Thursday, September 03, 2009

أسمي أحمر

الطريقة التي يعيش بها الكاتب تفوت عليه على الأقل
الإنغماس في نصف ما هو حقيقي في هذا العالم ...
التشويش الذي تقدمه لنا الكتابة والشخصيات غير الحقيقية
التي تسرح معنا في الشوارع طوال الوقت ... الأوهام والاحلام اللذيذة ... قسوة الارق والعجز
وربما بعض الوحدة أو الكثير من الحزن ، العالم المتخيل الرائع الذي يفوق ما يعرفه باقي البشر .
العالم المتخيل يضمن لنا قدرا لا بأس به من البهجة ...
يذكرني الامر طوال الوقت بقصة مصنع الشيكولاته التي يغيب الاطفال داخله في رحلة سحرية
للحصول على جائزة في نهاية الرحلة – في الفيلم – والحصول على سر ما في نهاية الحياة بالنسبة للكاتب .

ما الذي أريده من الكتابة ... سؤال سئ وفاشل
الحقيقة هي ما الذي تريده الكتابة منا ...
ما الذي تتركه الكتب في نفوسنا المرهقة لتزيد داخلنا الأسرار ورهبة المجهول
والمزيد من أكواب الماء المالح حيث لا سبيل للإرتواء .

منذ أيام كنا في حفل قراءات شعرية لدواوين صديقي الشاعر محمد أبو زيد
كنا في مكتبة " أفاق" انتهت مراسم توقيع الكتب وقراءة محمد لبعض أشعاره
ساد داخلي صمت طفيف نظرت حولي
وكان كل ما هناك... كتب وكتّاب
نظر لي صديق وقال تعرفين كيف هي الجنة – قلت وكأني قرات فكرته
- مكتبة – ابتسم وصمت

الجنة بالنسبة لطفلة قريبتي هي زحليقة كبيرة يمكنها أن تنال فيها أكبر قدر من المتعة ...
والجنة التي أعرفها " مكتبة – بها كل إصدارات دار المدى وورد ومكتبة نوبل
ولأنها جنة سيبقى هناك جوار كل مجموعة كاملة صاحبها
سيمكننا ان نتجول ونقابل ساراماجو ونتحدث عن روايته " العمى "
وسيخبره صديقي المترجم أحمد عبد اللطيف عن كل ما كتبه عنه ،
وسيشي له عن ارائي السابقة عنه قبل ولوجي لعالمه الصعب القاسي .
لأنها جنة سأتمكن من مقابله إيزابيل الليندي كلما شئت / ساتردد عليها اكثر من مرة في اليوم الواحد ساجلس جوارها على الأرض وسنهمس بكل الأسرار
سيمكنني الحصول على نسخة من كل الكتب التي أحبها – ستجئ لي نفس النسخ التي قرأتها فيها أول مرة حتى لو لم تكن ملكي وانما استعرتها من صديق واضطررت على مضض أن اردها له .

سنجتمع ذات التجمعات العقيمة المشوشة
كالمجانين سنتقاتل لأجل اراءنا عن – ماركيز ومارجريت اتود وكافكا وفوكو- سنتحدث عن تجسيد كونديرا للفراغ الثقيل ، ولن نخجل ان نصارح اورهان باموق انه كاتب مش جامد اوي وإن كان يرى ان روايته – اسمي احمر- تستحق الزهو فهي كذلك – واني لم أتوقف عن سبه لحظة واحدة طوال الستمائة صفحة ماذا كنت افعل كنت أقرا دون قدرة على التملص من الرواية ومع ذلك احمل لها كل البغض والانزعاج – لن اخجل ان اخبره اني أحب أنطونيو جالا اكثر منه بكثير .

ربما سأقف أمام خوان مياس واخبره بمراهقتي المتأخره معه ومع ما يكتب ساطلب منه توقيعا على كتبه المترجمة ولا انسى أن اتذمر من سلسلة الجوائز لأنها اعادت ترجمه رواية مترجمة له من قبل وتركت اكثر من عشر روايات اخرى سأجن حتى أقرأها
ربما يجلس جواري وقتها ويقرأ لي بلغة مشتركة ...

في الجنة الكثير من القهوة ومحمود نادل سوق الحميدية وعم صالح الذي يحبه أصدقائي ...
في الجنة لن نجد اي ناشر لأنه يكذبون كثيرا بشان مواعيد صدور الكتب
ستصدر الكتب تلقائيا كولادة الحوريات
سينتهي دور طه عبد المعنم نهائيا لأننا لن نحتاج للإعلان عن مواعيد الندوات وصدور الكتب الجديدة .

في الحقيقة نحن نعيش جنة خاصة بنا هنا على الأرض توارب لنا الكتابة ابوابها طوال الوقت .. نستمتع ونقرأ ونتجادل ونلعن أذواق بعضنا الرديئة
نمارس فعل الحب مع العالم والبشر بنصف ايمان ونصف تركيز
نعيش العالم السري الآخر مع شخصيات الحكايات ، مع الأحلام التي تنادينا كنداهة الساقية ... مع المزيج الكريه من الرغبة في التميز والاختلاف والبغض والحب
، نعيش هناك في مصنع الشيكولاته حيث ننتظر التذكرة الرابحة التي تعدنا بسر لم يصله له أحد . ونعدها نحن بأرواحنا دون ان ندري .

5 comments:

مصطفى ريان said...

حلوه قوي يا نهي
بس فى الجنه مش هنحتاج نكتب روايات اصل
مش هيكون فيه مشاكل ولا فساد ولاحاجات تنغص علينا عيشتناعلشان نكتب عنها ويحصل لنا فعل التطهر بالكتابه
تحياتى لك

Sharm said...

الحياة في الجنة افضل

محمد أبو زيد said...

مع تحفظي على قولك بانتهاء دور صديقنا طه ، خصوصا إن ده هيزعل منك زيان
، لكن بما إنك قلتي إن الجنة هيبقى فيها سوق الحميدية ومحمود ، سؤالي /هل سيكون مودوا فيها أيضا الأستاذ سيد ؟

زيان وزيري said...

انا متخيل يا افندم منظر صديقنا احمد عبد اللطيف و هو موقف قدامه عمنا ساراماجو و ماركيز و بيقولهم ازاي يتعاملوا مع العالم الجديد
و كمان متخيل منظر طه و هو بيتفق مع صديقي محمد ابو زيد علي حمله يقوم بها موقع الكتابه(http://www.alketaba.com/) عشان حفلة توقيع

تفتكري يا نهي موقع الكتابه هيقدر يلبي رغبات طه في الجنه

Anonymous said...

اللى شاغلنى قوى هو طه عبدالمنعم
معلهش يا نهى ممكن تشوفيله اى حاجة يعملها فى الجنة
يقول نكت مثلا

وبعدين ممكن تتخيلي الجنة بدون طه هتكون ازاى؟

 

كراكيب نهى محمود © 2008. Design By: SkinCorner