Sunday, July 05, 2009

ند



مثلاً، كنت مقتنع أنني لست مُخطئ.. لذا قلت له مصارحةً أنني في كامل وعيي وأنا أسبُّه
لأنه يستحق، واستمررت شهرًا أو مايقارب ممتنع عن الاتصال به، حتى نزلتُ التكوينة، فقال رفيق مشترك أن الآخر عنده حساسية من النقطة التي وصفته بها، فطلبت منه رقم هاتفه لأتلفن له – بعد أن مسحتها – واتصلت به، وبعد أن عرف أنني المتصل أغلق الهاتف.

ربما السبب الأول لمحاولتي توصيل السلك معه، هو كونه فردًا في رقعة التكوينة، والقطع بيننا يجعل الأمر يحمل نوعًا من العلوقية، حين أدخل عليها وأتجاهل السلام عليه، أو يحدث منه الأمر ذاته. لذا كانت التكوينة فارضة نصوصًا يتوجب على الأفراد اتباعها، بطرق غير مباشرة.. لذلك كنت أقطع علاقاتي في الفترة الفائتة هربًا من أي نصوص سواء متحدة أو فردية..

الآن يجب أن أكمل الأمر لنهايته، يجب أن أكون ندًا مستقلاً، إن كنت داخلاً على ترصيصة كراسي المقهى، أن أسلم سلامًا متجاهلاً أحدهم، أو مستقبلاً للتجاهل المتوقع..

كنت أحب الاستماع لمشاكل الآخرين والأخريات، حتى أنني – كما قلت - انتحلت صفة الطبيب النفسي، طالبًا سماع المشكلات لمحاولة الوصول لحل. كنت مستمتعًا بقدرتي على ذلك، حتى أنني التقيت بأحد لاعبي كرة القدم، وأظنني سببًا في أنه يشق طريقه بقوة نحو الهبوط.
إلا أن فكرة الاستماع للمكتئبين الآن مستبعدة، بل و ربما كانت هي سببًا أوليًا في وضع صاحب اللسان – إن كان في بداية تعرفه معي – في خانة مستبعدة من الرفقة، وإن كان اللقاء ثالثًا أو رابعًا، ثم ظهر الأمر، أبدأ في مراجعة الحسابات.. الاستماع لشخص مكتئب لا يعينك على تكوين حل، هو شئ أقرب للعلوقية كذلك.. مايفيد أحدنا بممارسة العجز وتصديره لكلينا..

أحيانًا تكون الفضفضة أمتع مايكون، بل ربما صُنعت الرفقة من أجلها، لكن الفضفضة صانعة التغيير هي ما أتقبله الآن، ربما رغبةً في رؤية فعل له قيمة..

لم أعد أستطيع أن أتفاعل مع المنسحقين، لم أعد أتقبل إلا الأنداد.. ربما الانسحاق يجعل الأمر أشبه بالعابد والمعبود.. كثير يعرفون هذا، إلا أنهم مصرون على سد خانات البازل، حتى لا تكون خانات العابدين فارغة.. لا أستمتع بكوني المعبود في أحايين.. أشعر بالتقزز من عبادي.. لا أقصد أن حكم الإنسان لدي، هو مقدرته على التناطح.. الفكرة هي الند ..كفريد شوقي و محمد رضا في " 30 يوم في السجن".. وبعد العاركة يصبحا أصدقاء.. الأمر هو ذلك نوعًا ما..

أحيانًا أمارس الانسحاق، كوني متقلب المزاج بشكل مرَضي، مثلاً مع صاحب السيبر الذي أنشر عنده تلك التدوينة، لأنني ذهبت إليه أول مرة مكتئبًا، طالبًا الحساب بصوت خفيض، ولما سألني عما أطلب، كنت أشعر بغبائه لأنني أنهيت جلوسي، ولا شئ أطلبه منه إلا الحساب.. لذا سألته بملل عن الحساب.. فخرج صوتي خفيضًا، كأني أتكبر على قول جملة بدهية.. ومن وقتها وبدأ الصوت الخفيض في الظهور كل مرة ذهبت فيها إليه، كأني أرفض أن أخذله.. أو امتد بالمثال نحو اللعثمة أو الخوف من إلقاء نكتة هنا، لأنك تعرف أنك لم تصدِّر له أنك ابن نكتة في البداية، بينما أنت ابن نكتة مع آخرين لأنك صدَّرت هذا من البداية.. يعني، تغيير الانطباعات شئ مرهق، وربما محاولة تغييرها لا أملكها، لأنني أعتقد – بدون افتعال خالص – أنه لا يوجد مَن يستحق محاولة إصلاح الشكل عنده..

0 أنفاس: