Friday, February 27, 2009

الهروب إلى الميدان

بالتأكيد تعرف أنت كما أعرف أنا أكثر من شخص مقصود بهذه العبارة ..الهروب إلى الميدان

ولعلني أكون أكثر مباشرة ..حين أقول أنني أقصد أولئك الذين ذهبوا إلى غزة وفضلوا _لبعض الوقت _ألا يعودوا أدراجهم إلى مصر ، وأعرف الكثير ممن كانوا يتمنون أن تتاح لهم هذه الفرصة لكي يذهبوا إلى هناك ويعيشوا حالة اليوتيوبيا الموجودة هناك بسيطرة حماس على القطاع ومما سمعوه عن الأساطير الحقيقية للبطولة من رجال المقاومة ، وهؤلاء إذ يقومون بحصد ما زرعه غيرهم تاركين ميادينهم التي فرض عليهم أن يجاهدوا فيها وألا يؤتى الإسلام من قبلهم عندها ربما يخيلون لأنفسهم أنهم يفعلون ذلك شجاعة وعزة ورغبة وربما فعلا تتواجد هذه الصفات في قرارهم ولكن يظل الصفة الوحيدة العميقة التي تظهر من قرارهم هذا هو الفراغ والبعد عن الله عكس ما قد يتخيلون .

الفراغ الذي أقصده هو فراغ شامل ، فهؤلاء ربما لا يشعرون أنهم يفعلون شيئا ذا قيمة فأحبوا أن ينتقلوا إلى مرحلة عمل شئ ،وذاك ربما يكون مرجعه إلى شيئين أولا الجماعة نفسها التي ربما لم تقم باستيعاب طاقة فائضة لدى هؤلاء الإخوة أو الشئ الثاني وهو الأرجح في نظري أنهم غالبا ما يتململون عند تكليفهم بأشياء من قبل إخوانهم

البعد عن الله سيبدو خفيا جدا ومتواريا في قرار كهذا وما أقصده ليس اتهام أحد أنا أسوأ منه ولكن أقصد أن البعد عن الله يولد إحساس باطني بالتقصير _حتى لو كان الأخ ظاهريا نشيطا_مما يدفعه إلى أن يذهب لأخوة نحسبهم أشد وأقوى إيمانا منا ويضع نفسه في مكان أشد خطرا كرغبة باطنية منه للتغيير والتقرب من الله

سميت هذا القرار بالهروب لأنه تماما كجيش يهاجم مدينة وكل فرقة منوط بها الدخول من مكان معين ونجحت فرقة ما من الجيش في فتح ثغرة والعبور لداخل المدينة فيكون المنطقي حينها أن تظل الفرقة متشبثة بالمواقع التي احتلتها وتسرع كل فرقة غيرها لمحاولة اللحاق بها في المكانة ودخول المدينة من المكان الذي حدد لها وأي تغير في ذلك أي أن أي فرقة ستحاول أن تهرب من مسؤليتها وتهرب ممن مكانها وتذهب لنفس ثغرة الفرقة الأولى ستحدث خللا في التوازن حيث إن المكان المحتل من قبل الفرقة الأولى قد لا يكفي أكثر من فرقة وكما أن هروب فرقة من مكانها سيشكل ثغرة يمكن من خلالها للعدو أن يفك الحصار بأن يخرج فرقة من جيشه من المكان الذي هربت من الفرقة الثانية وتأتي قوات العدو من الأمام والخلف فينهزم الجميع الفرقة الأولى التي نجحت والفرقة الثانية التي هربت من مكانها

إن قرار الهروب إلى غزة يحمل رغبة في إراحة البال وعدم التفكير في حل ما هو مفروض علينا من حل المشكلة التي نعانيها ويحمل يأسا من الفوز لا تليق برجل يدعي أنه يريد أن يحارب في سبيل الله ويدعي أنه يذهب إلى هناك لكي يرابط في سبيل الله

كما يحمل كمية لا بأس بها من الأنانية التي قد لا يفطن إليها صاحب القرار فبعضهم قرر ذلك ليشبع رغبة عنده في الاستفادة من ذاك الجو الروحاني الموجود هناك دون أن يكون فضلا في ذلك ودون أن يعمل على تحقيق ذلك في بلده

إن قرارا كهذا يحمل كمية من الحمق والسذاجة لا بأس بهما فماذا يفيد رجل أو اثنان أو ثلاثة أو عشرين لدعم قطاع فيه مليون ونصف إنسان هم أيضا مستعدون للشهادة

هذا الضيق في الأفق من الإخوة يوشي بوعي قبلي بدائي ويوشي بنوع من الأشخاص لم يتعودوا أن يتناقشوا في حل مشكلات الأمة مكتفين بمشاهدة الأخبار وهم حزانى دون أن وعي أو فهم حقيقين لسبل النجاة للأمة

وهذا النمط من التحرك الفردي يدلل على قلة الوعي بأهمية العمل الجماعي الدقيق التخطيط والذي لا يقوم على الحماسة المفاجئة والعواطف المجردة مع اعتبارهما في توظيف الأفراد للاستفادة من تلك الحماسة والعواطف

قلة الوعي بشئ ضروري لأي جماعة يدل على وجود خلل في الجماعة في توعية بأفرادها بالمبادئ التنظيمية وهو ما ينبغي تداركه بسرعة

..

6 ناس بتحشر مناخيرها في اللي ليها فيه:

إِيمَان عَاطِفْ said...

طالما أن هناك من هم بمثل تلك العقليات أعتقد أنه يمكننا تدارك ذاك الخلل
:)
ربنا يحفظلك اللى جوا راسك ده
ماشاء الله يعنى
!!
_____

تحليلك لهذا الفعل بما أسميته"الهروب" قد يكون صحيحاً وأنا معك لكن فلنحصر صحته ولنقول بأنه صحيح من تلك الزاوية التى رأيته منها
على جانبٍ آخر يمكننا أن نوجد تحليل آخر ومن زاوية أخرى ويمكننا أيضاً اثبات صحته
و إن تعارض التحليلان
!!
!أفهمتنى؟

belal said...

هي حلاوة اللسان وليس طيب المذاق وقراءة جيدة أكثر منها كتابة جيدة :)
..
ممكن نضيف بعد جديد ..هاضربلك مثال كنت بتناقش مع أخ عاوز يعمل كدا ..قلتله لو انتا فعلا عاوز تجاهد في فلسطين ما تروح الضفة اشمعنا غزة ..بس هما عاوزين غزة عشان حماس فيها ..عشان يحصدوا اللي زرعوا غيرهم من غير ما يكون ليهم فضل فيه ومن غير ما يحاولوا يزرعوا حاجة مفيدة في بلدهم
..

حالم said...

أخي العزيز ،، لن أطيل لأسباب تتعلق بي فربما كان ذلك أفضل،، ربما لم يكن هروبا بقدر ما كان دعما،، وربما كانت وجهة نظرك صحيحة،، ولذا فالأمر يستحق الدراسة لإصلاح بعض المفاهيم،، ولا أنسى تقديم التهنئة على هذا التحليل الذي يجب أخذه فى الاعتبار.... دمت بخير

يقين النصر said...

الفكرة التى أعتقد انها ناتج السنة كلها عندى والتى خرجت بها من زيارتى لأم نضال هى هذه الفكرة ..
دورى هنا ..لو اراد الله أن يخلقنى فلسطينية ولى دور فيها كان خلقنى هناك ..
بناء الأمم يحتاج الى صبر وثبات وتضحية ..
جزاكم الله خيرا ..
قليلا من الرحمة والرفق باخوانك لأن الظاهرة عامة وعشاق الهجرة الى الميدان كثيرووووووووووون ..

إسلام ناجح said...

أتفق معك تمامًا..
نفس ما فكرت فيه في البداية..
كرد فعل عاطفي..
أن أذهب لهناك حيث "المدينة الفاضلة"..

لكن وقتها وصلت إلى نفس ما فكرت فيه..
ماذا سأفعل لهم هناك!!؟
أعتقد لو سنحت الفرصة ساعتها لتراجعت..
لأن العقل كان يعترض في نفس اللحظة التي تتمنى فيها النفس هذا..

معركتنا هنا..
أنت تتمنى الذهاب لهناك.. وبجوراك من لا يدري ماذا يحدث هناك!!!؟
بأي عقل هذا!؟

الجهاد الإعلامي والدعوي في كل بلادنا ذو أهمية عظيمة..
لو يعلمون!

أتفق معك أيضًا في قضية توعية الجماعة لأفرادها بالأهداف الرئيسة
أعتقد أن تراجعًا يحدث في جوانب لحساب جوانب أخرى..

لا تنس حالة الإحباط واليأس من أن يتحرك أي أحد هنا بفعلٍ يرقى لمستوى الحدث والتضحيات هناك..
هذا دفع بالبعض أن يحاول النجاة بنفسه على الأقل..
سمِّها أنانية.... ماشئت!!

اصحى يا نايم said...

أعرف واحداً ممن تتحدث عنهم .. أعترف أنى فشلت فى اقناعهم فى البداية .. لكن يبدوا أن مقالك سوف يشجعنى لأعاود
الكرة

جزاكم الله خيراً