كيف تكتب الرواية؟
30 أكتوبر 2008 مصنف في: عام , تعليقانالبارحة أنهيت قراءة غابرييل غارسيا ماركيز، كيف تكتب الرواية، قرأته بسرعة وبنهم شديد، في جلسة واحدة، الواقع أن هذا الكتاب هو أتفه ما قرأت هذا الأسبوع! لقد خدعت، لقد خدعني الكتاب، كنت أريد جوابا فنيا لبعض تساؤلاتي العميقة في فلسفة الكتابة، ولكن الكتاب عمق الأزمة وزادها غموضا! أحتاج الآن إلى وقت كاف لأفهم هذا السحر الجميل الذي يومض من كتابات غارسيا ماركيز، وأحاول أن أكتشف الخيط السحري الذي يجمع كل كتاباته، تقريبا لم أنم هذه الليلة، كنت أعاني من مشكلة حقيقية تتعلق بالجزء الثاني من روايتي السكين والوردة، أعدت تخطيطها من جديد، كدت أمزقها، أخذت وقتا كافيا لأراجع تمفصلاتها، لأنني لا أريد أن أكتب رواية عادية، أريد أن أكتب شيئا لم يكتبه أحد، أريد أن أكتب رواية مغربية جديدة غير مسبوقة في عالمها الروائي، وفي تقنيات كتابتها، هذا الأمر يشعرني بالقلق كلما جلست إلى مكتبي وبدأت في الكتابة.
في نصيحة لماركيز قدمها للروائيين يصر على أن أفضل طريقة لكتابة رواية هي أن لا تفكر في النجاح والفشل، عليك أن تكتب فقط دون أن تفكر هل تنجح أم ستخفق، مشكلتي أنا مع هذه الرواية هي أنني واثق من النجاح، نعم سأنجح في إتمامها، وستقدم شيئا جديدا للرواية المغربية، لأنني أكتبها بطريقة السرد المغربية، بعد دراساتي العميقة لطرق السرد المغربي الحقيقي في دراستي السابقة في قسم الدكتوراه، ورحلاتي الكثيرة في البادية المغربية وجمع أرشيف مهم لطرق السرد، لقد سجلت كل شيء عن طرق الحكي المغربي من تحريك الشفاه حتى نبرة اللغة، لا بد أن يغرق الروائي في خصوصيات بلده إذا أراد أن يتعاطف معه العالم.
أدهشني غارسيا حينما يتحدث عن كولومبيا، أحس أنه يتحدث عن هم إنساني مشترك، الألم عند الإنسان واحد، لا فرق بين إحساس وآخر، هل ضحكة الأمريكي الشمالي أرقى من ضحكة الإفريقي؟ لا يمكن أن يكون حزن الأوروبي المفجوع أقوى نبرة من حزن الإفريقي المكلوم!
سأتابع التجريب على هذه الرواية وننتظر لنرى ما سيحدث!
447 عدد القراء
عشر تدوينات للمطالعة.
20 أكتوبر 2008 مصنف في: عام , تعليق واحدليس لدي ما أكتبه اليوم، سأتفرغ في الأسبوعين القادمين لتحرير الجزء الثاني من روايتي "السكين والوردة" وفي نفس الوقت أفكر في ترجمة الجزء الأول إلى الفرنسية، لا أدري إلى متى ستبقى قاعدة القراءة العربية ضعيفة، إن الذي يكتب بالعربية يحس بالإختناق.
1- معرض فرانكفورت للكتاب في دورته الستين.
2- دروس اللغـة العربيـة تنعـش السيـاحـة المغـربيـة.
6- خطوات عملاقة في عالم الرسم الرقمي الفاخر.
8- REFLECHIR ET INFLECHIR.
Arts de penser et d’agir chez Michel de Certeau
9- Oksana Grivina (أوكسانا جريفينا)
10- The story of Palatino Arabic
377 عدد القراءالأزمة القيمية العالمية.
17 أكتوبر 2008 مصنف في: عام , تعليق واحديشهد العالم اليوم أزمة مالية خانقة تتفاوت حدتها من بلد إلى آخر حسب درجة التورط في النظام المالي العالمي. وقد عودنا التاريخ أن الحياة ستستمر رغم هذه الأزمات، ستستمر الحياة حتى لو أدى الأمر إلى موت تسعين في المائة من الناس بسبب الفقر والمجاعات…لا تهم التكلفة فالحياة ستستمر!
اعترف الأمريكيون اليوم بأنهم هم سبب المشكلة، ليس هناك عاقل واحد في العالم لا يعرف أن الأمريكيين هم رأس الفتنة في العالم، وليس هناك عاقل واحد ينتظر اعتراف الأمريكيين فالأمر واضح لا يحتاج إلى بيان!
ما الذي يتبع هذا الاعتراف؟ على الأمريكيين أن يعوضوا الدول المتضررة عن الخسارات الكبيرة التي تلقتها الاقتصاديات الناشئة، لكن هل هناك من يستطيع دفع الأمريكيين للتعويض؟
تأتيني أحيانا شكوك كبيرة في أن هذه الأزمة مفتعلة، أو هي بتعبير آخر فعل مدبر يحاول امتصاص الأرباح الكبيرة التي دخلت إلى الخزانات العربية خاصة من جراء ارتفاع أسعار البترول، للأسف فإن العرب لم يحاولوا أن يتعلموا من دروس التاريخ، أو لا يريدون أن يتعلموا من هذه الدروس، فالعالم العربي المنتج للنفط لن يضره أبدا أن يتوقف عن إنتاج النفط لمدة عشر سنوات، لسبب بسيط لا علاقة له بحسابات أساتذة الإقتصاد هو أن المواطن العربي يمتلك آليات دفع الجوع وراثيا، أجسامنا تستطيع تحمل الجوع ودفع الموت الناتج عن سوء التغذية وراثيا، ولو قدر لمواطن أمريكي أن يعيش في مجتمعاتنا بنفس السعرات الحرارية التي نأكلها في وطننا العربي فإنه لن يستطيع أن يقاوم أكثر من أسبوع حتى ينهار تماما، لا مبالغة في هذا الكلام فأنا أعرف العقلية الأمريكية معرفة جيدة! المواطن الأمريكي لا يستطيع أن ينام دون أن يأخذ حماما، ونحن نستطيع أن ننام عشر سنوات دون أن نفكر حتى في وجود الماء، المواطن الأمريكي يتذمر بسرعة لو انقطع التيار الكهربائي نصف ساعة، (راجعوا سجلات الحرائق في الولايات المتحدة الناتجة عن استعمال الشموع مثلا !) أما نحن فلا يكاد انقطاع الكهرباء يمثل مشكلة بالنسبة لنا، إنها هبة وراثية علينا أن نحمد الله عليها!
ربما تكون الأزمة مفتعلة سببتها سنوات من الفساد المالي والإداري، ولكنها لن تؤثر على مواطن عربي روث عن أجداده جينة الجوع الجسدي والفكري، وانغمس في مجتمع يسمى فيه الجشع ربحا والبهيمية حرية، وامتصاص دماء المستضعفين فائدة بنكية، حينما نتأمل هذه الأزمة المالية التي تأصلت بفعل أزمة قيمية عالمية قلما ينتبه إليها أحد، أو قد ينتبهون إليها وليس لهم الشجاعة الكافية للحديث عنها، ندرك أن مازال في الأمة العربية بصيص من الأمل يجب أن يحتذى به بفضل هذه الجينة العجيبة للجوع والقدرة على العيش بالحد الأدنى في درجة حرارة التبخر.
375 عدد القراءالمسؤولية الجماعية…
12 أكتوبر 2008 مصنف في: عام , لاتوجد تعليقاتعبارة "كلنا مسؤولون" أو "الجميع مسؤول" عبارة نسمعها دائما من رجال السياسة وبعض المثقفين، وهي عبارة تبدو عادية، أو يتوهم المستمع أنه يعرف معناها مسبقا وأنها لا تحتاج إلى تبيان، والواقع أنها عبارة مبهمة لا تحدد مسؤولية واضحة ولا مسؤولا مقصودا. أو هي بتعبير أكثر وضوحا: حق يراد به باطل.
بداية: المسؤولية التي نقصدها هي القيام بالواجب الذي يسند إلى طرف من الأطراف بشكل كامل ومتقن مقابل الأجر الذي يحصله من الخزينة العامة، سواء بالتعيين المباشر أو عن طريق اختيارات الشعب أو من يمثله.
المسؤولية تقتضي في هذه الحالة المحاسبة العسيرة، لأن المسؤول يكون في خدمة الشعب، الشعب هو السيد والمسؤول موكل للقيام ببعض المهام التي يكلفه بها الشعب مباشرة أو عن طريق من ينوب عنه، ونسبة تحقيق الأهداف التي يحددها الشعب هي الحكم في تقويم مسؤولية من يقوم بالمهام.
ما الذي حققه المسؤول الفلاني في المدة التي كلف بها في مهامه؟ وعليه أن يدفع الثمن غاليا إذا ما أخل بواجبه. بهذه الطريقة يحس كل من تقدم للمسؤولية أنه ليس في نزهة وإنما هو خادم للشعب، خادم بكل معنى الكلمة.
لا يمكن أن تكون هناك مسؤولية دون محاسبة، ولا يمكن أن تكون هناك محاسبة عادلة تحفظ الحقوق لأصحابها دون استقلال القضاء استقلالا تاما، فكما أن الدولة (أية دولة) لا تسمح لدولة أخرى بالتدخل في شؤونها الداخلية، كذلك القضاء عليه ألا يسمح لأية جهة كيفما كانت سلطتها أن تتدخل في شؤونه وما تتطلبه من إحقاق الحقوق ودفع المظالم.
عبارة المسؤولية الجماعية هي في الواقع كارثة تفتح الطريق لتدخل عدة أطراف في موضوع واحد، فتكثر الأخطاء وتطول فترة التنفيذ، وتبذر الأموال، والنتيجة النهائية لا شيء. لا شيء على الإطلاق.
المسؤولية إذن ليست جماعية، ولا يمكن أن تكون جماعية بأي شكل من الأشكال، من أخص خصائص المسؤولية أنها فردية، حتى لا يختفي الأفراد وراء الجماعات، جماعات الضغط أو اللوبيات المنتشرة في كل مكان، فتضيع الحقوق الأساسية، وتنتشر عدم الثقة في المؤسسات، فتفقد مصداقيتها القانونية والأخلاقية.
كم مرة ذهبتَ إلى الإدارة في حياتك، وكم مرة رأيت بأم عينك هذا التسيب في كل مكان، تقف بوثائقك أمام الموظف "المسؤول" تشرح له مشكلتك، وقبل أن يستمع إليك يقول لك بكل بساطة: ارجع في المساء! ولكن يا سيدي أريد وثائقي الآن، فيجيبك ببرودة أعصاب: ليست مشكلتي الذي يمضي الوثائق غير موجود، حسنا ومتى يكون موجودا، لا أدري ذهب في مهمة إدارية وسيعود، يمكنك أن تنتظر، حتما سيعود.
ثم تقرر أن تنتظر كما تعودت دائما على الانتظار، وفي الأخير تدرك أنه لن يعود.
نعم لن يعود.
رحل النهار، لن يعود!
رحم الله السياب، فلم يكن يدرك أن المسؤول أيضا لن يعود. فإذا فتشت عنه وجدته في مقهى منزوية في الشارع القريب. من أين جاءت هذه المشكلة؟ لأن المسؤول يدرك إدراكا جازما أنه بدون مسؤولية، وأنْ ليس بمقدور أحد أن يحاسبه، وأنه ليس هنا لخدمة الشعب، وإنما على الشعب أن يقف إجلالا له، فهو يقدم منة للمواطن وربما يظن نفسه فوق القانون.
هذا مجرد مثال لما نراه بأعيننا كل يوم في إداراتنا، وهو مثال بسيط يحدث في كل يوم، ناهيك عن المصالح الضائعة لأصحاب الحقوق، بل تعطيل درجة النمو والتطور، وتفويت فرص حقيقية للتنمية يمكن للبلاد أن تستفيد منها.
إذا دخلت أية إدارة عمومية أو أية مصلحة لقضاء أغراضك الإدارية، فتأكد جيدا من القسم المطلوب، القسم المتخصص في الغرض الذي جئت من أجله، فإن لم تعرف القسم استشر مع قسم الإرشاد إن كان موجودا، فإن رأيت المسؤولية منعدمة، فلا تترد في تذكير الموظف قل له ببساطة: "ولكن يا سيدي الإدارة في خدمة الشعب"، لعله يتذكر واجبه، فإن لم يتذكر فأمامك الكثير من الإجراءات التي يضمنها لك القانون: وأقلها الإبلاغ عن المعاملة. لكن أرجو أن تجد من يستمع إليك!
كتب هذا المقال يوم 18 يوليو، 2008 لجريدة العرب القطرية ولسبب ما لم أرسله للجريدة، ونشرته اليوم هنا بتصرف: حذفت ثلاث فقرات من المقال الأصلي.
243 عدد القراءبين السياسي والمثقف.
9 أكتوبر 2008 مصنف في: عام , 3 تعليقاتبداية لا تطالبني بأن أعرف لك من هو السياسي ومن هو المثقف، الأمر يشعرني بالتقزز، لأنني سأضيع هنا كثيرا من الوقت دون أن أصل إلى جواب مقنع، ومع أنني لا أرى فرقا كبيرا بين أن أقول: سياسي ومثقف فإن التعريف مع ذلك لا يختلف كثيرا عن قولك: إذا كنت تلد بيضة كل صباح فأنت دجاجة.
حسنا، إذا كنت تعتبر نفسك سياسيا فأنت متمرن على اللف والدوران، ولي عنق اللغة للوصول إلى ما تراه صوابا، المصلحة هي التي تحكمك، سواء كانت هذه المصلحة مرتبطة بك مباشرة أو بعشيرتك وقبيلتك، بحزبك السياسي أو بانتمائك الديني، وقد لا تعير الآخرين أي اهتمام إلا إذا أحسست بالضغوط تتوالى عليك من اليمين واليسار، عندئذ يمكنك أن تتنازل عن بعض الفتات من أجل أن تحمي المصالح التي تدافع عنها.
وإن كنت مثقفا فإنك بدون شك تجعل "الحقيقة" هي مثلك الأعلى، وتدافع عنها بشتى الوسائل، لا يهمك رأي السياسي فيك ولا ضغوطات اليمين واليسار، لأن هدفك الأول هو كشف الحقائق كما تجلت أمامك. وأنت من أجل هذه الحقيقة قد تتعرض لكثير من المضايقات سواء من السياسيين أو من رجال الدين، أو حتى من "بائعي المشروبات الغازية".
وأنت إذا تأملت جيدا، وفهمت ما أرمي إليه تجد خيطا رفيعا بين المثقف والسياسي، يحرص السياسي دائما على وصله، ويجب على المثقف أن يقطعه، هذا الخيط الرفيع هو الذي يمثل الفرق بين وظيفة السياسي ووظيفة المثقف.
وظيفة السياسي – في العمق- هي الدفاع عن المصلحة، ووظيفة المثقف هي تبيان المصلحة، إيضاحها وكشف أبعادها.
المشكلة عندنا هي هذا التداخل الفظيع بين الأدوار: يحاول السياسي أن يكون مثقفا فتتحول السياسة إلى نزعة تشويهية للعلم والمعرفة، ويحاول المثقف أن يكون سياسيا فتصبح السياسة بلا معنى، فتمسخ السياسة ويمسخ العلم، نفس الأمر يعمم على إشكاليات أخرى: حين يبدأ رجل الدين في المسجد بتحليل القضايا السياسية تصاب بالدوار، لأنه يكشف عن هوة كبيرة في فهم الواقع السياسي وتفسيره، المشكلة هنا أن عليك أن تمتلك قدرة كبيرة على المعرفة في الفصل بين ما هو من صميم الدين وما هو بعيد عن الدين، ينتمي إلى المصالح الآنية في عالم السياسة والناس، ولو اكتفى الفقيه بأمور الدين لقام بواجبه خير قيام وأعفى الناس من عنت كثير.
وقد يتجرأ السياسي فيشرح للناس مفاهيم الفلسفة وطرق تأويل النصوص وغيرها من إشكاليات أصحاب الاختصاص، عندئذ ستسمع العجب العجاب الذي ما أنزل الله به من سلطان.
هل استمعت يوما لمغنٍّ يشرح مفهوم الثقافة، من سوء حظي وقع الأمر معي، في الواقع كان يتحدث كما لو أن الثقافة هي الغناء، ولو قال الغنى (المال) لقلت إن الرجل صادق فهو ينقل ما يعيشه ولعله نقد لاذع لأولئك المثقفين المنزوين في خيالهم يعتقدون أن زمن الكلمة والحرف يجعلهم يعيشون فوق الجميع، وأنهم أنبياء المجتمع أو هم إلى الأنبياء أقرب.
على السياسي أن يعرف حدوده فيلزمها، وعلى المثقف أن يفعل الأمر نفسه، وإذا استطاع المثقف أن يكون ناصحا أمينا للسياسي فعليه ألا يتردد لحظة واحدة في تقديم النصح لمن طلبه. وفي هذا دعوة لمثقفي العالم العربي عامة والمغاربة خاصة على تقديم رسالتهم المعرفية بعيدا عن استغلال الساسة وأشباه الساسة، في استقلال تام، وكل مثقف يسخر قلمه للدفاع عن الظلم كيفما كان نوعه يفتضح أمره إن عاجلا أو آجلا، وبين العاجل والآجل تضيع الحقوق وتختل التوازنات، وتحتدم الصراعات، ونضيع وقتا طويلا في تلطيف الخواطر وردم ما خربته الأيام، وهو وقت نحتاجه في إخراج البلاد من الفقر والتخلف إن سلمت النيات وعقدت العزائم وحرص كل ذي مسؤولية على إتقان مسؤوليته.