عمق المأساة!
ما الذي فعله مطاوع حين غادرت زوجته إلى منزل والدتها؟
من الطبيعي أن نتوقع الكثير، فداخل مطاوع يجلس نموذج صغير للشيطان، صنعه مطاوع بنفسه، ومنحه بعضاً من قدرته السحرية على التفلسف والتمنطق والتنظير، لذا فالنموذج يعطيه الأفكار، ويدله على الطريق الصحيح للخطيئة، كما أنه يهون عليه من آثار الـ"عط"، ويجعله في كامل إدراكه، بأن ما سوف يحدث، لن يكون بأي حال، أسوأ مما حدث بالفعل.
لدى السيد مطاوع يوم كامل من الحرية، المرح، القدرة على التجاوز والطيران، السهر، مرافقة هؤلاء السفلة في شوارع وسط البلد، التدخين داخل المنزل، والنوم بملابس العمل، والضغط على علبة المعجون من أي مكان، ورفع صوت التليفزيون، والحديث مع الصديقات حتى الفجر، وطلب دليفري من أي مطعم وبأي كمية، والإستماع لشريط هيفاء وهبي في السيارة، وأشياء أخرى يمكن التغاضي عن ذكرها..
لكن السيد مطاوع اختار، بإرادة حرة كاملة، وبإدراك كامل لحجم المغامرة، أن يجلس بجوار الدفاية، بملابس قطنية منزلية أنيقة، ويمسك بكتاب ضخم لـ"ميلان كونديرا" عن فن كتابة الرواية، ويشاهد فيلم "The Leading Man" على أو تي في، ومتابعة تقارير إخبارية مختلفة على الجزيرة والعربية، ثم النوم مبكراً، والإستيقاظ بفارق ساعة زائدة عن موعد استيقاظه الذي طالما حددته زوجته دون رغبة منه أو رضا.
فقط دخن سيجارة صغيرة، وطلب وجبة بسيطة من كوك دور، وخلع فردتي شرابه في الصالة، دون وضعهما في المكان المخصص، السلة البلاستيكية الخضراء في الحمام.
في الصباح، لم يختلف الأمر كثيراً، استيقظ وحده، ارتدى الـ"بورنس" على اللحم، وجلس يشاهد الجزيرة، قرأ صفحتين من كتاب "كونديرا" في الحمام، وأخذ "دشه" اليومي، ثم نزل إلى العمل.
يمكن هنا الإنتقال للسؤال التالي مباشرة، ما الفارق إذن الذي صنعه غياب زوجة مطاوع؟.
لا شيء على الإطلاق، فقط حصل مطاوع على حقه الطبيعي في الهدوء والسكينة والراحة والحرية، وهي أشياء لم يكن مطاوع يهتم لها في الحقيقة، كان يعتقد أنه يحب الضوضاء، ويكره السكينة ويمقت الراحة، ولا يحتاج الحرية. لكنه – كزوج يفكر جدياً في أن يصبح مخلصاً لزوجته – أدرك أن الإستغناء عما سبق ترف لا يقدر عليه.
وهل يجتمعان؟، مممم.. تفهمني؟.. اسألك.. هل تجتمع الزوجة مع الراحة والسكينة والهدوء والحرية والمتعة والفرحة والكسل اللذيذ؟..
فيما سبق، ظن مطاوع أن زوجته على علم بما يحتاج، هي أخبرته بذلك، هل اختلفت احتياجاته إذن؟. أم أن قدرة زوجته على المعرفة أصابها شيء ما.
ستنزعج زوجة مطاوع فور علمها بأن زوجها قضى ليلته جالساً في المنزل وحده يشاهد التلفزيون ويقرأ الروايات.. هل لأن زوجته تكره ميلان كونديرا، هل لأنها تخشى على زوجها من مشاهدة بعض الـ"مزز" في قنوات القمر الصناعي الأوربي "الحمامة الساخنة" أو "hot bird"، الحقيقة أنها ستنزعج لأنها تعرف – دون أن يخبرها أحد – أن قضاء زوجها ليلته في المنزل وحده، يعني فردتي شراب في مكان غير صحيح، وبقايا طعام من كوك دور على الأرض، وطفاية سجائر على مسند الكنبة، كما أنها متأكدة من أن زوجها لن يهتم لأمر ترتيب شلت الكنبة بعد قيامه، فهو يرى أن المظهر العشوائي للشلت على الجنبة أجمل وأرق.
يحتاج مطاوع من زوجته هذا الإنزعاج ولكن لأسباب مختلفة، يحتاج منها أن تفكر في السؤال الذي طرحته عليه مساء الأربعاء الماضي "مطاوع، هو أنت فعلاً بتنتهز الفرصة عشان تفضل وقت أطول برة البيت؟".. لم يرد مطاوع وقتها لكنه أعطاها إشارات بصرية ولفظية بأنه يوافق على ما قالت.
إن فكرت زوجته في سؤال ليلة الأربعاء، فستعلم بالتأكيد أن هناك أشياء بسيطة يمكن منحها له لضمان وجوده لمدة أطول. وهي أشياء، يرى مطاوع كأي ذكر، سهولة منحها. وضرورة الحصول عليها.
أثناء كتابة هذه السطور، تتصل زوجة مطاوع لسؤاله.. "آجي النهاردة ولا بكرة؟"، يجيب بصراحة وصدق نادرين، "النهاردة طبعاً.. ليه تستني لبكرة؟".. يدرك مطاوع أنه حصل على جرعته التي يريد، وأن الفرار من القدر سيزيد من عمق المأساة.
من الطبيعي أن نتوقع الكثير، فداخل مطاوع يجلس نموذج صغير للشيطان، صنعه مطاوع بنفسه، ومنحه بعضاً من قدرته السحرية على التفلسف والتمنطق والتنظير، لذا فالنموذج يعطيه الأفكار، ويدله على الطريق الصحيح للخطيئة، كما أنه يهون عليه من آثار الـ"عط"، ويجعله في كامل إدراكه، بأن ما سوف يحدث، لن يكون بأي حال، أسوأ مما حدث بالفعل.
لدى السيد مطاوع يوم كامل من الحرية، المرح، القدرة على التجاوز والطيران، السهر، مرافقة هؤلاء السفلة في شوارع وسط البلد، التدخين داخل المنزل، والنوم بملابس العمل، والضغط على علبة المعجون من أي مكان، ورفع صوت التليفزيون، والحديث مع الصديقات حتى الفجر، وطلب دليفري من أي مطعم وبأي كمية، والإستماع لشريط هيفاء وهبي في السيارة، وأشياء أخرى يمكن التغاضي عن ذكرها..
لكن السيد مطاوع اختار، بإرادة حرة كاملة، وبإدراك كامل لحجم المغامرة، أن يجلس بجوار الدفاية، بملابس قطنية منزلية أنيقة، ويمسك بكتاب ضخم لـ"ميلان كونديرا" عن فن كتابة الرواية، ويشاهد فيلم "The Leading Man" على أو تي في، ومتابعة تقارير إخبارية مختلفة على الجزيرة والعربية، ثم النوم مبكراً، والإستيقاظ بفارق ساعة زائدة عن موعد استيقاظه الذي طالما حددته زوجته دون رغبة منه أو رضا.
فقط دخن سيجارة صغيرة، وطلب وجبة بسيطة من كوك دور، وخلع فردتي شرابه في الصالة، دون وضعهما في المكان المخصص، السلة البلاستيكية الخضراء في الحمام.
في الصباح، لم يختلف الأمر كثيراً، استيقظ وحده، ارتدى الـ"بورنس" على اللحم، وجلس يشاهد الجزيرة، قرأ صفحتين من كتاب "كونديرا" في الحمام، وأخذ "دشه" اليومي، ثم نزل إلى العمل.
يمكن هنا الإنتقال للسؤال التالي مباشرة، ما الفارق إذن الذي صنعه غياب زوجة مطاوع؟.
لا شيء على الإطلاق، فقط حصل مطاوع على حقه الطبيعي في الهدوء والسكينة والراحة والحرية، وهي أشياء لم يكن مطاوع يهتم لها في الحقيقة، كان يعتقد أنه يحب الضوضاء، ويكره السكينة ويمقت الراحة، ولا يحتاج الحرية. لكنه – كزوج يفكر جدياً في أن يصبح مخلصاً لزوجته – أدرك أن الإستغناء عما سبق ترف لا يقدر عليه.
وهل يجتمعان؟، مممم.. تفهمني؟.. اسألك.. هل تجتمع الزوجة مع الراحة والسكينة والهدوء والحرية والمتعة والفرحة والكسل اللذيذ؟..
فيما سبق، ظن مطاوع أن زوجته على علم بما يحتاج، هي أخبرته بذلك، هل اختلفت احتياجاته إذن؟. أم أن قدرة زوجته على المعرفة أصابها شيء ما.
ستنزعج زوجة مطاوع فور علمها بأن زوجها قضى ليلته جالساً في المنزل وحده يشاهد التلفزيون ويقرأ الروايات.. هل لأن زوجته تكره ميلان كونديرا، هل لأنها تخشى على زوجها من مشاهدة بعض الـ"مزز" في قنوات القمر الصناعي الأوربي "الحمامة الساخنة" أو "hot bird"، الحقيقة أنها ستنزعج لأنها تعرف – دون أن يخبرها أحد – أن قضاء زوجها ليلته في المنزل وحده، يعني فردتي شراب في مكان غير صحيح، وبقايا طعام من كوك دور على الأرض، وطفاية سجائر على مسند الكنبة، كما أنها متأكدة من أن زوجها لن يهتم لأمر ترتيب شلت الكنبة بعد قيامه، فهو يرى أن المظهر العشوائي للشلت على الجنبة أجمل وأرق.
يحتاج مطاوع من زوجته هذا الإنزعاج ولكن لأسباب مختلفة، يحتاج منها أن تفكر في السؤال الذي طرحته عليه مساء الأربعاء الماضي "مطاوع، هو أنت فعلاً بتنتهز الفرصة عشان تفضل وقت أطول برة البيت؟".. لم يرد مطاوع وقتها لكنه أعطاها إشارات بصرية ولفظية بأنه يوافق على ما قالت.
إن فكرت زوجته في سؤال ليلة الأربعاء، فستعلم بالتأكيد أن هناك أشياء بسيطة يمكن منحها له لضمان وجوده لمدة أطول. وهي أشياء، يرى مطاوع كأي ذكر، سهولة منحها. وضرورة الحصول عليها.
أثناء كتابة هذه السطور، تتصل زوجة مطاوع لسؤاله.. "آجي النهاردة ولا بكرة؟"، يجيب بصراحة وصدق نادرين، "النهاردة طبعاً.. ليه تستني لبكرة؟".. يدرك مطاوع أنه حصل على جرعته التي يريد، وأن الفرار من القدر سيزيد من عمق المأساة.
5 التعليقات:
اقرأ نص اتفاقية منع تهريب السلاح لغزة
وادعوا الله ان يثبت مصر في عدم التوقيع عليها
االهم يارب
تعلم
قلة حيلتنا
فارفق بالمقاومة
و اننا نتبرا من الخونة و العملاء و الجهلاء
هايل
بس بما ان التعليقات عن فلستين
فأنا أحب أنا كمان أدعى
اللهم اخسف الارض بحماس، وامسح ذكرهم من الارض، وطلع الفلوس اللى مخزنينها ووزعها على الشعب الفسطينى
يا رب افشخ حماس
إذا سأكون تقريبا أول من يعلق علي هذه التدوينة ، أولا مطاوع يستحق الثناء علي محاولته أن يكون صادقا مع نفسه ثانيا يبدو أن مطاوع شخصية تعشق التمرد و تكره الانضباط شأنه كشأن أي رجل شرقي و لا عجب في ذلك, لطالما كان الرجل هو الطفل الذي أفسده دلال مجتمعنا الزائد , و أراهنك أن زوجته لو كانت غير ذلك لشكي سلوكها الفوضوي , أنصح كل من هو مثل مطاوع أن يسأل نفسه لماذا أقدم علي الزواج و هل منحه الزواج ما تمناه فإن كانت الإجابة لا فهل من الممكن أن يتغير ذلك و خاصة مع مطالب بسيطة و بريئة كهذه , المرأة المصرية تدرك أنها في مجتمع كاثوليكي بخصوص الطلاق لذا فهي تحافظ علي بيتها و أيضا المرأة بطبعها تستخدم الجزء العاطفي في مخها لذلك فزوجة مطاوع عندما وافقت علي الزواج منه فلإنها تحبه و بالتأكيد ستحاول أن تنفذ طلباته لكي تسعده
السلامك عليكم ورحمة الله وبركاته
هو مطاوع ده هو نفسه مطاوع اللي كان قاعد في الاوده اللي تحت السلم في كرداسه ؟؟
إرسال تعليق