
أو وزارة ؟
لأنـه كـان بـطـلاً حـقـيـقـيـاً .
لأنـه شـهـيـداً حـقـيـقـياً , و لـيـس تـاجـراً .
رحـم الله فـرانـسـوا الـحـاج و كـلّ شـهـداء لـبـنـان الأبـطـال
الـفـقـراء الـمـظـلـومـيـن و شـهـداء الـجـيـش و الـمـقـاومـة .
و حـمـى الله لـبـنـان مـمـّن جـعـلـوه شـهـيـداً فـوق أضـرحـة
زعـامـاتـهـم .
لـو عـاد مـسـلـيـمـة الـكـذاب لـمـات كـمـداً , فـهـو لـن
يـحـتـمـل أن يـبـدو كـاذبـاً فـاشـلاً و سـخـيـفـاً أمـام
أسـاتـذة الـنـفـاق هـؤلاء .
جــو غـانـم