زيارة صحيحة في التوقيت الخطأ

ما لا يدرك كله لا يترك كله ، تمنيت زيارة "رأس البر" في الشتاء فلم يتحقق ذلك إلا اليوم ، صحيح أن الشتاء لم ينتهِ جغرافياً ، لكننا في مصر اصطلحنا على أن ينتهي الشتاء بنهاية فبراير ،ويبدأ الصيف بشم النسيم..، انتهزت فرصة الأجازة الرسمية وقمت برحلة منفردة خاطفة إلى هناك ، ولم أنجُ من مظاهر الشتاء برغم ذلك .. فالجو هذه الأيام يعطي جميع فصول السنة في يوم واحد!

صدمت لكون معظم المحال مغلقة ، صدمة اختفت بمعرفة السبب الذي يتلخص ببساطة في أن الموسم الصيفي لم يبدأ بعد .. لكني شعرت أن أصحاب المحال المفتوحة القليلين صدموا بزائر لم يتوقعوا توقيته ، ولهم حق ، فبرغم أن اليوم إجازة رسمية إلا أن عدد زوار المصيف بارع الجمال قليل ، ربما بفعل التوقيت ، أو بفعل الجو الذي "قَلَب" فيمَ بعد..

كان الجو-في بداية اليوم على الأقل- مذهلاً ، هواء عليل وأمواج هائجة وسماء غائمة ، وهدوووووء مطبق "بافتِرا" لم يقطعه سوى قليل من المغامرين الذين زادوا مع انتصاف النهار ، أفراد وعائلات ، استوقفتني منهم عائلة واحدة فقط كانت على بعد خطوتين من الكشك الخشبي الذي جلست تحته قبل مغادرة "رأس البر" بقليل..

عائلة جلست على قاعدة صخرية قليلة الارتفاع ، لم يمنع البرد أفرادها من الجلوس مباشرةً تحت السماء دون الاحتماء من الرياح -والمطر فيمَ بعد- بأي كشك خشبي من تلك المتراصة على امتداد الممشى ، بل لم يمنع الجد ، والأب ، والابن من تناقل الكرة فيما بينهم على تلك القاعدة الصخرية.. كما لو كنا في ذورة شهور التصييف..

هم يستمتعون بما يفعلون ، وهذه هي طريقتهم في الاستمتاع بالحياة بشكل عام فيمَ يبدو ، دون التقيد بوقت أو بحالة جو .. ربما كانوا من أهل المدينة أو من جوارها بما أن السواحليين "القراريين" هم دون غيرهم من يذهب إلى الشاطئ في أي توقيت حتى ولو في "عز البرد"..كان المنظر مبهجاً ، أعادني سنوات طويلة إلى الوراء وأعاد للذاكرة فاصلاً من اللحظات الجميلة .. لكن ما أسعدني أكثر أنهم - فيمَ بدا لي- أكثر تحرراً من أي انتقاد محتمل يمكن أن يوجه لمن يفعل فعلتهم ،و فعلتي أيضاً..

كل عام أنتم بخير ..

0 اتمحك معانا: