ستون عاماً من ذهب

ستون عاماً من ذهب

في محاولة للقيام برحلة تليفزيونية لمعرفة الجديد من أخبار البلاد والعباد ، أمسكتُ بجهاز التحكم عن بُعد وقمتُ بتمرير

القنوات إلى أن وصلتُ إلى قناة تحمل

اسم إمارة عربية ...

ليست هذه هي المشكلة ، ولكن المشكلة أنني وجدت في أعلى الشاشة على اليسار علمُ الدولة وقد كُتب تحته

(ستون من ذهب لصقر العرب) ...

تقولون أمر عادي ما المشكلة إذا؟؟!!

فأقول صبراً ..

أول ما جال بخاطري أنهم يحتفلون بميلاد حاكم الدولة - أو حاكم الإمارة- الستين ...

ولكن ما لبثتُ أن وجدتُ فاصلاً إعلانياً عبارة عن تهنئة لحاكم الإمارة بعامه الستين في الحكم!!

حيث أنه ولد عام 1918م وتولى حكم الإمارة عام 1948م...

وبالرغم من طول فترة الحكم (ربنا يزيد ويبارك) ॥ وبالرغم من أن هذا لم يحدث حتى في عصر الفراعنة سوى في

عهد رمسيس الثاني –الذي حكم مصر 62 سنة - ...

إلا أن كل هذا لم يثر تعجبي ...

ولكن ما أثار تعجبي وإعجابي بحق هو لماذا يحتفل أبناء إمارته بمرور 60 عاماً على حكمه بكل هذا الحب في الوقت

الذي يحتفل فيه شعبنا بعيد ميلاد الرئيس بترديد قصيدة أحمد فؤاد نجم

(سيدي الرئيس .. كل سنة وانت طيب واحنا مش طيبين) ؟؟!!

وما أثار تعجبي وإعجابي أيضاً هو كيف ظل هذا الحاكم ستون عاما في الحكم دون أن يخرج له معارض واحد ..

ولا حركة تقول له (كفاية) !!

في نفس الوقت الذي نحن خلال 25 عاماً

- كل عام منها تشتد فيه المعارضة والتنديد بالحكم والحاكم عن العام الذي سبقه -

بالتأكيد ليس لأننا أشجع منهم وأجرأ على الاعتراض ॥ ولا لأن (البوليس السياسي) عندهم أكثر حزما من عندنا ...

ولكن لسبب أبسط من ذلك بكثيـــــــــر ...

هذا السبب هو أن حكام هذه الدولة يراعون الله في رعاياهم ॥ ويوفرون لهم سبل الحياة الكريمة ...

حيث لا مرتبات تنتهي قبل بداية الشهر ... ولا تناحر على رغيف عيش ولا قتال كل صباح على المواصلات من أجل الوصول للعمل ولا تنصل من العادات والتقاليد والأعراف العربية الإسلامية ولا تهريب أموال البلاد إلى سويسرا ولا

ولا .......... إلخ ...

وهذا أبسط ما يريده أي شعب من حاكمه إن لم يكن هو كل ما يريده ...

ولذا نجد أبناء هذا الشعب يحبون حكامهم بحق دون تملق أو نفاق، حتى العاملون في هذا البلد من غير ابنائه يحبونه

باخلاص ...

ولذلك لم تظهر عندهم معارضة طوال ستون عاماً

ولذلك أيضاً نعلم لماذا ظهرت عندنا المعارضة طوال 25 عاما وقبلها أيضاً ...

فالمعارضة لا تأتي من فراغ

ولا هي هواية ولا مهنة من لا مهنة له ... ولا هي ادعاء كاذب .. ولا هي بطر بالنعمة ...

ولكنها مرحلة تأتي بعد تعب الحكام من التصفير واستنفاذ كل (كروت) الإنذار ...

فعلى الحاكم الذي يريد ألا يترك الحكم إلا ميتاً ، أن يجعل أعوام شعبه من ذهب ...

فهنيئاً لأهالي هذه الإمارة بأعوامهم التي كانت من ذهب ...

ولنا العزاء في أعوامنا التي كانت من ذهب أيضاً ، ولكنه ذهب من نوع خاص

إنه ذهبَ ولم يعد !!

بقلم:

مش عارفة

___________

حاكم الإمارة هو صاحب السمو الشيخ صقر بن محمد القاسمي ، حاكم إمارة رأس الخيمة..